وتهاوى الرمز المتمثل في صنم صدام في حديقة الفردوس ببغداد. وتهاوى معه او قبله او بعده عدة اصنام زرعت في عراق الحضارة والعلم والدين من شرقه الى غربه.. ومن شماله الى جنوبه. تهاوى وهوى هذا الرمز الرهيب المخيف. رمز الخوف ورمز الاحباط ورمز الفقر والجوع والمرض. ولم تصدق ملايين ارض الرافدين هذا الحدث التاريخي.. الذي لم يحلموا به.. فلم يكتف هذا الشعب المقهور بان جر ذلك الصنم بسلسلة حديدية من عنقه وراح يقفز عليه ويظهر قهره وحنقه وهو يتقافز فوقه.. بل تعدى هذا الى الصور الفوتوغرافية والمنحوتة فأشبعها تمزيقا وضربا بالأحذية مصحوبا بصراخ هستيري تعبيرا عن حصول ما لا يحلم به وما لم يتوقعه حتى تحولت هذه الصيحات الى بكاء وانقشعت غيمة صدام وتبددت وتنفس العراق.. عراق العز والحضارة والعلم والدين.. تنفس الصعداء وكأن ما مر عبر أكثر من ثلاثة عقود كأنه كابوس ثقيل جثم على صدور أكثر من عشرين مليونا في آن واحد. كابوس حقيقي.. يتم الاطفال وأثكل الأمهات ورمل الزوجات وشرد الكفاءات وبعد.. اقف قليلا أمام كلمات المهيب وبوقه الصحاف هذا العلج الذي تسنم وزارة الإعلام الصدامية بجدارة لا تنافس.. فهو معجم للبذاءة لا تليق بأي وزير إعلام إلا إعلام صدام.. اقف قليلا أمام ذلك التبجح الذي مفاده ان الحلفاء جاءوا للمحرقة. وانهم سينتحرون على أسوار بغداد. وانهم اعني ازلام صدام ينتظرون الأوغاد والعلوج يعني الحلفاء ينتظرونهم في بغداد التي ستحدث فيها المعركة الكبرى التي سترجع جنود الحلفاء الى أوطانهم في توابيت.. واقتربت المعركة زمانا ومكانا.. وحبس بالعالم أنفاسه.. وخاصة العالم العربي وبالأخص دول الجوار. كنا ننتظر أولئك الذين مزقوا الكلاب حية ان يخرجوا لنا ليمزقوا جنود الحلفاء ودباباتهم ومجنزراتهم. كنا ننتظر أولئك النسوة اللاتي مزقن الأرانب حية ان يخرجن من عرين صدام ليحولن جنود الحلفاء الى أرانب.. وجاءت المفاجأة سقطت بغداد دون مقاومة.. واختفت النساء واختفى الرجال ودخل جنود الحلفاء وجاسوا خلال الديار.. خلال بغداد.. خلال دار السلام.. وكسروا الأصنام وأشاعوا الفوضى وتركوا الحبل على الغارب للصوص والمخربين.. وما خرج لهم رجل من أشاوس صدام ولا امرأة من فدائييه ليمنعوا هذا التدمير المتعمد.. لقد قبعوا في جحورهم وصاروا هم الأرانب. أين الذين عثوا في الكويت عام 90 وقبلها في العراق وإيران؟ لقد انشقت الأرض وابتلعتهم.. أو .. فص ملح وذاب؟