ترجع الاصول العراقية للاكراد إلى القبائل الهندآرية التي استوطنت المنطقة منذ اكثر من الفي عام قبل الميلاد ويعتز الاكراد بقوميتهم ولهم خصوصية ثقافية حافظوا عليها حتى الآن ويصل عددهم حوالي 40 مليون نسمة في تركياوالعراق والاتحاد السوفيتي السابق وسورياوايران وهؤلاء الاكراد يمثلون دائماً اضطرابات في حسبان خبراء الاستراتيجية والسياسية وماذا عن موقفهم ازاء الضربة الامريكية على اعتبار انهم ضد نظام بغداد ولماذا تتخوف منهم تركيا وهل يسعون إلى تكوين دولة كردستان الكبرى وما مستقبل الاكراد في ظل هذه الاجواء الدولية الراهنة هذا ما ناقشناه في حوارنا مع خبير الشئون الكردية رجائي فايد الذي عاش مع الاكراد اكثر من 9 سنوات وله علاقات وثيقة بقياداتهم فكان الحوار التالي: @ بداية نود ان نتعرف على نبذة تاريخية عن الكيان الكردي؟ * المنطقة العراقية الكردية جزء مما كان يسمى كردستان الكبرى وهي جزء في تركيا وجزء في العراق وجزء في ايران وجزء في سوريا وجزء في الاتحاد السوفيتي السابق وقد قسمت هذه المنطقة على مرتين الاولى بموجب اتفاقية اضروم عام 1639 بين ايران الفارسية (العنصرية في ذلك الحين) وتركيا العثمانية وايران اخذت الجزء الموجود لديها حتى الآن وبقى الجزء التركي وهو ما تم تقسيمه بموجب اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت في بدايات القرن العشرين وقامت كردستان نقطة التقاء بين ثلاث قسم انضم إلى سوريا وقسم إلى الاتحاد السوفيتي وقسم إلى تركيا وبقي الجزء الذي انضم للعراق حالياً معلقاً بين تركياوالعراق لان العراق كدولة نشأت عام 1921 عندما انشئت المملكة العراقية بولايتها البصرة وبغداد فقط إلى ان تم ضم الجزء الشمالي للعراق بموجب استفتاء من عصبة الامم سنة 1925 وبهذا تشكلت العراق من الكيان الحالي. @ وما هي المشكلة الكردية؟ * في المشكلة الكردية ليس هناك نزاع على ارض ولا توجد أي جهة تزعم حقاً لها في كردستان المشكلة الكردية تتلخص في ان كردستان مقسمة على عدة دول تنكر على الاكراد حقوقهم القومية بدرجة او بأخرى فمن انكار كامل للحق الكردي حيث يدور الصراع على هذا الحق كما في تركيا لان الصراع على الهوية إلى اعتراف بالحق ولكن الصراع يكمن في حدود هذا الحق كما هو الحال في العراق فيوجد اعتراف بالهوية في الدساتير العراقية اما الخلاف على حدود هذا الحق. @ وهل للاكراد خصوصية ثقافية؟ * نعم للاكراد خصوصية ثقافية حافظوا عليها رغم توزعهم على عدة دول وكدليل على هذا شهادة ذكر المفكر السيايس السوري جمال الاتاسي بعد ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق سنة 1941 وكان طالباً في كلية الحقوق وبعد فشل الثورة فيقول "وعرجنا إلى الشام وبعد اجتيازنا كركوك ضل بنا الطريق لنجد انفسنا في منطقة غريبة المكان غريبة السكان وهم يتحدثون لغة لا نفهمها يقتربون منا ويبتعدون وكاننا جئنا من كوكب اخر يرتدون ازاء غريبة ويتحدثون بلغة فيما بينهم غريبة وطننا ان ظللنا الطريق وبعد ذلك وجدنا اننا زلنا في دولة العراق وفي منطقة يقطنها الاكراد ومنذ ذلك التاريخ دخل في يقيني ان هناك قوم يعيشون في المنطقة يختلفون عن اهل بغداد او البصرة. ولهم سمات قومية ولهم لغتهم الخاصة وهي اقرب إلى اللغة الفارسية ولهم انتاج ادبي من ملاحم وقصص وكل هذه مكتوبة. @ والى أي مدى يعترف العراق بحقوقهم؟ * هناك محطة مهمة في تاريخ الاكراد وهي 11 مارس 1970 قبلها كان يوجد اعتراف ولهم لغة واحزاب وصحف واذاعات خاصة بهم في عام 1966 اعطى البيان الذي القاه عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء في ذلك الوقت في عهد الرئيس عبد السلام عارف حقوقاً ثقافية كبيرة لهم حيث سمح لهم بانشاء جامعة وصحف وغيرها ولكن عندما جاء حزب البعث عام 68 عقد اتفاقية بين مصطفى البرزاني وصدام حسين اتفاقية 11 مارس 1970 الحكم الذاتي للاكراد وهي تحقق مكاسب قومية كبيرة لهم ومنها تدار المنطقة من قبل مجلس تشريعي منتخب ومجلس تنفيذي تتبعه امانات تعاون الوزارات العراقية عدا السيادية منها ويرأس كل امانة امين عام بدرجة وزير والتعليم في المنطقة باللغة الكردية لمن يريد إلى جوار اللغة العربية وعيد النوروز يوم 21 مارس وهو رأس السنة الكردية ولهم تقويم كردي يسبق التقويم الميلادي بحوالي 700 سنة، وفي سنة 74 تم تنفيذ الاتفاقية من جانب واحد من جانب حكومي لان الاكراد كانوا مختلفين على اشياء كثيرة وتم تشكيل مجلس نيابي وتم حرب الشمال بسبب خلافات واشتعلت الحرب في 7 مارس 75 وقع صدام حسين مع شاه ايران اتفاقية الجزائر وكانت الحركة الكردية تدعم من ايران بالسلاح وبموجب هذه الاتفاقية سلم العراقلايران بمطالبها التاريخية في اقتسام السيادة على شط العرب اضافة إلى تسليم بعض الاراضي لها في الخفاجية وزين القوس وغيرها اضافة إلى طرد المعارضة الدينية الشيعية هذا في مقابل ان يرفع شاه ايران يده عن دعم الحركة الكردية ويغلق حدوده امام ميليشياتها فانهارت الحركة لانها لم تجد من يساعدها والقت السلاح وغادر الملا مصطفى البرزاني الوطن إلى الولاياتالمتحدةالامريكية إلى ان توفى في مارس 1979. ثم الغيت هذه الاتفاقية في 17 سبتمبر سنة 80 بعد الحرب مع ايران من طرف واحد وفي السنوات الاولى للحرب كانت الحرب في الجنوب فتقوت الحركة الكردية في الشمال وانتقلت الحرب إلى الشمال فلجأ صدام إلى الغازات الكيماوية ضد الاكراد ومدينة حلبجا وسبب قصفها ان دخلها ايرانيون بمعاونة بعض الاكراد وحاولت السلطات العراقية ان تخرجهم فلم تستطع وبعد انتهاء الحرب العراقيةالايرانية توسع في استخدام الكيماوي ضد الاكراد امام صمت دولي مريب والسبب في ذلك ان دول العالم كانت طامعة في العمل على اعمار العراق بعد الحرب لدرجة ان امريكا قالت انها لا تعلم بانه تم قصف كيماوي للاكراد وتم تنظيم مؤتمر دولي للسلاح شاركت فيه دول عديدة وفي نفس الوقت كانت الحرب الكيماوية على الاكراد وسط صمت دولي ايضاً. وفي 1991 سمحت امريكا بان يستخدم صدام الدبابات والطائرات والحرس الجمهوري في قمع الانتفاضة الشعبية وهذه تمثل خيانة امريكية للشعب العراقي ولكن الاكراد صمدوا امام قوات حرب الحدود إلى ان تم انسحاب القوات العراقية وتم محاصرة المنطقة من الجيش العراقي وتقدمت الجبهة الكردستانية لادارة المنطقة وحققوا نجاحاً ملموساً وتم تشكيل برلمان ولكن هناك خلاف عميق بين الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني والحزب الدبلوماسي الكردستاني وحدت انشقاق إلى ان استقرت الامور على اقتسام المنطقة احداهما لجلال الطالباني والاخرى لمسعود برزاني. @ وماذا عن واقع الاكراد الآن؟ * عبارة عن محمية امريكية هم يعيشون بفضل القرار الخاص بتحديد المناطق الامنة شمال خط العرض 36 وهذه المنطقة امنة ممنوع تواجد أي نشاط عسكري عراقي فيها ويحمي هذا بطائرات امريكية تنطلق من قاعدة الجباليك في جنوبتركيا. @ اذن ما موقف الاكراد من الضربة الامريكية؟ * في ظل هذه الحماية الامريكية لهم هل يمكنهم ان يقولوا لا لامريكا بالطبع لا، الامر الاخر هم قسم من المعارضة العراقية التي تريد ازالة نظام بغداد وهم القسم الاكثر ديناميكية في المعارضة لانهم موجودون على الارض العراقية بخلاف غيرهم وهذه المحددات ومن قراءة التاريخ الحربي بين الاكراد والجيش العراقي فلم تخرج القوات من داخل حدودها مما يدل على انها حروب دفاعية. الاكراد مدركون ان مصيرهم مرتبط بالغرب داخل العراق وخارجه وهذا يجعل صعوبة من جانبهم في رفع سلاحهم امام العرب. والدليل على ذلك ان مسعود البرزاني سمح للغرب بالانتقال إلى منطقتهم اثناء الحصار واعتبرهم ضيوفاً. @ اذن لماذا التخوف من الاكراد حتى هذه اللحظة؟ * هو عدم الفهم الحقيقي للاكراد. @ ألا يسعى الاكراد لتكوين دولة كردية في ظل الظروف الراهنة؟ * الاكراد يقولون من حقنا تقرير مصيرنا شأن أي مجتمع في العالم ولكن لا يوجد في نيتنا ولا مصلحتنا في اقامة دولة كردية لماذا؟ يقولون هذا حتى وان قالت الولاياتالمتحدةالامريكية لهم بهذا لان لديهم طرح عقلاني وهو انه لو تم الانفصال فستكون دويلة صغيرة حبيسة ليس لها منافذ على البحار محاطة من جميع الجوانب بالاعداء فكيف يكتب لها البقاء؟ فمن مصلحتهم الوجود بالعراق ولكن في ظل وضع مختلف يضمن حقوقهم فهم يطرحون الفيدرالية وهذا السؤال طرحته على الدكتور روج نوري شاويش رئيس البرلمان الكردستاني باعتبار ان الفيدرالية هي الخطوة قبل الانفصال فقال بان الفيدرالية مطروحة لعدم الثقة في الحكومات العراقية وعندما يتم تسجيلها في الاممالمتحدة يكون لنا ضمانات اكثر. @ هذا الكلام يوضح ان الاكراد بين نارين اختيار الفيدرالية وتحصنهم بالقوات الامريكية؟ * نعم هذا صحيح فالاكراد بين المطرقة التركية والسندان الامريكي ولذلك هم يتعاملون مع المسألة بحذر شديد. وماذا عن اختيارهم الاقرب وفق المؤشرات الراهنة، اقصى ما يمكن ان يحققوه ان يحموا منطقتهم و يخرج أي جندي من المنطقة وهو ما اعلنه مسعود البرزاني حيث قال اننا مع اسقاط النظام العراقي ولكن الاهم تجنيب شعبي الويلات وهو ضد الحاق الاذى بالشعب العراقي وهم ضد تغيير ديكتاتورية بديكتاتورية اخرى وقالوا هذا لان صدام ديكتاتور مكروه من امريكا اما اذا جاءت الولاياتالمتحدة بديكتاتور جديد وليس مكروها منها واذا اعتدى علينا فمن يتصدى له فهم في مأزق غير عادي الآن ولهم الآن وفد يتحاور مع تركيا ومن وجهة نظري ان تركيا تمثل الخطر الاكبر وعلى العراق بأكملها لآنها تعتبر المنطقة الشمالية تركية بما فيها الموصل وكركوك التي تعتبرها انتزعت منها عام 1925 في استفتاء عصبة الامم وقالها اجاويد في الانتخابات الاخيرة صراحة ان الموصل وكركوك اراض تركية وديعة لدى الحكومات العراقية المتعاقبة وان الاوان لاستردادها فتركيا لو دخلت لن تخرج وستنقل حدودها ولو تم هذا فستتدخل ايران في الجنوب لضم الجزء الشيعي. @ وهل هناك خطر حقيقي يمثله الاكراد على تركيا؟ * تركيا تتحدث عن حماية التركمان في المنطقة رغم انهم غير اتراك وان تركيا تقول بان الاكراد سيكون لهم دولة ولكن الاكراد اكدوا اكثر من مرة انهم لا يريدون دولة مستقلة ولكن تركيا لا تأمن. @ وما هو الاختيار الاقرب للاكراد والآن والانسب لهم؟ * الاكراد اقصى ما يمكن ان يحققوه ان يحافظوا على وضعهم وعلى الخيط الدقيق بينهم وبين امريكا وعلى الخيط الدقيق بينهم وبين تركيا وبينهم وبين ايران وكذلك مع النظام العراقي. @ وكيف ترى المستقبل للاكراد؟ * صعب جداً اما ان يستطيعوا ان يحافظوا على وضعهم كما هو انتظاراً لما تسفر عنه الاحداث في بغداد من وجود نظام ديمقراطي او غيره واما ان تدخل تركيا وفي هذه الحالة سيصعدون للجبال ويحاربون تركيا وفي هذه الحالة ستقع تركيا في مأزق لان لديهم اكثر من 100 الف مقاتل مدربون ولديهم الجبل الذي يحميهم ولن تكون الغلبة لتركيا، بدليل اذا كانت الحكومة العراقية لم تستطع الاجهاض عليهم وهم ابناء المنطقة فهل تستطيع تركيا وقد تكون في هذه الحالة انطلاقة كردستان الكبرى وهذا لن يحدث في غضون سنوات قريبة ولكن يأتي وفق المعطيات الدولية. احمد صالح عسكر70 عاما يمشي على عكاز في احدى حواري مدينة كالاك الكردية