جميل ان تكون فتياتنا طموحات فالطموح الخطوة الأولى الى مستقبل مشرق وحافل بالنجاح والتميز. ولكن.. قد يعيق طموحات فتياتنا عدد من العقبات ويشترك في رسم العقبات تلك كل من افتيات أنفسهن, وأولياء الأمور, والمجتمع. في هذا التحقيق نسلط الضوء على كيفية تخطيط الفتيات لبلوغ غاياتهن والمصاعب التي يواجهنها. يحترمون رغبتي قالت ف. العتيبي: منذ صغري يراودني حلم بأن أكون طبيبة يوما ما فعملت على الاجتهاد في الدراسة في كل مرحلة, وعاما بعد عام الى ان بلغت المرحلة الثانوية فأتى وقت تحديد مساري الدراسي, عندها وقفت وقفة تأمل لأبحث الخيارات المتاحة أمامي. ولمعرفة أي تلك الخيارات كفيل بوضعي على طريق بلوغ أهدافي.. واخترت المجال العلمي ليقيني التام في انه المسار الملائم لطموحاتي, كانت تلك رغبتي, ولم يعارضني الأهل, رغم كوني انتمي لعائلة محافظة, وفي الواقع فقد دهشت في البداية لأن أهلي لم يفرضوا علي الأنصياع وراء رغباتهم كما حدث مع بعض بنات عمي, بالعكس لقد اكتشفت انهم يحترمون شخصيتي المستقلة ويقدمون لي كل العون لتحقيق ما كنت ولا زلت أصبو اليه.. وهو ان أدخل مجال الطب بإذن لله. تناقشنا فأقنعني الأهل وأشارت غادة المنسف الى ان الأهل اقترحوا علي اختيار العلمي لان فرص العمل مستقبلا ستكون متاحة بشكل أكبر امام خريجي قسم خدمة المجتمع بجامعة لملك فيصل, وقد فكرت في الأمر مرارا فوجدتهم على حق, ثم تساءلت في داخلي: هل أحب المواد العلمية؟ فالقيت نظرة على كتب القسم العلمي وأخذت فكرة عنها, وقرأتها فقلت: لا بأس.. انها مواد تلائمني, فلم أتردد بعدها, وها أنا أتفوق في دراستي وأشعر بالسعادة لأني سلكت الطريق الصحيح بالنسبة لي.. وأشكر أهلي كثيرا لانهم أفادوني برأيهم. وتوافقها الرأي لينا العصيمي : لقد اقنعني أهلي بدخول القسم العملي. وصحيح انهم اقترحوا علي اختيار هذا القسم, لكنهم لم يمارسوا أي نوع من الضغوط.. نحن نتشاو في كل خطوة, ولقد اخذت برأيهم عن قناعة تامة.. تباين الطموح بين الطالبات وتطمح منال الهديب ان تصبح مدرسة لمادة التاريخ, اما المسار الذي اختارته فهو القسم العلمي في الثانوية وقالت: التخرج من القسم العلمي في الثانوية سيفتح لي أبوابا أكثر لاكمال دراستي الجامعية خصوصا في جامعة الملك فيصل بالدمام, كما انني اعشق الاحياء لتولعي واهتمامي ب(الحشرات) والكائنات الحية منذ الصغر.. وطموحي الآخر اذا لم أقبل في جامعة الملك فيصل هو التوجه لدراسة علم الأحياء بعد التخرج من الثانوية. وتقول منال: (بعض الأهل اقترحوا علي الدراسة في احدى المعاهد بعد التخرج من الثانوية لكنني لم أرغب في ذلك لانني انسانة طموحة لذا فقد تركوا لي حرية الاختيار). توضح نهى ان والدها يرغب في ان تتخرج من كلية الطب, لكنه يتفهم عدم ميلي الى الطب فقد طلب مني وضع هدفي الذي اريد بلوغه نصب عيني, وكل ما أتمناه هو نجاحي مستقبلا في أي تخصص اختاره. ولم تجد أشواق أي معارضة من الأهل في تحديد مسارها الدراسي فقد التحقت بالقسم العلمي عن رغبة شخصية, وتطلع للعمل مستقبلا في احد البنوك. اختارت لطيفة الناجم القسم الأدبي لحبها الكبير للأدب فهي تميل لكتابة الشعر والقصص القصيرة, لذا ارتأت ان القسم الأدبي هو الأنسب لتطلعاتها. وتضيف