صدر أول عدد من مجلة (العربي) الكويتية في عام 1958 م الموافق لعام 1387 ه وكانت الأحساء آنذاك تفتقر الى العديد من المجلات والجرائد , وكان المثقفون الأحسائيون يغلب عليهم الاهتمام بكتب التراث الدينية والأدبية , فجل اهتمامهم كان منصبا على كتب الفقة والحديث والتفسير , وإذا قلت : إن المثقفين الأحسائيين كان أغلبهم من العلماء وطلاب العلم لم آت بجديد , لكن مجلة العربي عندما صدرت كونت جيلا جديدا من الشباب الأحسائي , الذي أخذ يتفتح على ثقافات عديدة فلم يقتصر همه الثقافي على ما يتلقاه في المدرسة من مواد دينية وأدبية و إنما أخذ يتماهى مع ثقافات (العربي) المتعددة , فصار يقرأ لكبار الكتاب العرب آنذاك أمثال عمر فروخ , زكي نجيب محمود , محمود السمرة , رئيس التحرير احمد زكي , والدكتور حسين مؤنس والفيلسوف زكريا ابراهيم وغيرهم. وكانت مكتبة (التعاون) الثقافية تصدر تلك الأعداد من (العربي) فكان أهل القرى وأهل (المبرز) يأتون إليها في عناء , للحصول على العدد الجديد من كل شهر وكان لتنوع المادة الثقافية أكبر الدور في شد الكثيرين من القراء و فكان القارئ الأحسائي يحرص على بعض الزوايا والموضوعات مثل( حضارات سادت ثم بادت) كذلك صفحة (أنت تسأل ونحن نجيب) التي كان يشرف عليها عبد الوارث كبير , ومن الموضوعات التي كان يحرص علهيا القارئ الأحسائي (كتاب الشهر ) وصفحة (من الكتب التي وصلتنا) ومن الأمور التي اهتمت بها (العربي) تراجم الأعلام من العرب ومن الغرب : هيرودت (أبو التاريخ) وكذلك (راسبوتين) المشعوذ الروسي فأصبح القارئ الأحسائي يتعرف على (أفلاطون) و(ارسطو) و(مكيافللي) و(برونو) المحروق ويعرف بعض الأفكار السائدة آنذاك مثل الشيوعية والوجودية , فقد كانت العربي تسلط الضوء على العديد من الأفكار والأيديولوجيات , وكانت القصة القصيرة تحظى باهتمام البعض وكان لموضوعات (إعرف وطنك أيها العربي ) وكذلك (العربي عيونك على العالم) الاهتمام الكبير حيث وفرت (العربي) وإن بشكل بسيط للمواطن العربي أن يعرف أشياء عن وطنه الكبير من المحيط الى الخليج هكذا وجدت العربي الاحتفاء الطاغي من قبل القراء الأحسائيين حتى تجد اليوم أعداد المجلة مرصوصة في أدراج ورفوف المكتبات في كثير من بيوتات الأحسائيين. أخيرا أود أن أسأل القارئ الأحسائي الذي واكب هذه الحقبة فأقول: هل واكب تطور المجلة ثقافيا أم أنه بقي على وضعه السابق؟ ما مصير تلك الأعداد القديمة المكدسة . هل يرجع اليها ويستفاد منها أم أنها بقيت للغبار وتمزيق الزمن. أناشد تلك الأجيال أجيال الستينات والسبعينات هل استفادوا من طروحات العربي المستنيرة والمتفوحة على آفاق الثقافة أم انهم اكتفوا بجمع أعدادها كما تجمع الطوابع؟ صلاح بن عبد الله بن هندي