كيف نميز بين المتحدثين في التليفون من خلال معرفتنا لاصواتهم دون ان نراهم؟ فنحن نميز صوت صديقنا عن اخينا بل نستطيع ان نتعرف على جنس المتحدث ذكرا كان ام انثى, طفلا ام شابا ام شيخا واكثر منه تمييز منطقته وبيئته ومستواه الثقافي, ويتيح الصوت مجالا لرسم الشخصية بأدق تفصيلاتها فانت تستطيع ان تحكم ان محدثك بالتليفون جالس منتصب او مسترخ بيده ورق ام مقبل على مكالمتك او منصرف عنها, مستلق ام ماش, سعيد فرح ام بائس تعيس اهو مريض ام معافى اياكل ويبلع ام يمضغ علكا وقضايا كثيرة مثيرة للخيال تتصل بسماعنا للصوت في التليفون فكيف نتمكن من ذلك ومحدثنا لانسمع الا صوته؟ ان الخصائص النطقية الخلقية والمكتسبة تعمل على منح الصوت بصمته التي تميز شخصيته الخلقية تتعلق بخصوصية اعضاء النطق عند المتكلم فاولئك الذين نلحظ في اصواتهم غرغرة اي يكون الصوت مشوبا بصوت الغين مصدره ان هناك تصلبا او ارتفاعا في مؤخرة اللسان اما من نصفه بالمتكلم الخنف فيفسر انه نتيجة عاهة عضوية او ضغط للسان او انكماشه الى الداخل بحيث يصبح عائقا امام خروج الصوت كله من الفم فيتسرب من الانف. كما قد يكون هناك ابتعاد خلقي في الوترين الصوتيين مما يؤدي الى خفوت ملازم للصوت. اما من تندفع اصواتهم منسابة من الحنجرة نتيجة تصلب اعصاب الرقبة والحنجرة فتكون اصواتهم فاقدة للون والتكييف الذي تعطيه عادة الاوتار الصوتية في داخل الحنجرة وللتنفس وطريقة خروجه اثر في اجهاد الصوت بحمله على طبقة لا تلائمه. وللحالة النفسية عند المتحدث والمستمع اثر في تمييز الصوت او خلطه بصوت آخر فنحن نهاتف شخصا ما وقد استقر في وعينا انه هو من سيجيب على الهاتف وقد لا نكون قد تهيأنا نفسيا لرد آخر, وكم اقسم مجيب على الهاتف انه ليس الشخص المطلوب الا ان المتحدث يرفض ذلك لانه غير مستعد لسماع شخص آخر. ويعين كثيرا معدن الصوت وطبيعته من حيث الحدة والخشونة في تمييز الاصوات ولبعض الاصوات صفات نجدها عند طائفة من الناس لكن لكل منهم صفة لا يشترك فيها مع تلك الطائفة وقد تظهر عند غيرهم ممن يمتلكون صفة لا يملكها صاحبنا ذاك. فالصفات كالدوائر المتقاطعة تلتقي في نقطة وتتباين في اخرى وهذا ما يجعلنا نخلط في الاصوات كما ان الصفات المشتركة عامل في تقوية ملكة تقليد الاصوات عند من يمتلكون تلك المهارة. وللعادات النطقية المكتسبة في المستوى الاجتماعي والثقافي كالتدريب تأثير في تعديل بعض الخصائص النطقية كان يخفض او يرفع المتحدث من ترددات حزمه الصوتية بما يوافق نموذجا اجتماعيا عندما يحتذي المتحدث بطريقة شخصية محبوبة او نجم مشهور في الفن والاعلام او السياسة او الرياضة فنجد المتحدث يجتهد في تحوير عاداته النطقية ليحقق تلك الغاية. ولقد وقعت في مواقف محرجة عندما اهاتف صديقة وترد علي العاملة في المنزل وتكون ممن اكتسبن طريقة ربة المنزل في عاداتها النطقية بحيث لانميز بينهما في الهاتف.