الناجم: بصراحة لم اجد اعتراضا من الأهل بل كل ما وجدته منهم هو التشجيع والتفهم رغم انهم كاوا يحبذون دخولي القسم العلمي. وحول تطلعاتها العملية فهي تنحصر بين خيارين هما الأدب الانجليزي واللغة العربية. وكان حلمي في البداية ان أدرس علم النفس والفلسفة ولكن التخصص الذي أحلم به يتطلب ان أسافر خارج الدمام. وأناشد المسؤولين بتأسيس جامعة او أكاديمية لطلاب وطالبات القسم الأدبي حتى لو كانت بمبالغ طائلة. اعترضوا فازددت اصرارا قالت ل.الشعلان: بعد تخرجي من القسم العلمي اعددت العدة للالتحاق بالجامعة لمواصلة الطريق لتحقيق هدفي.. رغبت في دراسة الطب لكن حالت الظروف دون ذلك فعزمت على دراسة الهندسة ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان, لم يعترض الأهل على التخصص الذي اخترته بل اعترضوا على مواصلة الدراسة في الجامعة بسبب البقاء خارج المنزل أوقاتا طويلة مع زميلاتي في الجامعة وعندما لمسوا انكبابي على الدراسة وحرصي على النجاح تغيرت نظرتهم لي واخذوا يذللون الصعاب التي اواجهها ويمدون لي يد العون ويدعمونني ماديا ومعنويا. @ واستطلعنا آراء الطالبات واستمعنا لحديثهن عن الطموح وتحقيق الحلم ورغبة أهالهن, فماذا عن الفتيات العاملات؟ ماذا كانت طموحاتهن, هل هو نفس المجال الذي يعملن به ام مجال آخر بعد ان جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن؟ احدى الفتيات رفضت ذكر اسمها ولكنها سردت لنا حكايتها مع الطموح والصدمات تقول: تولعت بالرسم منذ ان كنت طفلة صغيرة كنت ارسم كل ما يقع عليه بصري, فأصبحت أجمل أوقاتي التي قضيتها بين أوراق الرسم والألوان, كبرت وكبر معي حب الرسم, تميزت لوحاتي في المراحل الدراسية وحصلت على عدد من الجوائز, الى ان تخرجت من الثانوية, وعزمت على مواصلة دراستي الجامعية والتخصص في التربية الفنية.. وهنا كانت الصدمة. اعترض والدي على رغبتي بحجة انها رغبة لا طائل منها فبالنسبة له لا يعني الفن شيئا؟ حاولت وحاولت اقناعه وكذلك حاولت امي معه ولكن دون جدوى فلم اجد مناصا من الاستسلام. درست الهندسة حسب رغبة كثير من أفراد العائلة وتخرجت منذ سنوات طويلة مضت, وفي النهاية ها أنا أدرس الفنية!! بعد خمس سنوات من الدراسة والعناء احقق رغبتي القديمة.. ولو تفهم والدي طموحي من البدء لاختصرت المسافات لتحقيق حلمي الأول ولما ضيعت سنوات من عمري بلا فائدة.. وفي النهاية الحمد لله على كل حال, وكلمة (لو) تفتح المجال لعمل الشيطان, لذا لن ارددها وسأحاول ان أنسى ما حدث لي. ضغوط العيب اما المعلمة ه. القحطاني, فقد أجبرت على التدريس ولم تكن تلك رغبتها من الأساس, وتقول: لم أرغب في التدريس, وكنت اطمح في دراسة التمريض, ولا أخفي عنكم فقد رفض أهلي بشدة عملي في هذا المجال, والمفهوم السائد لدى العائلة ان اختيار الفتيات اي مجال غير التدريس يعتبر (عيبا) وتحت وطأة ضغطهم المستمر وخصوصا والدي عدلت عن رغبتي, وأذكر انني عندما ذهبت الى الكلية لتحديد مجال دراستي, اخترت مجالا لم أكن أريده بشكل عشوائي لأنني لم أكن أرغب في غير التمريض.. درست الاحياء وتخصصت فيه, وحاولت ان أنشىء بيني وبين المادة هذه علاقة ودية فلم أتمكن .. تخرجت فتعينت مدرسة والى الآن تلازمني رغبتي القديمة. @ اذا لماذا لم تصري على اختيار الطريق الذي ترغبينه؟؟ كانت ضغوط الأهل قوية كلهم اجمعوا على الرفض وعلى ان رغبتي لا تجلب سوى العار!! رغم انها مهنة شريفة ولطيفة, انها العادات والتقاليد التي تحكم الكثير من الأسر في مجتمعنا.. وعلينا تقبلها في النهاية شئنا ام أبينا!! @ وكيف تجدين الطالبات؟ هل يتعرض الكثير منهن لضغوط من الأهل؟ بحكم كونك رائدة أحد الفصول هنا, وبحكم حديثك معهن واحتكاك بهن؟ نعم معظم أولياء الأمور يريدون من الفتيات ان يلتحقوا بالقسم العلمي لزعمهم انه (سيد) المجالات الدراسية وانه مخصص للأذكياء والكل يعتقد ان ابنته تملك القدرة الذهنية لدراسة المواد العلمية. وما نتيجة إرغام الطالبات على ذلك برأيك وحسب نظرتك؟ النتائج سيئة أولا معاناة الطالبة نفسها بسبب نفورها من المواد العلمية, فتحاول بشتى الطرق لكنها لا تنجح دائما, والمعلمات يعانين ايضا لان بعض الطالبات ليس لديهن استعداد لتلقي وفهم المواد العلمية الجافة, ولا اقصد هنا انهن أقل مستوى من غيرهن.. ولكنها الرغبة والميول وتحكمها في تقبل الشخص لمواده الدراسية, ما سبق يؤدي الى مشاكل لأولياء الامور ايضا, فهم غالبا ما يكونون غير راضين عن مستوى الطالبة, وينعكس كل ذلك سلبا على نفسية. خطوات تحقيق الطموح @ ما السبل الكفيلة بتحقيق طموح الفتاة في حياتها العملية وخصوصا في مجتمعنا؟ بإيجاز هناك خطوتان: الأولى هي النظرة العامة للمهنة ويجب ان تضع الفتاة ما يلي نصب عينها: وضع أهداف واقعية وألا تكون من المستحيلات. البحث في مستقبل المهنة, ورؤية مدى حاجة المجتمع اليها. الخطوة الثانية تكون في التنفيذ وتتلخص في: بناء الخبرات الخاصة بالمهنة منذ الصغر. التشاور مع الآخرين داخل وخارج المنزل. جمع المعلومات الأساسية المتعلقة بالمهنة التي ترغب فيها الفتاة ومتابعة التطورات في مجالها. الاقدام على المهنة مع توقع مفاجآت الواقع. @ سألنا الدكتور الرشيدي كيف يقيم الولدان علاقة صداقة مع ابنتهم دون ان تكون علاقة وصاية؟ اجاب:دعونا نستخدم تعبيرا أشمل سيؤدي بنا الى النتيجة المرجوة في علاقة الآباء بالأبناء وهو تعبير: علاقة الكبار بالصغار, او تعبير: العلاقات الاجتماعية, يمكننا ان نلخص العلاقة بكلمتين هما الجاذبية والاستقطاب, وأقصد بالجاذبية جذب الآخرين الينا مع مراعاة سن الطرف الآخر, فطريقة جذبنا للطفل تختلف عن الشخص الراشد, كذلك مراعاة الخصوصيات الفكرية والاجتماعية للآخرين. ويضيف قائلا: ان العملية تكمن في ايجاد طريق تجعل الآخرين يتقبلون شخصك كأب أو أخ او أبن.. إلخ. وهناك من تجذبهم الابتسامة, وهناك من تأسرهم الكلمة الطيبة, وغيرهم ينجذب اليك بهدية وهكذا. كذلك يكون التعامل مختلفا مع الفتاة في فترة المراهقة, وهي مرحلة تحاول فيها الفتاة اثبات وجودها وتبحث عمن يستطيع ان يتفهم مطالبها وأفكارها. ويختتم الدكتور حديثه قائلا: ان على المربيين ان يجذبوا ويستقطبوا الفتيات ويدرسوا حاجياتهن لانهن أمهات المستقبل, ويبتكروا السبل الجيدة في التعامل معهن منذ الصغر, ويتفقوا على ان يكون هدفهم هو المساهمة في تكوين الشخصية الذاتية للفتاة ومنها نرسم الوجه المشرق للجيل القادم ففتياتنا هن أمهات ومربيات الأجيال القادمة.