رغم الأصوات المعتدلة في إسرائيل والتي ترى في سياسة التطرف الشارونية ما يسيء الى أمن إسرائيل ويضعها دائما على صفيح ساخن من أبرز سماته هذا التوتر والغليان في أراضي السلطة الفلسطينية وفي أقليم شبعا اللبناني, إلا ان الفوز الذي أحرزه شارون في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة يصرح دون تلميح الى ان الشعب الإسرائيلي اختار بطوعه واختياره طريق التطرف والعنف والدموية, وهو طريق سوف يؤدي الى تصعيد التوتر خلال السنوات القادمة الى أعنف درجاته, فالتصويت لصالح شارون يعني فيما يعنيه ان شعب إسرائيل صوت لاغلاق المناطق الفلسطينية, وصوت لتشديد الحصار على الفلسطينيين, وصوت لحظر التجول, وصوت لهدم المنازل على رؤوس أصحابها, وصوت لمزيد من التوسع الاستيطاني على حساب حقوق فلسطينية مشروعة, وهو تصويت يؤيد سياسة القمع والتعسف والقهر ضد شعب فلسطين, وبالتالي فان وتيرة الغليان في الأراضي الفلسطينية سوف تزداد وتتصاعد, فالتصويت الذي حدث يعني فيما يعنيه تأييد الناخبين دون روية او تعقل او حسبان للسياسة الدموية التي يمارسها شارون, هذه السياسة التي سوف تجر المزيد من الويلات على إسرائيل, وسوف تؤدي الى ضرب عملية السلام في مقتل واجهاضها تماما وادخال دول المنطقة في دوامة صراع طويل لا يمكن التكهن بنهايته, فما حدث في الانتخابات الإسرائيلية لا يفسر إلا بانه انتصار للتطرف والتعسف والدمار, وانه هزيمة مشهودة لأصوات المنطق والتوازن والتعقل والسلام, وسوف يعود ذلك بنتائج وخيمة على السلام في المنطقة, فشارون لا يريد سلاما مع الفلسطينيين, وانما يريد اشعال الحروب, واحباط الإرادة الفلسطينية, واذكاء فتائل الغضب في قلوب العرب أجمعين, وهو أمر من شأنه تفريخ ألوف الانتحاريين وزرع مساحات شاسعة من الاضطراب داخل الأراضي الفلسطينية وفي قلب إسرائيل, ورغم ذلك فان العرب يتطلعون الى السلام كخيار وحيد للأزمة العالقة بينهم وبين إسرائيل, فسياسة القمع والإذلال والتدمير التي يمارسها شارون ضد الفلسطينيين لن تجديه نفعا, وبالتالي فان من انتخبوه من المتطرفين والسابحين في بحر دمويته سيعضون بعد ذلك أصابع الندم في وقت لن ينفع فيه الندم.