اوصى امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس المسلمين بتقوى الله والتنافس على ذلك والسباق في تحقيقه. وقال في خطبة الجمعة التي القاها امس بالمسجد الحرام: في ظل النوازل والازمات وفي خضم تداعيات الاحداث والنكبات تتعاظم حاجة الامة الى الفقه العريق والنظر الدقيق المتمثل في فقه التعامل مع الازمات حتى لا تختلط الاوراق وتنقلب الموازين ولكي لا تزل الاقدام ويختل الاعلام و يتعاظم الخطر على الهوية والثوابت وذلك لتحفظ للامة حقوقها العقدية والامنية لتحقيق كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة عليها لانهما صمام الامان امام العواصف العوجاء التى تمر بها امتنا. وأضاف: معاشر المسلمين لما كانت هذه الدنيا دار اختبار وابتلاء وممرا الى الاخرة دار الحساب والجزاء شاء المولى جل وعلا بحكمته ان يتقلب فيها الناس بين السراء والضراء والشدة والرخاء وان يتعرضوا الى المصائب والمحن ولاتخلو حياتهم من نوائب وازمات وفتن ولله في ذلك كله حكمة بالغة ومن رحمته جل وعلا بعباده ان منحهم شرعة غراء تحكمهم في جميع الظروف والاوقات وتنير لهم الطريق في السراء والضراء وحين البأس والارزاء وتأخذ بايديهم ايام المحن والشدائد والازمات وهذا السنن الربانى تنزه عن الحسب والنسب وهو بلا شك مسبار للافراد وعلل القلوب.. مبينا ان من ثبت في التمحيص بلغ من الظفر والتمكين كل الذرى ومن تسخط وجزع باء بالخسار عياذا بالله وارتكس في اوحال الثرى ولايظنن ظان ان الابتلاء بالضراء نقص كله وشر كله ومنع كله كلا بل تضمن من الحكم والاسرار والمنازل العلية الاقدار ما لايخفي على ذوى البصائر والابصار فمنها الرجوع والاستكانة والتضرع الى الله سبحانه واليقين بان ما يحدث في هذا الكون بتقديره وتدبيره ولوشاء ربك ما فعلوه وان اليه الملجأ والمعاد والمهرب والملاذ. وقال فضيلته: لقد عاب سبحانه على من لم يستكن اليه ويتضرع عند الشدائد (ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم ولايتضرعون) ومنها التمحيص والاصطفاء وترويض النفوس على مر الابتلاء فلم يكن هذا هو الاول ولن يكون الاخير فلقد منيت امتنا عبر التاريخ باحداث وبلايا وتجرعت نكبات وخرجت منها بحمد الله معززة منصورة ولا تخلو المصائب والازمات من عبر لاهل الايمان ففيها تنبيه الغافل وتعليم الجاهل وتقوية الروابط على الاتحاد والوئام ونبذ التنازع والتشتت والخصام (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). وخاطب امام وخطيب المسجد الحرام الامة الاسلاميه قائلا: قضاء الباري بالغ النفوذ وليس الا عليه نتوكل و به نلوذ وهاهي الامة الاسلاميه لاتزال تحتسى القلق وتقتات الويلات والعناء جراء الكرب المتفاقم والخطب المتعاظم في ارضنا ارض العراق فقد اعيا هذا المصاب الجلل كل محب للسلام وللامن تواق ارتال مصفحات ولهيب نيران ازيز قنابل وسحب دخان دوى قذائف وانين وحرمان طلقات مدافع وسلب ونهب وعنفوان تدمير للمبانى وقصف للعمران حرب جعلت من الجداول الرقراقة خنادق ومن الاغصان الزاهيه بنادق دخلت البيوت من غير ابوابها وجرعت المدنيين العزل مر عذابها. واكد الشيخ السديس انه لابد ان يرفع عن سماء الامة هذا الكابوس ولابد ان تهدم انياب هذه الحرب الضروس التي مازال مشتعلا فتيلها حاميا وطيسها بالحلول السريعة السلمية القائمة على الحكمة والعدل وبعد النظر في العواقب تحت مظلة الشريعة الغراء والدساتير العالمية والانظمة الدولية لحقوق الانسان والاعراف والمواثيق المحترمة لسيادة الاوطان. ووجه فضيلته باسم الشعوب الاسلامية والانسانية النداء الحار الى الرأي