تمر وزارة التعليم العالي والمؤسسات الجامعية في الوقت الراهن بمتغيرات وتواجه تحديات ولابد لها من الاستجابة الفاعلة والفعالة لتواكب هذه المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. ولابد لها لكي تحقق النجاح من اعادة النظر في كل ما يتعلق بالتعليم العالي اداريا واكاديميا. واعادة تنظيم وتطوير خارطة هذا التعليم الذي يشكل الاساس في تطور المجتمع السعودي حاضرا ومستقبلا. ومن المسلمات البديهية ان التعليم العالي لا يمكن له ان يحقق اهدافه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية اذا كانت أوضاعه مرتبكة ومناهجه غير قادرة على تلبية متطلبات سوق العمل من جهة. وغير قادرة على اعداد الانسان السعودي ليحمل علما وفكرا واعدادا يمكنه من العمل المنتج في الميادين الانمائية بكفاءة عالية ومهارات متطورة. وتفرض التحديات الراهنة التي تواجه التعليم العالي في بلادنا. البدء في عملية تطبيق مبادئ الجودة الشاملة. ومن هذه التحديات: @ الاهدار المالي الكبير الذي يتم انفاقه لتعليم ابناء المجتمع السعودي ليحملوا شهادات ورقية تمنحها لهم مؤسسات جامعية تكلف عشرات المليارات من الريالات لاهم لها سوى تكريس معلومات يمكن الاطلاع عليها في المنازل من قبل الطلبة بنين وبنات ويخرجون منها حاملين شهادات بعد قضاء فترة من اعمارهم دون تدريب او تأهيل للعمل في المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية مثل كليات البنات وكليات واقسام اخرى في الجامعات. وتؤكد الخطة الخمسية الانمائية السابعة على ان هناك خللا في التعليم العالي في بلادنا ينعكس في امرين مهمين: اولهما : تدني الكفاءة الخارجية لمؤسسات التعليم الجامعي المتمثل في عدم قدرة مخرجاته على تلبية متطلبات سوق العمل السعودي وبروز ظاهرة البطالة بشكل واضح في صفوف الخريجين, وندرة خريجي التخصصات الحيوية ويعتبر الانفاق على تلك التخصصات التي تعج بغالبية طلبة الجامعات اهدارا للمال العام وانحرافا عن تحقيق الاهداف التنموية واهدار للطاقات البشرية. وثانيهما : تدني الكفاءة الداخلية في الجامعات المتمثل في التسرب الطلابي والاخفاق الدراسي وتردي الجودة النوعية - لدى شريحة من الطلبة. @ ومن التحديات الراهنة للتعليم العالي: النمو السكاني الهائل والضغط الاجتماعي المتمثل في تزايد الطلب على التعليم الجامعي. وظلت الجامعات والتعليم العالي بعيدا عن ادراك هذا التحدي وبعيدا عن ادراك خطورته ولم يلتفت اليه بشكل نشط الا في السنوات الثلاث الاخيرة من خلال الكتب الاحصائية السنوية لوزارة التخطيط. @ وثالث التحديات ان خارطة التعليم العالي في البلاد ممزقة ولم يحدث لها ترقيع او معالجة بما يدل على فكر اداري متقدم. فوزارة المعارف بكلياتها للبنين والبنات ووزارة الصحة وغيرها والجامعات كل في معزل ولاتنتظم امورها في وحدة قيادية واحدة تكون قادرة على توحيد الاسس الاستراتيجية لمستقبلها وقادرة على تنسيق اعمالها الاكاديمية والادارية والمالية. @ اما رابع التحديات فهو افتقاد التنسيق بين مؤسسات التعليم الجامعي فيما بينها وانتشار الازدواجية والتكرار وضياع الجهد والوقت والمال. @ واخيرا وليس آخر التحدي الخامس وهو عدم التنسيق في وضع مناهج المؤسسات الجامعية بينها وبين المستفيدين كسوق العمل واحتياجات المجتمع ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص وكذلك ميول الطلبة. وتحاول وزارة التعليم العالي في هذا البحر المتلاطم من التحديات ان تضع حلولا ومعالجات هي في الواقع ردود فعل لهذه التحديات اكثر منها اسسا استراتيجية. فشرعت في افتتاح كليات المجتمع. كما بدأت تدرس طلبات افتتاح كليات اهلية لاول مرة رغم اهمية مشاركة القطاع الخاص في التعليم الاهلي الجامعي وعدم الاعتماد الكلي على القطاع العام. فالقطاع الحكومي في المملكة يقوم بتمويل التعليم العالي بنسبة 100% , بينما في الدول الاخرى يقوم القطاع الخاص بتمويل التعليم العالي بنسبة 60 الى 70%. @ ونظرا لما تتسم به مؤسسات التعليم الجامعي في البلاد من تخلف تنظيمي واداري واكاديمي باستثناء جامعة الملك فهد بالظهران فان الحاجة ملحة الى تطبيق (مبادئ الجودة الشاملة) في جميع المؤسسات الجامعية في المملكة وفي وزارة التعليم