ضيفنا لهذا الاسبوع ليس تقليديا بل صاحب قصة كفاح, شاب ظل يتفجر طموحا لأربعين سنة ولعلو همته بلغ قمة الهرم الاداري في شركة من اكبر شركات النفط في العالم (ارامكو السعودية)، وبتواضع العظماء يرد الفضل في نجاحه بعد توفيق الله الى فريق العمل والى حياته الاسرية المستقرة. آراؤه واضحة ومحددة يعتز بتربيته الاسلامية يرفض المجاملة على حساب المبادئ يؤمن بان العطاء يزيد او يقل حسب التحدي.. يتفاءل بمستقبل النفط في بلادنا وبهمة وعزيمة الشباب, التقاعد لديه نقطة انطلاق جديدة. ضيفنا هو سعد بن راشد الشعيفان النائب الاعلى للرئيس للتكرير والامداد والتوزيع بارامكو السعودية, تدرج في العمل الوظيفي من ساعي بريد الى عدة مناصب قيادية وادارية. له مسيرة مميزة وموثوقة في موسوعة (المهنيين الدوليين) انتخب عضوا في مجالس ادارة العديد من الشركات ومنها بترون كوربوريشن وشركة الشعلة ستار وشركة التكرير السعودية وشركة سهيل ستار وشركة البترول السعودي وكذلك عضوا في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس (ساسو) وكذلك عضوا في شركة خدمات ارامكو. الهجرة طلبا للعلم @ اليوم: قبل ان ننطلق معا في مشوار حياتك نود ان نعرف كيف كانت البدايات، الميلاد، النشأة، الأسرة، الطفولة؟ الشعيفان: تعود جذور الاسرة الى عمود وادي الدواسر وتحديدا من منطقة تمرة ولكن العائلة انتقلت الى الشمال قبل اكثر من مائة سنة وسكنت في حائل. اما اسباب الانتقال فلا اعرف سببا محددا لكن اعتقد ان الانتقال قبل مائة سنة من مكان الى آخر كان امرا طبيعيا. الوالد كان تاجرا ليس بالمعنى الاصطلاحي للتجارة الان برأس مال ضخم وادارة عليا بل تجارة بين القرى في متطلبات الحياة البسيطة وكذلك التجارة.. او بالاصح الاستثمار في المجال الزراعي بتمويل صغار الفلاحين بالدعم المالي الذي يعينهم على الزراعة. بالاضافة الى التجارة في مجال المواشي. القرية التي سكنها الوالد ومارس فيها وفيما حولها تجارته تسمى الان (المستجدة) وهي على جبال رمان حوالي (60) كيلو مترا من مدينة حائل الى الجنوب، وهذه القرية هي التي ولدت فيها عام 1371ه. وتعلمون ان في حائل ثلاثة جبال شهيرة منذ القدم هي اجأ وسلمى ورمان، تحتضن فيما بينها قرى رائعة زالت الان اكثر معالمها بفعل التطور والعمران او الهجرة منها الى المدن الكبرى. واسرتنا واحدة من الاسر التي هاجرت من القرية الى المدينة وكان هدف والدي من هذا الانتقال هو تعليم ابنائه. @ اليوم: هل كان المجتمع في ذاك الوقت مدركا لأهمية التعليم حتى يرحل الناس بحثا عن المدارس؟ الشعيفان: المجتمع بأكمله لم يكن مدركا لأهمية التعليم حتى يرحل له او يطلبه ويبحث عنه، ولكن والدي بحكم التجارة والاحتكاك بالآخرين ادرك مبكرا اهمية التعليم ولكن حتى والدي لم يضع في حسبانه الدراسات العليا والتخصصات الدقيقة بل كان يهدف الى تعليمنا ابجديات القراءة والكتابة والدين والحساب. زواج من عدة قبائل @ اليوم: كم ترتيبك بين اخوتك؟ الشعيفان: لأننا قادمون من خارج المنطقة اتجه والدي للزواج من عدة قبائل كبرى كقبيلة بني تميم وشمر وغيرهما، لذا فان اخوالنا موزعون في قبائل شتى. نحن في مجموعنا تسعة اخوة وست بنات وترتيبي الرابع. @ اليوم: عندما التحقت بالمدرسة؟ كيف كان التعليم والمناهج؟ الشعيفان: التحقت بمدرسة حكومية ولم تكن المدارس في ايامنا مجهزة بمقاعد وطاولات بل كانت بساطا في الغالب وبعضها بدون بساط بل على الارض مباشرة. كانت مدرستنا تسمى (الجر) وسميت مؤخرا المدرسة السعودية واذكر من اساتذتي الاستاذ صالح الراشد واعتقد انه كان من اهل الرياض لانه نقل اليها وقد يكون متقاعدا الان. وظللت بالمدرسة حتى اكملت السادس الابتدائي عام 1377ه. وكانت شهادة الابتدائي آنذاك مفتاح مستقبل وظيفي جيد كما كانت مرضية ومقنعة تماما للوالد ولكن كان لي اخ يعمل بالمنطقة الشرقية له رأي آخر. يوم من ايام الطفولة @ اليوم: قبل الانتقال الى المنطقة الشرقية صف لنا ما تتذكره من حياتكم في قرية المستجدة التي اصبحت الان اطلالا كما قلت؟ الشعيفان: كان والدي التاجر من ميسوري الحال في القرية وكان من الطبيعي ان يكون بيتنا نسبيا واحدا من بيوت الصفوة من حيث المبنى ومن حيث المحتوى ايضا. وكان اهل القرية يتجهون كل صباح الى المزارع القريبة من القرية حيث يعمل الكل في الزراعة، اما في موسم الربيع فكانوا يتجهون للمحميات وحتى لا يتخيل شباب اليوم ان هذه المحميات كانت للحياة الفطرية اقول لهم ان هذه المحميات كانت لرعي الابل ولكل اسرة وقبيلة محمياتها. باختصار شديد اقول ان كل القرية كانت تعمل. وعلى مستوى الاسرة كان الافراد كلهم يعملون ولم تكن القرية ولا الاسرة تعرف البطالة. @ اليوم: هل كنت تعمل وأنت تلميذ بالمدرسة؟ الشعيفان: أجل.. كنت اجلب الماء العذب للاسرة من مسافة تبعد عن بيتنا اربعة كيلو مترات على الاقل كان معي واحد من اخوتي وكان هذا العمل يمتد من عودتي من المدرسة حتى مغيب الشمس لبعد المسافة. وعندما تغرب الشمس ابدأ في حل واجباتي المدرسية. بالطبع لم تكن هناك مصابيح كهربائية او غير كهربائية وكان حل الواجب المدرسي والمذاكرة على ضوء (السراج) وكانت لدينا مصابيح احدث من السراج تعمل بالكيروسين ولكنها لا تتحمل الاستعمال اليومي لذا كان استخدامها محصورا ومرتبطا بوجود ضيوف. وكان والدي حريصا على مذاكرتنا دون ان نسهر حتى لا تفوتنا صلاة الفجر فكان اذا لاحظ طول فترة المذاكرة يأمرنا باطفاء السراج واستكمال مابقي من المذاكرة بعد صلاة الفجر وبذلك يضمن ثلاثة اشياء: حضورنا جميعا صلاة الفجر، والمذاكرة المبكرة بصفاء ذهن، وتقليل استهلاك السراج. وكنا راضين فرحين بهذه الحياة ولك ان تتخيل المتاح لصغارنا الان وكيفية الاستثمار! وفي الايام التي لا تكون فيها واجبات مدرسية او لاتكون فيها الاسرة بحاجة للكثير من الماء كنت اساعد الوالد في التجارة مما يؤكد ان كل شخص حتى الطفل في زماننا كان يرى الجلوس بلا عمل عيبا. من الريف الى العاصمة ورغم رضانا بهذه الحياة واقتناعنا بها الا انها كانت حياة رتيبة:مدرسة، جلب ماء، مذاكرة.. ثم تدور الدائرة دون جديد. ورغم قسوة الحياة الا ان الوالد لم يكن قاسيا بل اقرب الى الرقة وكان امام المسجد في وقت لم يكن فيه للامام راتب او مكافأة على الاطلاق. كانت قسوة والدي تظهر في حالة واحدة فقط وهي التهاون في اداء الصلوات اما فيما عدا ذلك فكان دائم الابتسام رقيق القلب. وكنا كصغار مطيعين طاعة مطلقة للوالدين ولمن هم في مقامهما، كما ان الحياة كانت بسيطة وليس فيها ما يلهي او يغري بالهروب او التمرد على الاسرة او الانشغال بأي شيء غير ما ذكرت، فالبرنامج اليومي واحد لكل سكان القرية صغارا وكبارا هكذا كانت الحياة بسيطة لا تعقيد فيها. @ اليوم: وماذا بعد الصف السادس الابتدائي؟ الشعيفان: كنت اقل من 12 سنة حين اكملت السادس الابتدائي وكنت املك ساعة ودراجة هديتين من زواج اخواتي. بعتهما دون علم الوالد وصارحته برغبتي في اللحاق بأخي الذي يعمل في المجال العسكري بمنطقة الرياض. ولم اكن اعرف عن الرياض شيئا ولكني احتفظ بوصف المكان الذي يعمل فيه أخي. من الرياض الى الشرقية @ اليوم: ما أول شيء فعلته عند قدومك الرياض؟ الشعيفان: ركبت سيارة أجرة وتوجهت رأسا الى المدرسة العسكرية على طريق المطار القديم. وقدمت شهادة الابتدائية وتم قبولي فورا بالمدرسة العسكرية التي اذا تخرجت منها تتأهل لدخول الكلية الحربية كالانتقال من المتوسطة الى الثانوية في نظام التعليم العام. @ اليوم:... وماذا بعد قبولك؟ الشعيفان: بعد قبولي سألت عن اخي الطالب العسكري وحين استدعوه فوجئ بوجودي ولم يصدق عينيه! وعندما رويت له كل ماحدث فرح بي. واسترخص لي ايام الاربعاء والخميس والجمعة لأتهيأ للدراسة من صباح السبت وحصل على الموافقة بذلك. ويوم السبت الموعود تم ارسالي الى منطقة الخرج التي كان لنا فيها بعض المعارف والاقارب ايضا. لم استمر كثيرا في المدرسة العسكرية وعندما لاحظ اخي اني غير متحمس للاستمرار في هذا المجال نسق مع اخي الذي يعمل في الظهران فاتجهت الى الظهران حيث كان اخي محمد يعمل في ارامكو. واستقللت القطار ووجدت اخي محمد في انتظاري وفور وصولي قدمت للعمل في ارامكو فلم يقبلوني لصغر سني. واسترعى انتباهي سهرات الخميس ليلة الجمعة من كل اسبوع. @ اليوم: ماذا كان فيها وكيف كانت؟ الشعيفان: يجتمع العاملون السعوديون في مختلف الوحدات، والقادمون من مختلف مناطق المملكة، يقضون الليل كله في سمر وتعارف والقاء قصائد شعرية. ويقومون باعداد الطعام بصورة جماعية ويتناولونه بطريقة جماعية، وكان في المجموعة شعراء يلقون شعرهم وما يحفظونه من شعر غيرهم في جو اجتماعي برئ. @ اليوم: لم يتم قبولك في ارامكو فماذا فعلت؟ الشعيفان: رجعت الى حائل ودرست الصفين الاول والثاني من المرحلة المتوسطة وعاودني الحنين لارامكو وحياة العاملين بها فشددت الرحال ونزلت ضيفا على اخي ليبحث لي عن وظيفة في ارامكو. وعدني خيرا وقابل المسؤولين، ويوم النتيجة خرجت مبكرا وظللت مرابطا دواما كاملا تحت شجرة ادور مع ظلها في كل الاتجاهات في صيف شديد الحرارة والرطوبة! وفي نهاية الدوام ابلغني اخي بأن طلبي لم يقبل لاني مازلت صغير السن! المدرسة المتوسطة بالخبر قررت مواصلة الدراسة ولكن تمسكت بالمنطقة الشرقية وجلست مع احد اقاربنا ودرست الصف الثالث من المرحلة المتوسطة بالخبر في مدرسة كانت هي الوحيدة. وكانت مدرسة من طابقين، الطابق الاول مرحلة ابتدائية والطابق الثاني مرحلة متوسطة وموقعها الان نهاية شارع الملك خالد من جهة اليمين عند محطة القصيبي. @ اليوم: من تتذكر من زملاء الدراسة بهذه المدرسة؟ الشعيفان: معالي الدكتور عبدالعزيز المانع وزير الدولة، أبناء النصار، محمد السدير، عبدالله الماضي، كما اتذكر المدير عبدالله فرج الصقر الذي كان في رعاية الشباب. @ اليوم: هل كانت المدرسة تابعة لارامكو؟ الشعيفان: لا.. تابعة للمعارف. وبعد الكفاءة كان ميسور الحال من الطلاب يتابع الدراسة الثانوية بالدمام او الاحساء. @ اليوم: كنتم في المرحلة المتوسطة تستلمون مكافآت تشجيعية من الدولة؟ الشعيفان: ليس كل الطلاب ولكن الذين هم من خارج المنطقة كان لهم دعم شهري بسيط ولكنه يكفي، ولم يكن تسليمنا المبلغ شهريا بل كان يجمع ويسلم لنا على فترتين واحيانا دفعة واحدة في نهاية السنة. ... ثم الى ارامكو @ اليوم: وجود اخيك في ارامكو وسكنك معه واستلام الدعم كل هذا جعلك في وضع مادي ميسور فهل تابعت دراستك والتحقت بثانويات الدماموالاحساء؟ الشعيفان: لم أفكر في ذلك اطلاقا. @ اليوم: وماذا فعلت بشهادة الكفاءة؟ الشعيفان: ركضت بها الى ارامكو وتقدمت للمرة الثالثة للعمل بها. @ اليوم: ولماذا هذا الاصرار على الالتحاق بأرامكو التي رفضتك مرتين خاصة وان المجالات كانت مفتوحة؟ الشعيفان: لانها الوحيدة التي تستطيع فيها ان تعمل وتترقى في عملك مع الاستمرار في الدراسة ان كنت طموحا. وما عدا ذلك فالفرص محدودة ومعظمها في المجال العسكري الذي هربت منه او العمل مدرسا والاكتفاء بذلك او الالتحاق بالمعاهد العلمية. وقدامى العاملين بالشركة من ابناء جيلي لديهم تجارب مماثلة وخاصة في بدايات الالتحاق بارامكو فمثلا كان سن ال 18 هو اقل ما يقبل في ارامكو لذا تجد ان كل العاملين مهما كانت اعمارهم تقدموا للعمل على انهم 18 سنة وساعدهم على ذلك عدم وجود شهادات ميلاد اصلية دقيقة وموثقة. ومن الصدف ان الشجرة التي داومت تحتها دواما كاملا ادور مع ظلها حيث دار في انتطار دوري للمقابلة الشخصية عدت اليها بعد 37 سنة وانا واحد من الهيئة الادارية العليا بالشركة. وكما قلت لك كثيرون مروا بنفس التجارب مع ارامكو في بداية التعيين. @ اليوم: وأين هذه الشجرة الآن؟ الشعيفان: كما كانت، وكلما مررت بجوارها او اوقفت سيارتي تحتها اتذكر انتظاري الطويل وانا دون ال 12 سنة احتضن شهادة المرحلة الابتدائية.. راتبي (275) ريالا @ اليوم: اصرارك على الالتحاق بأرامكو ونجاحك في النهاية ماذايعني بالنسبة لكم؟ الشعيفان: خرجت من هذه التجربة بدرس في غاية الاهمية وهو ان كل واحد منا ميسر لما خلق له والاقدار تسوقنا الى حيث فيه رزقنا قد نهرب ونبتعد ولكن الاقدار تعيدنا بصورة او اخرى، هذا هو الدرس الاول. اما الدرس الثاني والاهم فهو ضرورة الكفاح للوصول الى الهدف فلو اسقطت ارامكو من حساباتي بعد الجولة الاولى او الثانية ربما كنت الان في موقع آخر ولكني صبرت حتى ظفرت وكما قيل (من اكثر الطرق اوشك ان يفتح له) ومن عزم على شيء فعليه ان يتوكل. @ اليوم: وماذا كنت تنوي ان تعمل في ارامكو؟ الشعيفان: نفس السؤال واحد من اسئلة استمارة المقابلة الشخصية لمن يود العمل في ارامكو. وفي ايامنا كان هناك مساران لا ثالث لهما المجال الكتابي واعني به العمل المكتبي لمن لديهم إلمام بالقراءة والكتابة او شهادة ايا كانت، والثاني المجال العملي كقيادة السيارات والآليات وما يتعلق بصيانتها وغير ذلك. ولم يكن امامي غير الخيار الاول فالتحقت به. ولكن هذا الخيار ليس اتجاها واحدا فالعمل الكتابي يتفرع في الداخل الى ادارة محاسبة وشؤون موظفين و.... الخ وكل ادارة عالم آخر يتوه فيه حديث العهد مثلي. @ اليوم: من اين بدأت العمل وبأي وظيفة؟ الشعيفان: بدأت العمل كاتبا بادارة البريد في منطقة رأس تنورة براتب شهري قدره (275) ريالا وكان لابد من المرور بفترة تجربة للطرفين فقد لايروق لي العمل وقد لايروق للمسؤولين ادائي.. كان على موزع البريد الطواف على كل مواقع العمل من مكاتب ومصانع ومستودعات. ومن خلال هذه الجولات وجدت ان عمل المكاتب لا يستهويني لانه لا يخلو من رتابة فطلبت نقلي الى ادارة اخرى. ولكن العمل غير المكتبي بحاجة لاستعدادات وبحاجة لتقبل طبيعة عمل ميدانية تختلف عن عمل المكاتب وربما احتاج جهدا اكبر لكني رضيت به. @ اليوم: بنفس الراتب؟ الشعيفان: بزيادة عشرة ريالات او (15) ريالا في الشهر ولكن لم اهتم بزيادة الراتب قدر اهتمامي بتغيير طبيعة العمل. @ اليوم: وماذا اغراك في العمل الميداني بعكس توزيع البريد؟ الشعيفان: كنت ريفيا ارى في الزي الابيض الناصع الذي يلبسه موزع البريد وفي طبيعة العمل نعومة لاتناسبني بل هي طبيعة اقرب للاطفال غير الجادين، بينما العمل الميداني لا يخلو من خشونة وعرق وصبر وكلها تناسب طبيعتي الريفية. وهنا اتذكر ذلك اليوم الذي وجدت فيه ثلاجة الماء الخاصة بالعمال معطلة والماء حارا ويوجد ثلاجة اخرى داخل المكاتب وهي مخصصة لكبار الموظفين فتسللت الى داخل المكاتب لاشرب من الماء البارد فسحبني احد المديرين الامريكان بتلابيبي ورماني في الخارج ثم جلست مكسور البال اتساءل عن السبب واخيرا توصلت الى نقطة مهمة وهي (التعليم) فالعلم هو من رفع هؤلاء ومن هنا غيرت الثلاجة مسار حياتي.. ... وسحبني العامل للخارج! @ اليوم: قلت ان حادثة الثلاجة المعطلة غيرت مسارك كيف؟ الشعيفان: عندما سحبني العامل واعادني الى نفس الباب الذي دخلت منه لم اقاوم كثيرا بل جلست بعيدا وراجعت كل حساباتي وقارنت بين نفسي واولئك المسموح لهم بشرب الماء البارد من الثلاجات غير المعطلة وخرجت بشيء واحد هو أهمية وضرورة الحصول على تعليم عال مهما كان الثمن. وحتى لا ينصرف فكري الى شيء آخر بادرت في اليوم التالي بتسجيل اسمي ورغبتي في متابعة الدراسة لتكون حادثة الثلاجة المعطلة اكبر نقطة تحول في حياتي. @ اليوم: دراسة متخصصة؟ الشعيفان: في البداية دراسة شاملة فيها اللغة الانجليزية وفيها العلوم والرياضيات وغير ذلك بمعدل اربع ساعات يوميا بعد الدوام الكامل، أي اني جمعت بين العمل والدراسة دون ان يطغى احدهما على الآخر وذلك باصرار عجيب. وبعد (24) سنة من حادثة الثلاجة كنت مدير منطقة الجعيمة ووجدت امامي وافدا يتقدم بطلب تمديد فترة عمله ستة شهور اخرى ليكمل الثلاثين ويحصل على مكافأة خدمة كاملة.. كانت وظيفته قد سعودت لكني امهلته الشهور الستة ليتحقق طلبه هو بالطبع لم يعرفني ولكني عرفته فهو نفس العامل الذي سحبني من الثلاجة وغير مجرى حياتي. @ اليوم: هل واجهته بما فعل معك؟ الشعيفان: حتى بعد ان حققت له طلبه ومنحته فترة التمديد التي طلبها لم اشأ مواجهته بموقفه معي واقنعت نفسي بانه في ذاك الوقت كان يؤدي عمله المكلف به، ولكني رويت القصة كاملة في وقت آخر. @ اليوم: متى؟ الشعيفان: عندما اكمل فترة التمديد اقمت له حفل تقاعد وفي ذاك الحفل عززته وكرمته ورويت القصة كاملة ليس بغرض التشفي بل لاشكره على ان غير مجرى حياتي، فلو تساهل في اداء عمله وتغاضى عن دخولي وخروجي كنت سأكتفي بجرعة ماء بارد واعود الى عملي ولكنه بسلوكه معي نفعني بقصد او بدون قصد. وقد تقبل الرجل مني كل ذلك ببشاشة ورحابة صدر. بعثة الى أمريكا @ اليوم: وواصلت الدراسة؟ الشعيفان: واصلت الدراسة بحماس حتى اصبحت مؤهلا لبعثة في الولايات المتحدة لتكملة المرحلة الثانوية وما بعدها وتوجهنا كمجموعة الى الولايات المتحدة عام 1972م ودرسنا في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة حتى حصلنا على الشهادة الثانوية بالنظام المعتمد في امريكا. قد يكون الشخص مؤهلا علميا واكاديميا لكن لابد من الحصول على هذه الشهادة كشرط اساسي لدخول الجامعات. @ اليوم: هل كنت متزوجا؟ الشعيفان: نعم كنت متزوجا وابا لطفل وفي انتظار الثاني وقد سافرت معي اسرتي واقامت معي هناك. أسرتي اختارت زوجتي @ اليوم: قبل ان تحدثنا عن امريكا والدراسة والاقامة، نقف بك قليلا عند زواجك كمحطة اساسية. كيف كان زواجك؟ الشعيفان: كان زواجا تقليديا بكل طقوسه وممارساته الممتعة. فقد اختارت الاسرة زوجتي دون ان اراها او اعرفها استنادا الى اسرتها وسمعتها واصلها. وقد ابديت الموافقة دون تردد لان اسرتي تختار لي الخير ولا اشكك في ذلك مطلقا. وكان علي بعد الموافقة تجهيز كل متطلبات اتمام الزواج. @ اليوم: كم كلفك الزواج؟ الشعيفان: كلفني مبلغا كبيرا بحساب ذاك الوقت فقد دفعت مهرا قدرة عشرة الاف ريال نقدا وبقية التكاليف من اولها الى اخرها ثمانية الاف ريال، وهذا المبلغ هو كل ما ادخرته منذ دخولي ارامكو حتى تزوجت. @ اليوم: ألم يكن لك مصدر دخل غير عملك؟ الشعيفان: كما قلت لك بدأت براتب (275) ريالا وحتى لحظة زواجي لم يتجاوز راتبي الاربعمائة دون اي مصدر دخل آخر مما يدل على عدم التفريط في اي ريال استلمته وهذا درس آخر في ضرورة الادخار والتوفيروعدم التبذير. @ اليوم: شباب اليوم يشكون غلاء المهور؟ الشعيفان: عشرة آلاف ريال قبل خمس وثلاثين سنة مبلغ كبير مما يعني ان المهور كانت غالية حتى في زماننا والغلاء امر نسبي علما باني تزوجت عام 1968م. أطفالي.. والحياة الغربية @ اليوم: البعض يرى الزواج معوقا عن الدراسة خاصة وان معك اطفالك؟ الشعيفان: هذه نظرة قاصرة وفلسفة عاجزة. وعلى العكس تماما ارى ان زواجي اساس نجاحي وكل ما حققته في حياتي من دراسة ونجاح وظيفي حققته بعد الزواج الذي هو الاستقرار في كل شيء. وبمنتهى الصدق اقول ان وجود زوجتي معي في غربتي ودراستي وعملي وابتعاثي كان دعما قويا لي في كل خطوة من خطواتي زوجتي ككل بنات جيلها اكتفت من التعليم النظامي بشهادة الابتدائية ولكنها ايضا كبنات جيلها واعية ومدركة وهي نعم رفيقة الدرب في كل خطواتي اينما كنت. @ اليوم: هل ظلت معك طوال فترة اقامتك في امريكا؟ الشعيفان: في البداية ذهبت وحدي لاستطلع الوضع العام ومدى مقدرة زوجتي على التكيف في بيئة غريبة، وبعد فترة وجيزة كانت معي لاحساسي بأنها قادرة على ذلك. ولكن بعد ان كبر صغارنا واجهتنا مشكلة عدم تخاطبهم بالعربية وخشينا على مستقبلهم فاضطرت زوجتي للعودة بهم الى البلاد بينما واصلت واستمررت مع الفارق الكبير جدا بين ان تكون الاسرة معك وان تكون بعيدا عنها. طغيان اللغة فرق بيننا @ اليوم: اذن الخوف من طغيان اللسان الاجنبي هو الذي فرق بينك وبين اسرتك؟ الشعيفان: الخوف لم يكن من طغيان اللغة غير العربية لان تعلم العربية او غيرها من اللغات ممكن في وقت لاحق كما تعلمت انا الانجليزية ولكن المشكلة طغيان السلوك الغربي المغاير تماما للسلوك العربي الاسلامي.. ولان النشأة الاولى لها التأثير الاكبر فيما بعدها وجدنا انا وزوجتي ان الاصوب ان تكون بدايات اطفالنا في بيئتنا العربية الاسلامية. @ اليوم: من كان معك من اطفالك في تلك الفترة؟ الشعيفان: طارق وزياد. @ اليوم: كم لكما من الذرية وأين هم الآن؟ الشعيفان: عندي تسعة أبناء وبنت واحدة: طارق وزياد يعملان في ارامكو، راشد وهيثم ومعتز يدرسون بجامعات امريكا. والصغار ثامر, احمد، طلال، نواف، وشقيقتهم في المراحل الاساسية. @ اليوم: وتخصصاتهم في الجامعة؟ الشعيفان: هيثم يدرس الهندسة الكيميائية التي هي نفس تخصصي، ومعتز يدرس التسويق، وراشد حصل على التأشيرة مؤخرا وفي طريقه الى الدراسة بأمريكا. كنا كالاخوة تماما @ اليوم: بعد وقفتنا مع الاسرة، نعود الى امريكا والدراسة فيها وذكرياتكم عنها وزملاء الدراسة؟ الشعيفان: مجموعتنا في امريكا كانت كبيرة العدد حيث كنا خمسة وثلاثين شابا سعوديا اذكر منهم الان سمير محمد شهاب شفاه الله وقد وصل قبل تقاعده الى وظيفة نائب رئيس شركة ارامكو. ومن الزملاء ايضا ابراهيم المهوس وموسى السعدون الذي يعمل بشركة حديد وعبدالعزيز الحسين وعبدالله القحص الذي تقاعد مؤخرا من مجموعة شركات البسام وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم الآن. وكان اكثر ما يميز مجموعتنا الكبيرة هذه التآخي والتكاتف الموجود بيننا لدرجة ان كل من حولنا كان يعاملنا ويتعامل معنا كأننا اخوة وبالفعل كنا كذلك ومثل هذه العلاقة تخفف كثيرا من عناء الانسان في غربته. @ اليوم: والمجتمع المحيط؟ الشعيفان: كان المجتمع المحيط يبادلنا احتراما باحترام وتقديرا بتقدير لدرجة ان الكنيسة لاحظت حيرتنا في كيف واين تصلي صلاة الجمعة فاقترحت علينا تسليمنا صالة واسعة لاداء الجمعة على ان نترك المفتاح في مكان معين بعد الصلاة لنجده في نفس المكان في الجمعة التالية. ولسمعتنا الطيبة وسلوكنا القويم اكتسبنا ثقة المحيطين بنا لدرجة ان الدعوات كانت تصلنا من عدة عائلات لقضاء العطلات القصيرة ونهايات الاسبوع معها. وكانت البلاد آمنة لاتشعر فيها بأي نوع من الخوف او المضايقات واذا رجعت بذاكرتي الى السنوات التي قضيتها في امريكا اجد نفسي كونت صداقات لاحصر لها حتى خيل الي ان كل العالم اصدقائي رغم ان دراستي المتصلة لم تتجاوز خمس سنوات في الشهادة الثانوية وبكالوريوس الهندسة الكيميائية. اما ما عدا ذلك فقد كانت دورات متقطعة وزيارات عمل متفاوته المدة في جامعات عديدة مثل جامعة فيلادلفيا وجورج تاون وايمري في جورجيا. وبايجاز ارى ان فترة الدراسة في امريكا كانت دراسة وعلما وثراء فكريا وعلاقات طيبة على المستوى الانساني وليس في الذاكرة ما يعكر صفو تلك الذكريات. @ اليوم: والاعلام الامريكي والشعب الامريكي؟ الشعيفان: قلت لك كان كل شيء صديقا وجميلا لافرق في ذلك بين الاعلام والشعب والعرب وغير العرب. الفارس يترجل @ اليوم: حصلت على تقاعد مبكر من الشركة ومن عضوية العديد من الشركات فهل آمنت بان الفارس آن له ان يترجل؟ الشعيفان: الفارس يظل فارسا حتى آخر رمق في حياته ولكن الفرس يقلب اندفاعه وتتقارب خطواته ويصعب على الفارس استبداله بآخر فيه نفس السمات. العطاء لايتوقف ما دام في الحي عرق ينبض ولكن الصورة قد تتغير ومن صور التغير عدم ارتباط العطاء بالوظيفة، فقد يقدم المتقاعد عطاء كثيرا بأقل من الجهد الذي كان يبذله وهو على رأس العمل. قد تسألني لماذا طلبت التقاعد المبكر واجيبك بأني كنت اصلا على اعتاب التقاعد بمعنى ان تقاعدي ليس مبكرا جدا. اما السبب فهو احساسي بانعدام التحدي في داخلي. وانعدام التحدي يخلق نوعا من الرتابة ولا اريد الوصول الى هذه الدرجة بمعنى اني لا اريد العمل حتى ينضب نبع العطاء ويجف تماما لان العطاء يزيد ويقل حسب التحدي. لامكان للمجاملة! @ اليوم: يقول عبدالله جمعة رئيس شركة ارامكو انك تمثل خير قدوة للجيل السعودي الجديد من العاملين بالشركة، كيف استطعت ان تؤسس هذه الثقة في شركة تعد من اكبر شركات النفط في العالم؟ وبم تنصحون الشباب؟ الشعيفان: اعتز بكلام الاخ عبدالله وقد عملنا معا فترة طويلة كفريق عمل وطرقنا ابوابا ربما لم تكن مطروقة في عالم النفط في حدود توجيهات ولاة الامر حفظهم الله ووفق توجهات الدولة التي اعزها الله بدينها وقادتها وانعم عليها بالثروات. اضافة الى الدولة الراعية والقيادة الرشيدة نجد ان شركة ارامكو مجهزة تجهيزا عاليا وتوفر كل الفرص لمن يريد ان يعمل او يدرس او يبدع في اي مجال فتظهر كل القدرات والابداعات والمواهب والابتكارات بحيث لايكون هناك عذر لمن لايعمل ويستفيد من الفرص والامكانات المتاحة من تدريب ورعاية وتوجيه وفق اسس علمية صحيحة. تسألني كيف اسست ثقة الشركة في شخصي اجيبك بأني وظفت كل ما اتيح لي توظيفا جيدا فحققت من النجاح ما ارضى ربي وارضاني وارضى العاملين معي رؤساء ومرؤوسين عبر كل مراحل حياتي الوظيفية في الشركة، وكل هذا من توفيق رب العالمين. فيما يتعلق بالجزئية الخاصة بنصيحتي للشباب انا دائما لا اميل للقيام بدور الناصح لانني مهما عملت لا أرى نفسي بلغت مرحلة نصح الاخرين ليقتدوا بي ويسيروا على خطواتي نفسها. ولكن اقول للجميع ان تجربتي موجودة ومن رأى فيها خيرا وسار عليها جزاه الله خيرا، ومن رأى ان يستفيد منها ويضيف اليها وينتهج نهجا افضل مما سرت عليه فهو مجتهد اسأل الله ان يوفق. مع ضرورة الاهتداء بالقيم الاصيلة الموجودة في ديننا كالاخلاص، والتفاني، وحب العمل كقيمة، والانضباط التام لان الانضباط اداء للامانة، وغير ذلك مما جاء في ديننا قبل مئات السنين، وكل من يطبق هذه القيم والمعاني عمليا في سلوكه العام وحياته كلها ووظيفته يرضى الله تعالى عنه ويرضي عباده عنه حتى يرون فيه القدوة الحسنة وهذا ما اؤمن به واطبقه مستعينا بالله. في الجانب الاداري يرى البعض انني (جاف) في تعاملي مع بعض القضايا وبحمد الله ليست لدي حساسية من النقد ولا انزعج من كلمة (جاف) في بعض المواقف ولكني اوضح باني ارى العمل عبادة وامانة وارى التهاون فيه خيانة للامانة ومن هذه الزاوية ارفض المجاملات الضارة بمصلحة العمل ولا يمكن ان اقبلها او اتساهل فيها لايماني بان من الخطأ المجاملة على حساب المبادئ والقيم، فالعدل قيمة تعني ان كل انسان ينبغي ان يؤدي واجبه كاملا ويأخذ حقه في الحال كاملا غير منقوص، ولا ارى مبررا للمجاملة في هذه القيمة من منطلق قبلي او عشائري او زمالة او قرابة او صداقة. @ اليوم: بصراحة هل تتعامل بهذا الاسلوب مع ابنائك؟ الشعيفان: حرفيا ودون ادنى مجاملة وهم يدركون ذلك ويعلمون جيدا اني لا اغني عنهم شيئا دوري كأب تأهيلهم للحياة وعليهم بعد ذلك دخول معترك الحياة متسلحين بقدراتهم الذاتية وتأهيلهم، لا بمنصب والدهم لان والدهم لم يعتمد على منصب والده واؤكد مجددا ان القيم لا مجال فيها للمجاملة ايا كانت. مع فريق العمل @ اليوم: لكم في الشركة بصمات واضحة، فما القرار الذي ترى انه اهم قرار اتخذته؟ الشعيفان: لا اعتقد انني اصدرت قرارا فرديا يوما ما سواء جانبني الصواب ام لا. كل القرارات التي اتخذتها كانت ضمن فريق العمل وأحسن القول اني كنت عضوا فعالا في فريق عمل فعال، مع شكري وتقديري لكل من احسن بي الظن في اي موقع. هناك قرارات ادارية وتشغيلية وقرارات تبنيتها شخصيا ولكن لم يكن بمقدوري عمل ذلك لولا فريق العمل المتجانس المتناغم، والمجال المفتوح، والمناخ العملي المناسب، والدعم غير المحدود من الشركة. واسجل هنا اعتزازي بفريق العمل الذي كنت جزءا منه طوال خدمتي التي تجاوزت اربعين سنة. ومما اتذكره: عندما كنت مدير عمليات مصفاة رأس تنورة كان هناك معمل واحد فيه كمبيوتر قديم جدا. عملت مع فريق العمل لتحديث المصفاة وبذلنا جهدا وطاقة حتى بلغت نسبة تشغيل المصفاة بالحاسب الآلي 90% من النسبة العامة للتشغيل وهذه نقلة نوعية احس بها كل العاملين واعتز بها كثيرا. وفي مركز الابحاث في الظهران كنت واحدا ممن تابعوا مراحله منذ ان كان تصورا وفكرة حتى أصبح واقعا رائعا.. وهذا الحوار فرصة لاشد على يد كل واحد من فريق العمل الذي كان معي وبذل المزيد من الجهد ما جعل الامل عملا. سياستنا النفطية متزنة @ اليوم: نفط العراق مجهول المصير بعد الحرب، ونفط فنزويلا تعرض لبعض المشاكل، ونفط نيجيريا.... الخ فكيف ترى مستقبل صناعة النفط في بلادنا مع الاحداث العالمية المتداخلة؟ الشعيفان: لايوجد ارتجال في السياسة النفطية في المملكة ليحدث تأثر فوري بسبب ظرف طارئ هنا او هناك. فالسياسة النفطية في المملكة العربية السعودية متزنة وتسير وفق اسس مدروسة. هناك انتاج وتصدير واحتياطي يتجاوز الحاضر الىالنظرة المستقبلية البعيدة لذلك لم تهتز صناعة النفط لدينا في التقلبات العالمية ولا في حرب الخليج الاولى ولا الثانية، وباذن الله لن تهتز هذه الصناعة في الحرب الدائرة اليوم. ونحمد الله الذي منح بلادنا هذه الثروة وقيض لها من يحرسها ويحفظها، ويصنع لها الخطط التي تكفل لها الثبات في وجه العواصف والاعاصير ولا خوف على بلادنا ما دام هناك نفط ينتج في اي مكان من الكرة الارضية. شاعرية الضيف @ اليوم: من خلال اللقاء كشفنا انك شاعر تتذوق الشعر وتقرضه هلا ختمنا لقاءنا هذا بقصيدة تختارها لنا؟ بكل سرور وتاريخ القصيدة: الساعة الثانية ليلا ليلة الخميس 31/7/1997 فوق بحر الصين الجنوبي بعد الخروج من مانيلا بعد نهاية اخر اجتماع لمجلس ادارة شركة بترون ==1== النور غاب وجا بسرباله الليل==0== ==0==وطيار ابو منذر على الغيم علا على يمينه فوقنا الجدي وسهيل==0== ==0==وعلى يساره تحت ساحل منيلا يمخر عباب الجو ميل ورى ميل==0== ==0==مد الجناح ومن قيوده تخلى الجو صافي والسما مثل الأكليل==0== ==0==كن الجواهر من عناته تدلى لوحه بها اتقان عبره وتدليل==0== ==0==في روعته رب الجلالة تجلى بلحظة تأمل عدت للخلف بالحيل==0== ==0==وشريط عمري صرت فيه اتسلى رجعت للماضي بعبره وتحليل==0== ==0==وبعثرت باللي من سنيني تولى عام ورى عام وجيل بعد جيل==0== ==0==فيها من العلقم وفيها المحلى فيها أخذت من الهنا وافي الكيل==0== ==0==وفيها زمان الحظ عني تخلى احيان بالعالي ونشرب شخاليل==0== ==0==ونشم من صافي الهواء ما تعلى واحيان بالوادي على مجرف السيل==0== ==0==لاقلت لا... لا.. جاوب الوقت الا فيها الصديق اللي على العدل والميل==0== ==0==وفيها صديق وقت الازمات خلا وفيها انتهازي عاش بالقال والقيل==0== ==0==لارحت سب ولا لتقافيك هلا ان كنت ترجي كل دربك تساهيل==0== ==0==رايك سديد وراي غيرك يخلا ان هي صفت كل الرفاقه لك تميل==0== ==0==وان هي جفت اقرب قريب يتخلى ==2== كلمة أخيرة @ اليوم بعد اربعة عقود من العمل والتحصيل والكفاح ماذا يقول سعد الشعيفان لابناء اليوم؟ كل ما اريد ان اقوله: نحن في وقت يحتم علينا استغلال كافة قدراتنا وتسخير كل خبراتنا لتنمية مصادر دخلنا المحدودة والمحافظة عليها في وقت يتزايد فيه الضغط على تلك المصادر وتحتدم فيه المنافسة وفي عالم يشهد تقلبات لا يمكن التنبؤ بها في الاقتصاد الدولي. المملكة ولله الحمد لها مكانتها ودورها الفاعل في كافة المجالات الا ان المحافظة على هذه المكانة غير ممكنة اذا لم نتحرك سريعا للحد من البيروقراطية في اداء بعض مؤسساتنا ومراجعة الاسس التي يتم على اساسها تعيين المديرين بحيث يكون المقياس الاول هو الاهلية من حيث الكفاءة والقدرة على اضافة الجديد وليس على اسس عائلية او قبلية، وان لا تكون المناصب الادارية شرفية، كما ارى ان يعطى المسؤول مساحة كافية من الصلاحيات تسمح له باستغلال قدراته ومواهبه الادارية مع ايجاد نظام محاسبة صارم لكل مدير، انني اقول ذلك لعلمي ان كثيرا من المشاريع المفيدة والافكار النيرة تموت في ادراج المسؤولين او تضيع بين لجان البيروقراطية في كثير من المؤسسات سواء كانت اهلية او حكومية او شبه حكومية. (العالم يسير بوتيرة القرن الواحد والعشرين ولن ينتظر البطئ) في بيت الشعر بمنزل الضيف الضيف يتوسط الاولاد والاحفاد