فاتت على منطقة غرب أفريقيا فرصة طرح عملة موحدة، وهو إجراء كان من شأنه تحسين الاوضاع في بلدان تلك المنطقة الفقيرة. فبموجب خطط طويلة الامد من المفترض أن يكون لجميع دول المنطقة من خارج دول المستعمرات الفرنسية السابقة عملة موحدة عام 2003. لكن ستة دول بغرب أفريقيا من خارج المستعمرات الفرنسية السابقة، وهي نيجيريا وغينيا وليبيريا وسيراليون وغينيا وجامبيا، ستفوت المهلة لفشلها في الوفاء بالمعايير الصارمة للتأهل. وبدلا من ذلك حدد قادة هذه الدول الذين التقوا الشهر الماضي في العاصمة الغينية كوناكري مهلة جديدة هي الاول من يوليو عام 2005 لطرح عملة موحدة على أمل الانضمام مع دول غرب أفريقيا الفرنسية في عملة واحدة في موعد لاحق. وكان الوفاء بمعايير الانضمام مهمة صعبة على الدوام بالنسبة للدول الست خارج النطاق الفرنسي على الرغم من روح التفاؤل التي ظلت سائدة في نفوس المسئولين والسياسيين من أن الوحدة النقدية ستنطلق بسهولة. فقد قالوا أن مستوى الاهتمام كان مرتفعا للغاية من جانب جميع الدول عدا ليبيريا التي كانت البلد الوحيد الذي لم يوقع اتفاق المنطقة النقدية لغرب أفريقيا. وفي تقييم صريح للوضع صرح وزير مالية غانا ياو أوسافو-مافو بأن مراجعته للوضع في يونيو الماضي أشارت إلى أنه "ما من بلد في المنطقة تمكن من الوفاء بمعايير الانضمام . وكانت معايير التأهل تلزم الدول الاعضاء بخفض أرقام التضخم إلى رقم من خانة الآحاد بحلول عام 2000 وإلى ما لا يزيد عن خمسة بالمائة بحلول عام 2002، وخفض عجز الميزانية إلى معدل خمسة بالمائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2000 وأربعة في المائة بحلول عام 2002. وشملت الاجراءات الصارمة الاخرى خفض تمويل العجز في موازنات البنوك المركزية للدول الاعضاء إلى مادون مستوى عشرة في المائة من الايصالات المالية للعام السابق عليه، والاحتفاظ برصيد من العملات الاجنبية يكفي لتغطية الواردات خلال ستة أشهر بحلول عام 2003. وقال أوسافو-مافو "إذا كنا نعتزم تلبية هذه المعايير، فإنه يتعين بذلك جهد كبير من جانب الحكومات على الصعيدين السياسي والاقتصادي لان خفض نسبة التضخم إلى خمسة في المائة يتطلب قدرا كبيرا من مهارات إدارة الاقتصاد . وربما لم يكن مفاجئا أن بلدا واحدا - هو جامبيا - استطاع تجاوز أول مجموعة من العقبات في نهاية عام 1999. فقد لبت جامبيا المعايير الاربعة، في حين أن نيجيريا صاحبة أكبر اقتصاد في غرب أفريقيا لبت ثلاثة، وغينيا وغانا اثنين، وسيراليون واحدا فقط. ولكن الآن، فإن جامبيا نفسها تراجعت. ووصف محافظ البنك المركزي الغاني بول اكواه صاحب خبرة السنوات الطوال في العمل مع مؤسسات بريتون وودز في واشنطن، القضية بأنها قضية التزام. ويضيف اكواه شارحا تلك الالتزامات بأنها "التزامات بتطوير سياسات يكون لها الاثار المهمة لتشجيع الاقتصادات الصغيرة .. والتزام بإصلاح السياسات المالية العامة وتسوية المتأخرات ومراعاة الانضباط في كافة الاقتصادات . وأضاف أن الدول المعنية بحاجة إلى تطوير إجراءات تدمج اقتصاداتها وتجعلها في مصب واحد يتسم بالكفاءة الاقتصادية والمالية. وتابع "وهذا يعني إسقاط العوائق التجارية وتوحيد التعريفات الجمركية وتوفيق الانظمة الضريبية، وتوفيق الاطار التنظيمي . يذكر أن منطقة غرب أفريقيا تضم نحو 210 ملايين نسمة ويبلغ إجمالي الناتج القومي السنوي لجميع دولها 105 مليار دولار. ويشير مسئولو منطقة الايكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) أن العملات المشتركة تمثل الآن قوة معظم الاقتصادات الاقليمية وأنه يتعين ألا تتأخر غرب أفريقيا عن الركب. ويشير هؤلاء إلى أن دعم المدفوعات والتجارة والاستثمار عبر الحدود من خلال استخدام عملة مشتركة هو أحد سبل تحقيق اندماج الاقتصادات. كما أن العملة الموحدة ستقضي على العمليات المنتشرة لتهريب العملة التي تتم عبر الحدود حيث يشجع التفاوت في أسعار العملات حاليا بين الدول على ذلك. ويدفع اقتصاديون بأن على حكومات دول الايكواس الحفاظ على استقرار الاسعار وخفض الاتجاهات التضخمية وتعديل أوضاع الاحتياط الاجنبي. ويضيف هؤلاء أن وجود عملة مستقرة قوية قابلة للتحويل من شأنه تحسين القوة الشرائية لاجور العمال. ويشيرون إلى أنه سيمثل ميزة كبرى لرجال الاعمال حيث ستحدد الاسعار بعملة واحدة. ولن يكون هناك خسارة ناتجة عن أسعار تحويل العملة وعمولات التحويل ومن شأن هذا تشجيع تحرير التجارة وبناء الثقة بين اقتصادات الدول الاعضاء. لقد تم وضع التصور العام، ولكن وكما يعرف وزير مالية غانا، فإنه يتعين عمل الكثير لو قدر لتلك الدول أن تلحق بالمهلة الثانية.