لازالت الفتاة السعودية تختبئ في عباءة التخصصات النظرية التي ملأت صفوف الخريجات، ذلك من خلال دراستها الجامعية، ودائماً ما تتنحى الفتيات عن التخصصات العلمية التي ربما تعتبر من أول طموحاتها المهنية التي تولي لها الطموح والتطلع في داخلها، لكن اعتراض الأعراف والعادات الاجتماعية يبقى هو الفيصل في أن يجعل منها طالبة شهادة تقليدية لا معرفة ترنو إلى تميز ومستقبل مهني لتفخر بها عندما تنالها كونها درجة علمية مناسبة «البكالوريوس»، وفي واقعها المهني والعملي ليست مجرد ورقة مزخرفة عليها اعتمادات تعليمية متميزة على مستوى عالمي ولكنها ليست سارية المفعول لتطويتها في أوساط سوق العمل. وأوضحت ل «الحياة» الاختصاصية الاجتماعية نوف محمد أن سبب ابتعاد الفتيات عن التخصصات العلمية «يعود إلى تخوف الفتاة من عدم إمكانها من مواجهة تحديات البحث عن وظيفة، لاسيما وأن التطبيق الوظيفي لقوالب التخصص الدراسي بات ضئيلاً في الوسط المهني والعملي، ويعتبر نفور الطالبات نحو التخصصات الأدبية والنظرية بغية في الانحصار بشكل عام على مهنة التدريس التي يراها الوسط الاجتماعي هي الأنسب للفتاة السعودية جزئياً، كونها مهنة تتناسق مع حياتها الاجتماعية وطقوس الأجواء الاسرية التي يقررها الرجل في حياة المرأة العملية». وأجمع عدد من خريجات التخصصات النظرية على أنهن لم يجدن التوجيه الصحيح الذي يراعي توجهاتهن الفعلية، إذ تحدثت طالبة الاقتصاد المنزلي شهد إبراهيم قائلة: «لم يكن أمامي في سنة القبول قسم لايزال شاغراً سوى كلية التربية كون الطاقة الاستيعابية للقبول توقفت عند نسب عالية، وحاولت بعد أن حسنت المعدل الدراسي في العودة إلى دارسة الأدب الإنكليزي في الكلية نفسها ولكن رغبة الوالدين حالت دون ذلك لإيمانهم التام بأن تحدثي اللغة الإنكليزية سيجلب لي مكان عمل غير آمن كما يرون ذلك لمستقبلي الذي طمعت بأن يكون كما أريد». وتزيد طالبة الفيزياء النظرية هند ماجد «تخصصت في الفيزياء التربوية من دون شعور!، فقط اعتمدت على توصيات الأسرة في أن أختار أقرب تخصص لمجال التدريس لخوف أسرتي علي من أتجه إلى مجال الاقتصاد والإدارة وأعمال في مجال المحاسبة»، في المقابل استطردت الطالبة المتوقع تخرجها في قسم القانون ابتسام صالح «لم تكن هناك دفعة سابقة في جامعتنا وكان عددنا ضئيلاً جداً كون سوق العمل لايقبل حتى الآن تخصص المرأة القانونية وغالباً ما يجمح عنها في مثل تلك التخصصات التطبيقية، ولا نعلم لماذا وماهو السبب في ذلك، علماً بأن الجامعات تتيحه وتضخ من مثل تلك التخصصات الكثير من الطالبات ولكن غالبيتنا لاتعلم ما هو مصير شهاداتنا». كما لايزال سوق العمل متعطشاً لتوافر كوادر نسائية من التخصصات العلمية التطبيقية التي لاتحصى أو تنحصر على مجالات تعدد المهام في الأوساط التي تتحول منها تزعمات الأهل من خلف حجاب المحافظة على الآداب وسد ذرائع الاختلاط كما زعم البعض، فيما سُجلت أعداد مناسبة من الفتيات ذوات العقليات المستنيرة، تسير بخطوات واثقة، وطموحات عالية، إلى جانب تعاون وتفهم فئات لا بأس بها من الأهالي المقتنعين بضرورة توافر المرآة العاملة في المجالات كافة، خصوصاً مواقع العمل المتطلبة تخصصات تطبيقية.