العام العالمي وصناع القرار للوقف الفوري لهذه الحرب الطاحنة واستمرار اعمال العنف والشغب والفوضى التي تقود المنطقة الى انفاق مظلمة وسراديب معتمة مجهولة النهاية وكم تجرعت الانسانية ويلات الحروب والعنف واحدثت من مشاعر البغضاء والكراهية بين الشعوب والوان الصراع والصدام بين الحضارات. وتحدث امام وخطيب المسجد الحرام عن الكوارث والنكبات الناتجة عن الحروب مؤكدا أنه من الضرورى المبادرة الى اطفاء فتيلها حتى تضع الحرب اوزارها ويكفي المسلمون شرها واضرارها حماية للمدنيين الابرياء وتفاديا للخسائر في الارواح والممتلكات وحفاظا على امن الشعوب والمجتمعات وابقاء على المعالم الحضارية والتاريخية للعواصم العلمية والحواضر الاسلامية وسدا للطريق امام القوى الصهيونية الغاشمة التي استغلت انشغال العالم بهذه الحوادث والمستجدات فعملت على توسيع نفوذها في ارض الرسالات ومهد البطولات على ثرى فلسطين المجاهدة. ودعا المحبين للسلام وحماة الشرعية ودعاة الحرية والانسانية في كل مكان الى الاسراع نحو الحل الناجز والتحرك الايجابي السريع لانهاء هذه القضية المأساوية والكارثة الانسانية قبل ان تسلب ارسان الثقة والمصداقية من كثير من الهيئات الدولية والمنظمات العالمية. وقال فضيلته: اخوة الايمان تبصروا في هذا المحن والخطوب المريعة التي هجمت وجثمت وانتزعوا منها الدروس والعبر لاسيما في التوحيد والوحدة مشيرا الى أنه في غمرة هذه الاحداث الدامية والاوقات المستعرة الحامية تلجأ بعض النفوس الضعيفة لتشرخ تلاحم الامة ووحدتها وتلبس على النزهاء ودعاوى بشائعات باطلة واكاذيب ملفقة والله سبحانه وتعالى يقول (يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وانه كل ما اتسعت رقعة الشائعات والاراجيف التي تروج كان اثم من يروجها عند الله اعظم فعلى المسلم امام هذه الا فرازات النفسية الداكنه ان يتمثل قول الحق جل جلاله (ولولا اذ سمعتموه قلتم مايكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم). وطالب الشيخ السديس من كان كلامه رسلا وهذرا ان يتذكر قول البارى سبحانه وتعالى (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) محذرا فضيلته من تناقل وتداول الشائعات المغرضة التى غدت سلاحا فتاكا ومعولا هداما يقوض وحدة الصف ويفسد العلاقة بين الرعاة والرعية والعلماء والعامة والشباب والشيوخ ويزرع الشك وسوء الظن بين أبناء المجتمع وبخاصة مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة التى أضحى بعض مواقعها ومنتدياتها مراحيض الكترونية تزكم الانوف بعفنها ونتنها أجلكم الله فكم أشعلت من قبائح وأعلنت من فضائح وأظهرت من معايب ونشرت من سوءات يترفع عنها العقلاء والشرفاء. وقال: الواجب على المجتمع المسلم أن يكون حصنا حصينا ضد الشائعات المغرضة فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع) فليعل المسلم ويرب بنفسه عن سماعها وترويجها فالركون اليها وتناقلها يؤدى الى مفاسد خطيرة تهدد بنيان المجتمع وتقوض بناء الامة وتقضى على البقية الباقية من تلاحمها وتعاونها. وأن من الفقه عند الازمات أن ينظر اليها برؤية شرعية تحليلا وتطبيقا فالاسلام يحرم الظلم والعدوان ويوجب على المسلمين التناصر والتآزر حسب ما تقتضيه الظروف والاحوال فعلى المسلم أن لاينسى اخوانه المسلمين من دعائه وفي الازمات يتعين على المسلم الاخذ بأسباب الثبات على صحيح المعتقد وسلامة المنهج عند غياب صحيح المنهج والتقيد بالضوابط الشرعية من لزوم الرفق والسكينة والتثبت والاناة وعدم العجلة وحفظ اللسان والتبصر في عواقب الامور والقرب من نصحاء