العالي. لاسيما ان امامنا دراسات متعمقة للاخذ بهذه المبادئ في ادارة تنظيم التعليم العالي وتطويره اكاديميا واداريا وماليا. ومن تلك الدراسات الحديثة التي تناولت هذا الموضوع دراسة الدكتورة حياة محمد الحربي وهي بعنوان : (ادارة الجودة الشاملة كمدخل لتطوير الجامعات السعودية) التي صدرت عن كلية التربية بجامعة ام القرى بمكة المكرمة فقد تبين لي انها من اعمق الدراسات التي تناولت تطبيق مبادئ الجودة الشاملة في التعليم العالي. واجدها تحمل حلولا لمشكلات التعليم العالي ومؤسساته وتضع استراتيجية لتطويره. ومن خلال المعلومات النظرية والميدانية وتحليلها خرجت الدراسة بنتائج ذات اهمية قصوى لتطوير الجامعات السعودية ومنها : @ وافقت غالبية عينة الدراسة من اعضاء هيئة التدريس من الذكور والاناث من جامعة ام القرى, وجامعة الملك خالد وجامعة الملك فيصل وجامعة ام القرى, وجامعة الملك خالد وجامعة الملك فيصل وجامعة الملك سعود على تطبيق مبادئ ادارة الجودة الشاملة كمدخل لتطوير الجامعات السعودية. @ نال مبدأ التخطيط الاستراتيجي للجودة الشاملة على الترتيب الاول نظرا لأهميته القصوى وكذلك الفقرات الممثلة لهذا المبدأ ومنها : * التخطيط لتقديم برامج تعليمية تهدف الى تحقيق مستوى عال من جودة التعليم والتعلم. * ان تكون للجامعة او المؤسسة الجامعية سياسة توضح تصورها المستقبلي لتحقيق الجودة الشاملة. * التخطيط لايجاد هيئة اكاديمية متميزة تمكن الجامعة من تقديم خدماتها بجودة عالية. * التخطيط لرفع مستوى جودة الاداء الوظيفي لمنسوبي الجامعة. * التخطيط لتطوير الانتاجية العلمية للهيئة الاكاديمية وتجويدها. * اجراء الدراسات التقويمية التي تهدف الى تحديد نقاط الضعف والقوة في الجامعة. @ وافقت غالبية العينة على مبدأ القيادة الفعالة لتطبيق ادارة الجودة الشاملة في الجامعات السعودية. @ كما أيدت غالبية العينة مبدأ التعليم والتدريب المستمر لمنسوبي الجامعة. @ وأيدت الغالبية مبدأ التحسين المستمر للجوانب الاكاديمية والادارية. @ وكذلك مبدأ توفير المناخ الداعم لمنسوبي الجامعة والطلبة لابداء آرائهم دون تخوف، للاستفادة منها في التطوير والتحسين. @ وأبدت الغالبية مبدأ تلبية حاجات المستفيدين من الجامعة مثل مؤسسات سوق العمل السعودية بما يلبي متطلباتها من الخريجين وتخصصاتهم واعدادهم، وكذلك الطلبة والمجتمع وغيرهم. @ وكذلك مبدأ تطوير علاقة الجامعة بالجهات التي تمدها باحتياجاتها من ممولين وموردين ومؤسسات. @ وأيدت العينة مبدأ دعم التعاون الجماعي وتكوين فرق العمل لتطبيق وتحسين الجودة في كل خدمات الجامعة. وهذه المبادئ التي وافق عليها اعضاء هيئة التدريس في الجامعات الاربع التي تشكل مبادئ ادارة الجودة الشاملة توفر الاسس العملية للانتقال بالتعليم العالي من حال الى حال اكثر تطورا واكبر فعالية انتاجية. واوصت الباحثة الدكتورة حياة الحربي بعدة توصيات منها : @ ضرورة اقتناع المسئولين في التعليم العالي بجدوى واهمية تطبيق مبادئ ادارة الجودة الشاملة في التعليم الجامعي لمعالجة قضاياه ومشكلاته ولمواجهة التحديات الكثيرة وقيامهم بالتوعية بأهمية تطبيق هذه المبادئ وادواتها وتقنياتها لتطوير مؤسسات التعليم العالي من خلال : * عقد الندوات والحلقات الدراسية التطبيقية (ورش العمل). * عقد الحلقات الدراسية لمديري الجامعات والمسئولين فيها. @ واوصت بالاستعانة بالهيئات والوكالات المتخصصة في تطوير الجودة الشاملة في التعليم العالي في الدول التي قامت بتطبيقها. @ واوصت الباحثة بمساعدة مؤسسات التعليم العالي في اجراء الدراسات التقويمية الذاتية. @ واقترحت ان تقوم وزارة التعليم العالي بوضع المعايير لمنح جائزة لافضل المؤسسات الجامعية التي تطبق مبادئ ادارة الجودة الشاملة. @ ومنح الجامعات التي تستوفي تطبيق هذه المبادئ مميزات مالية ومعنوية. @ وعلى مستوى المناهج ترى الباحثة ادخال موضوع (مبادئ ادارة الجودة الشاملة) في مقررات البكالوريوس التربوية وفي مقررات درجة الماجستير في العلوم الادارية. @ واقترحت الدراسة على وزارة التعليم العالي والجامعات والمؤسسات الجامعية آلية تنفيذية مفصلة في الصفحات : (323 - 328) من الدراسة وهي ذات جدوى تطبيقية تتميز بالوضوح والمرونة.