وقفت حائرة وقلبها يخفق بشدة وكأنها صدمت بجدار منيع صلب عنيد ... أخذت تستجمع قواها وتحاول جاهدة أن تقف صامدة أمام والدتها وهي تخبرها أن ابن عمها ورفيق طفولتها قد انسحب وبهدوء من الخطبة .. ثم سافر بعيداً دون ذكر أية أسباب أسرعت بخطاها نحو غرفتها، كانت مرتبكة مبللة بأحزانها وكأن كل شيء أمامها غارقا بالظلام .. تعاظم شعورها بالسخط والحزن وفي حالة من الأسى الدافق فكرت وسألت .. لماذا ؟ لكنها لم تجد إجابة فقد كانت على قدر من الجمال والخلق. ومع أنه لم يكن بينهما أية علاقة سوى أن ابن عمها وزوج المستقبل كما يردد الجميع .. لكنها أحبت فيه رجولته وصفاء قلبه ولكي ترضي كبرياءها فقد تزوجت بأول من تقدم لها، وكان ذلك كنسمة ربيعية في يوم صيف قاتم تبخرت معه أحزانها وذابت وتحللت بعد أن بدأت تعايش شخصا أحبها وكان نعم الزوج لها أخبرها يوما أنه كان من أعز أصدقاء سلمان وهو من رشحها لتكون زوجة له. آلمها ما سمعت منه وأحست بالإهانة من قبل سلمان وظنت أنه أراد إبعادها عنه بشتى الطرق . وإذا بالهاتف يرن لتخبرها والدتها أن عليها الذهاب إلى منزل عمها لأمر طارىء وهناك جاءتها الإجابة على كل تساؤلاتها فقد كان سلمان يشكو من داء خبيث يسري في دمائه .. وقد سافر للعلاج بالخارج لكن التحاليل أثبتت أن لا أمل في شفائه فعاد بعد أن أصبحت أيام عمره معدودة ... ارتسم الجزع على قسمات وجهها الجميل، وأخذت تلوم نفسها كيف اتهمته وأعلنت عليه الغضب دون أن تحاول أن تعرف الحقيقة .. فقد منعها كبرياؤها حتى من السؤال عنه أما هو فقد كان مثالا للوفاء وبدوره اختار لها أعز اصدقائه ليكون زوجاً تنعم معه بحياة سعيدة واسقرار هانىء ولم يعد يجزع الآن من النهاية بعد أن أودعها في أيد أمينة .. لم تتوقع أن تصادف كل هذه الهزات التي اغتالت مشاعرها وأسرعت لزيارته مع زوجها لتجده على سريره وقد عصف المرض بجسده وأحاله هيكلا هزيلاً بعد أن كان شامخاً كالجبال والآن تفتت الصخرة. كان صامداً كقلعة في وسط الرياح العاتية والآن تهدمت القلعة، وقفت أمامه ممزقة محطمة تنظر إلية وهو يذهب وبسمة الرضا على شفتيه وسلام الطمأنينة يملأ قلبه .. نظرت إليه وانهمرت دموعها بصمت وهي تقول .... وداعاً سلمان . وقفه: هل يوجد بوفاء سلمان في مجتمعنا هذا ؟! سؤال ينتظر منكم إجابة @@ وفاء الدبيخي