الامة وصلحاء المجتمع وعدم الاستشراف للفتن فمن يستشرف لها تستشرفه وان لايتكلف في لى أعناق النصوص الشرعية لتنزيلها على الوقائع العصرية بلا علم وكذا عدم تداول الاحاديث الضعيفة والموضوعة كما ينبغي تغليب العقل على العاطفة والروية والمنطق على التشنج والانفعالات وتقديم الرأي والمشورة على ما يظن من الاقدام والشجاعة والبعد عن الغوغائية والغثائية التي لاتصيب صيدا ولاتنكأ عدوا والحذر من الانسياق وراء ما يدعى من جهاد موهوم لم يتبين له راع ولم تظهر له غاية ولم تتحقق فيه الشروط الشرعية والمقاصد المرعية ومنها المحافظة التامة على لحمتنا الاجتماعية وجبهتنا الداخلية وقيادتنا الشرعية والعلمية من أولى الامر المسلمين والعلماء الربانيين وحسن الظن بهم وعدم تصديق الدخلاء والمرجفين الذين يظهرون في الازمات خفافيش ظلمات وطفيليات زرع ونبات يصطادون في المياه العكرة وينفذون في الطرق الوعرة. وقال فضيلته: أخوة العقيدة انه مهما امتدت الافاق في مرأى العين فان دينكم بحمد الله دين الثبوت والبقاء محال أن يعتريه الزوال والفناء مشيرا فضيلته الى حاجة الامة الى تدارس أسباب النصر والهزيمة بمنظور جديد ورأى سديد وموقف رشيد ومنهج حميد وان تدقق في المقاصد والغايات والنتائج لاعتلاء شرفنا السابق ومجدنا الشامخ باذن الله محذرا من اليأس والقنوط والاحباط داعيا الى المزيد من التفاؤل والاستبشار فالنصر للاسلام وأهله والقوة لله جميعا (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون) (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين). ودعا فضيلته الله عز وجل أن يحفظ أمتنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين وعدوان المعتدين وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يكشف الغمة عن هذه الامة وأن يعيذنا والمسلمين من مظلات الفتن ما ظهر منها ومابطن انه جواد كريم. وأكد انه على شباب الامة الواعي الفطن والمسلمين عامة في هذه الاحداث والازمات قصيرة العمر بحول الله ان يتدرعوا بدرعين واقيين باذن الله هما درع الاوبة الى الله وصدق الالتجاء اليه والالحاح في الدعاء فهو سهام الليل التي لا تخطئ والسلاح الخفي الذى لا يخيب ودرع الالتفاف حول القيادة المسلمة وكوكبة العلماء الربانيين استرشادا بتوجيهاتهم واستنارة بارشاداتهم كيف لا وهم أنصار الدين وهداته وبهم يحفظ الدين وهم الموقعون عن رب العالمين ومن صدر أو ورد عن غير رأيهم وبصيرتهم فيخشى عليه المزلة وان علماء الشريعة ودعاة الاصلاح وفقهم الله لمدركون مدى الامانة المناطة بأعناقهم سيما في الشدائد والازمات وان المنصف لواجدهم أشد الناس حرصا على توجيه الامة وبيان الحق بالهدى النبوي المتضمن للحكمة والكياسة والاناة والحصافة مصطحبين القواعد الشرعية والمقاصد المرعية من دفع المفاسد والشرور وجلب المصالح والخيور عملا بالقاعدة الذهبية (التصرف في الرعية منوط بالمصلحة الشرعية) وخصوصا اذا اتقدت العواطف والتهبت المشاعر ووقتئذ فالامة أحوج ما تكون الى الدليل المخلص والربان الماهر والهادى الرشيد بالرأى الحصيف والقول السديد واذا كثر الملاحون غرقت السفينة. وأكد امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس أنه لابد من تجاوز الخلافات والمعارك الوهمية والحوارات العقيمة الهامشية ولابد من تفعيل الدور التربوي للوسائل الاعلامية وعدم التضخيم والاثارة والبلبلة والتهويل والتهويش والتحريش والتشويش محذرا من الاجتهادات الفردية والتصرفات الاحادية وبث الفتاوى الطائرة واصدار الاحكام الجزاف الجائرة التي تدع الافهام حائرة وتجر البلاد والعباد الى فتن عمياء لا يعلم عواقبها الا الله سبحانه. وبين أن للامة في تاريخها المجيد نماذج باهرة في الحزم والحكمة فهذا أبو بكر يوم الردة وهذا الامام أحمد يوم المحنة وهذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمهم الله جميعا وغيرهم كثير واننا بهذا لا نلغي المشاعر والعواطف المتدفقة لدى شباب الامة غيرة على الدين والملة فبوركت غيرتهم وسددت خطاهم بل نحمدها لهم ونستبشر بها خيرا ان شاء الله ولكننا ندعو الى حسن توظيفها والاستبصار بعواقبها والتحليق بجناحي العقل والعاطفة اذ الاستقلال بأحدهما مفسدة وشطط عن سواء الحق وفي التواؤم بينهما تحقيق للوسطية والاعتدال ونزوع الى الطريق السوى باذن الله ويعلم الله وحده أن هذا محض الحب والنصح لهم والمودة والحدب عليهم. وأشار فضيلته الى أن من فضل الله ومنه على بلاد الحرمين نسيجها المتميز ومنظومتها الفريدة المتألقة لاسيما في الفتن والازمات فرعاتها وفقهم الله دأبوا بكل الثقل ولا يزالون لاخماد هذه الفتنة الهوجاء يغالبون تيارها ويروضون بالحكمة والحكنة زخارها.. وعلماؤها ودعاتها ورعيتها يسعون بالايمان والثبات والدعاء لاطفاء لهيب نارها وأغوارها سدد الله الخطى وكلل المساعي بالنجاح والتوفيق والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون. وقال امام وخطيب المسجد النبوى الشريف بالمدينةالمنورة فضيلة الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة امس: أنه حين تكثر الازمات على الامة وتشتد عليها وطأة الحوادث فانها تتلمس طريق النصر والذي ينبغي أن نعيش به دائما مهما اشتدت المحن هو الثقة بنصر الله وأنه آت لا شك فيه قال صلى الله عليه وسلم (والله ليتمن الله هذا الامر) وقال تعالى (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله) وفي مكة حيث الشدائد والاهوال ترى الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه بضرورة الاحتمال والصبر وفي نفس الوقت يطمئنهم الى المستقبل الزاهر للاسلام ويبث الثقة في نفوسهم وأن دينهم سينير الدنيا من مشرقها الى مغربها لتستقر في الاعماق روح التفاؤل والاستبشار والامل. وأضاف فضيلته: ان المجتمعات لا تسعد الا في ظل هذه المعاني ذلك أن الهزيمة النفسية هي من أنكى وأمر وأشد الهزائم خطرا على مستقبل هذه الامة وان واقع الذل والهوان هذا لا ينبغي أن يكون مسوغا لليأس والقنوط ان الثقة بنصر الله تولد السكينة في المحن فعندما لجأ رسولنا صلى الله عليه وسلم الى الغار واقترب الاعداء حتى كانوا قاب قوسين أو أدنى شاهرين سيوفهم قال أبو بكر رضى الله عنه (لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا) فرد عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم بكل ثقة (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ثقة بالله ونصره يقين برفع البلاء شعور بمعية الله تعالى. واستطرد يقول: ومن قبل يقف موسى وجنوده عند شاطئ البحر فيقول بعضهم ان فرعون من ورائنا والبحر من أمامنا فأين الخلاص (قال أصحاب موسى انا لمدركون) فيرد نبي الله موسى عليه السلام في ثقة كاملة بموعود الله (ان معى ربى سيهدين) فكان بعدها النصر والتمكين. وقال امام وخطيب المسجد النبوى الشريف: حين ينظر الانسان الى المكر الكبار الذى يكاد للاسلام والمسلمين في عهود متطاوله قتل وتشريد وتعذيب ومع ذلك يبقى الاسلام صامدا والايمان قويا حين ينظر المسلم الى هذا الواقع لا يساوره شك في تحقق نصر الله وأن المستقبل لهذا الدين ولو بعد حين والمبشرات لهذا الدين شرعا وواقعا أكثر من أن تحصى قال تعالى: (ان الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الاذلين كتب الله لاغلبن أنا ورسلى ان الله قوى عزيز) وقال تعالى (انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا). وأضاف: ان الدين محفوظ بحفظ الله (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) فلا تخش على الاسلام ولكن اخش على نفسك وايمانك وثباتك قال تعالى (وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم). ان المبشرات بنصر الله لا تعنى ترك العمل والتواكل والخلود الى الدعة والكسل فنصر الله لا يتنزل على نفوس لوثت بالمعاصي وقلوب مستعبده للشهوات مدنسة بالحقد والغل والحسد وأخوة دب فيها داء الفرقة والتنازع والتناحر والتمزق هذه سنة الله التى يجب أن نفقهها ونتعامل معها قال تعالى (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا موقنين بالنصر وكان وعد الله وقودا لمزيد عمل وعطاء.. عبادة وبذل في سبيل الله وتضحية يبذل أحدهم ماله كله في سبيل الله قائلا أبقيت لهم الله ورسوله قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين). وأوضح أنه قد يحصل أصحاب الباطل على انتصار مؤقت لكن البناء الذي أسس على قواعد فاسدة لا بد أن ينهار ثم تكون العاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين قال تعالى (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعده الله بقوله (ان الذي فرض عليك القران لرادك الى معاد) فعاد الى مكة سالما غانما منتصرا وتحقق وعد الله. وقال: يخطئ من يحصر معنى النصر في صورة واحدة ذلك أن للنصر مفهوما أوسع وصورا أشمل فالذي يلتزم بالاسلام ويتغلب على لذاته المحرمة ونفسه الامارة بالسوء يغدو منتصرا. ومن معاني النصر أن يلقى المسلم ربه وهو راض عنه ومن معانيه الثبات على الدين في الفتن والعزة بالايمان في المحن فابراهيم عليه السلام القى في النار بعد أن كشف زيف الباطل وثبت على عقيدته وكان هذا انتصارا قال تعالى (قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين). وسحرة فرعون هددهم بالقتل والتعذيب فما وهنوا وما ضعفوا وكان هذا نصرا للعقيدة والدين (قالوا لا ضير انا الى ربنا منقلبون انا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين) والغلام المؤمن في قومه مات منتصرا فقد أحيا الله بموته أمة من الناس حين امنوا بالله رب الغلام. (إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد) قال المفسرون ان الله سبحانه ينصر رسله والمؤمنين به في الحياة الدنيا وان اختلفت صورة النصر فمنهم من يمكنهم الله سبحانه حتى يظهروا على عدوهم ويغلبوه وينتصروا عليه ومنهم من يعجل الله العذاب لاقوامهم المكذبين لهم ومنهم من يسلط عليهم بعد قتلهم أنبياءهم من ينتقم للانبياء وينتصر لهم. ويقول المفسرون: ولهذا أهلك الله عز وجل قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس وقوم لوط وأهل مدين وأشباههم وأحزابهم ممن كذب الرسل وخالف الحق وأنجى الله تعالى من بينهم المؤمنين فلم يهلك منهم أحدا وعذب الكافرين فلم يفلت منهم أحدا. ويقول المفسرون أيضا: لم يبعث الله عز وجل رسولا الى قومه فيقتلونه أو قوما من المؤمنين يدعون الى الحق فيقتلون فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله تبارك وتعالى لهم من ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك في الدنيا فكانت الانبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون فيها. وأضاف: لقد كان الله سبحانه قادرا أن يمنح النصر لنبيه ولدعوته ولدينه منذ اللحظة الاولى من غزوة أحد بلا كلل من المؤمنين ولا عناء ولكن المسألة ليست هي النصر فحسب انما هي التربية على الثبات والصبر على البلاء والشدة وتزكية النفوس. ان ايماننا بأن المستقبل لهذا الدين يمنحنا الامل الذي يدفعنا الى العلم والعمل للوصول الى النصر بترسيخ العقيدة والاخلاص في العبادة وتصحيح معاملاتنا وسمو أخلاقنا. واذا ظل الايمان لم يتحقق في القلب ولم ترسخ العقيدة في النفوس فان الطغيان يغلب والباطل ينتعش لانهما يملكان قوة مادية. اذا أراد المسلمون نصر الله قبيل ذلك أن ينصروا الله أولا في أنفسهم وفي أسرهم وبيوتهم وفي مجتمعهم وفي معاملاتهم فيحكموا شرعه ويطبقوا شريعته. انك بهذا تهزم عدوك نفسيا من داخله باعتزازك بدينك وثباتك على منهجك والدعوة الى الله انه يريدك أن تكون من حزبه قال تعالى (ودوا لو تكفرون كما كفروا) وقال تعالى (فاستمسك بالذى أوحى اليك انك على صراط مستقيم). وأفاد فضيلته أن أساس النصر الحقيقى تحقيق العبودية في القلب والانتصار على النفس قال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون). وقال: لكننا نغلب حين نختلف ونتنازع فنفشل وتذهب ريحنا ونهزم حين تفسد النيات والمقاصد وتحل الدنيا في قلوبنا محل الاخرة (ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده). لقد تحول نصر المؤمنين الى هزيمة في أحد لمخالفة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لامر من أوامره دون قصد منهم أو فساد فيهم وكان الدرس اليما والعقاب قاسيا ولذا لا تعجب لما حل بالمسلمين في هذه الايام العصيبة من تمزيق الشمل وذهاب الشوكة. وأضاف فضيلته يقول: لهذا كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول لسعد بن أبى وقاص لما أمره على أحد الجيوش الاسلامية (أما بعد فانى آمرك ومن معك من الاجناد بتقوى الله على كل حال فان تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة على الحرب وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا منكم من عدوكم فان ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم وانما ينتصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لان عددنا ليس كعددهم وعدتنا ليست كعدتهم فان استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وان لم ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا وأعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصى الله وأنتم في سبيل الله ولا تقولوا عدونا شر منا فلن يسلط علينا فرب مسلط عليهم من هو شر منهم) ويقول أبو بكر الصديق رضى الله عنه أيضا للجند (انكم لن تنتصروا على عدوكم الا بعد تقربكم من الله وبعدهم عنه فاذا تساويتم أي في المعاصي كانت الغلبة لاكثركم عدة وعتادا). قد تهتز بعض النفوس فتستبطئ نصر الله وتساورها شبهه في خضم الاحداث (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) لماذا يصاب الحق وينجو الباطل لماذا لا ينتصر المسلمون أسئلة تتردد في أذهان من لا يفقهون سنة الله تعالى في النصر والهزيمة والابتلاء والمحن وأن الأمور تجرى بحكمة ولحكمة منها أن الله يملى للباطل والظالم لينال أشد العذاب باستحقاق (ولا يحسبن الذين كفروا أن ما نملى خير لانفسهم انما نملى لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين). ومنها أن الله يميز الخبيث من الطيب ويعظم الاجر لمن أبتلى فصبر قال تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) ومن الحكم أن تتجرد النفوس ويصفو الايمان ويتميز الصف ويتماسك البنيان ومنها أن يتعلم المؤمنون الصبر على الاذى والصبر على الهزيمة والصبر على النصر.