ديفيد لوبين: سياسات ترمب ستحول الدولار مصدراً للاضطراب العالمي    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    حول العالم    "وادي السلف".. فعاليات ومعارض وفنون    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    المملكة تتسلم رسميًا استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    فتح باب التسجيل في جائزة فيصل بن بندر بن عبدالعزيز للتميز والإبداع    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية 2024 – 2028    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    أخضر الشاطئية يكسب الصين    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    سباليتي يثني على الروح الجماعية لمنتخب إيطاليا    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    أسرتا نور وفدا تتلقيان التعازي في فقيدتهما    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    فيغا: الدوري السعودي يُشبه «الليغا».. وأشعر بالسعادة مع الأهلي    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    برامج تثقيفية وتوعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري    إعلان أسماء الفنانين المشاركين في احتفال نور الرياض 2024    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    بيان سعودي فرنسي عن الاجتماع الثاني بشأن العُلا    الأربعاء المقبل.. أدبي جازان يدشن المرحلة الأولى من أمسيات الشتاء    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتفهم مواقف دول الجوار.. ولن نكون "مخلب قط" أمريكي
اليوم تحاور مستشاراً مقرّباً من أحمد الجلبي:
نشر في اليوم يوم 20 - 04 - 2003

زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، شخصية مثيرة للجدل ، البعض يراه عربة أمريكية جاءت فقط كغطاء، والبعض الآخر يراه شخصية وطنية رغم أنها لم تعش بالعراق إلا أن لها طموحات كبيرة نحو عراق متآلف وديموقراطي بينما كثيرون يرونه "صفقة" قد لا تختلف عن صفقة تسليم بغداد أيا كانت.. ويستدلون بعلاقته المشبوهة بالمخابرات الأمريكية ووزارة الدفاع بل يسترجعون أيضا ما يشاع حول فساد ذمته المالية وهو الأمر الذي يأخذ به بعض رجال السياسة الأمريكية الذين يتحفظون عليه. "اليوم" حاولت الالتقاء مع الجلبي ، ولو عبر الهاتف .. لكنه "تحفظ" مبررا ذلك بأنه عازف حاليا عن الحديث لأي وسيلة إعلام عربية (!!) وأنه ليس لديه ما يقوله في الوقت الراهن مبررا ذلك بأنه يود أن يعمل فقط(؟!).
لم نيأس، إلى أن عثرنا بطريقة ما على أحد مستشاري الجلبي الرئيسيين، الذي وافق على أن يكون الحوار معه هو ربما بإيعاز من الجلبي وسررنا بالطبع لهذه المفاجأة السارة ، على اعتبار أن الرجل قريب من الجلبي وإيمان أيضا بأن عصفورا في اليد خير من عشرة على الشجرة.
وفيما يلي نص الحوار:
مرشح .. غير مرشح
@ اليوم عاد أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي إلى بغداد أمس الأول، ولعله أول معارض عراقي يعود من المنفى إلى العاصمة العراقية.. الا يشير ذلك إلى شيء ما في طموحه لتولي زمام الأمور في عراق ما بعد صدام؟
الجلبي أكد مراراً وتكراراً أنه ليس مرشحاً لحكم العراق.
@ غير أنه قال أكثر من مرة أنه سيعمل على بناء عراق حر وديمقراطي ومؤسسات المجتمع المدني..
هذا لا يعني انه لا يفكر في دور ما مستقبلاً.
@ هل تقصد أنه لن يرشح نفسه بنفسه لحكم العراق، وأنه قد يفكر في ان يكون رجل ظل في حكم العراق، أو مرشداً للجمهورية العراقية؟
شيء من هذا القبيل.
الجلبي والحريري
@ هناك من يشبه الجلبي برئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، من حيث كونهما ثريان، وكانا يعيشان خارج بلديهما، ولديهما علاقات قوية مع مراكز قوى دولية وإقليمية، وأنهما عادا فور خروج بلديهما من أزمة قوية وتاريخية..
وهل تعتقد ان ما ذكرته من وجوه تشابه بين الرجلين يسيء لهما، رفيق الحريري لم يعينه أحد في منصب رئيس الوزراء، بل وصل إلى ما وصل إليه عن طريق صندوق الاقتراع، دخل إلى مجلس النواب، ومن ثم اختير لتولي رئاسة الوزراء..
@ وهل يعني ان هذا هو ما سيحصل للسيد جلبي؟
العراق غير لبنان، نظام الحكم في البلدين مختلف.. نحن في العراق ليس لدينا إلى الآن دستور، أو نظام حكم..
قرار بيد العراقيين
@ هل تعني أنه حين يصبح في العراق دستور ومؤسسات سيرشح الجلبي نفسه لمنصب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء؟
أستطيع ان أجزم أنه في فترة الحكم الانتقالي لن يرشح نفسه لمنصب ما، ولكن يجب ان لا نغفل أنه عراقي، ومن حقه ان يرشح نفسه لأي منصب يراه، والعراقيون هم من لهم الحق في اختياره أو عدم اختياره، فالشعب العراقي وليس غيره هو من سيختار نظام الحكم الذي سيحكمه، وليس قوى إقليمية وحتى دولية.
المحاصصة مرفوضة
@ عودة إلى لبنان.. كيف تنظر قوى المعارضة العراقية، والمؤتمر الوطني العراقي، لنظام المحاصصة في الحكم، على اعتبار ان العراق أيضاً فيه خليط طائفي وعرقي وديني؟
ضحك، ثم قال: الأشقاء في لبنان باتوا اليوم يرفضون نظام المحاصصة الطائفية، فكيف نستورده نحن منهم.. سيدي الشعب العراقي وحده هو من يقرر من يحكمه وكيف يحكمه، يجب ان تدرك ان الشعب العراقي شعب مثقف ولديه إرث حضاري عمره آلاف السنين، وهو أول من وضع أنظمة حكم في العالم، في زمن الدولتين الآشورية والبابلية.. فكيف يستورد طريقة حكم من الآخرين.. الشعب العراقي يمر بمرحلة انتقالية، نتمنى ان تكون قصيرة، وبعدها سيحدد هو مستقبله.
اتهامات مالية
@ اتهم الجلبي في وقت ما باختلاس أموال بنك البتراء الأردني، فيما بعد اتهم أيضاً بسوء التصرف في أموال منحتها الحكومة الأمريكية للمعارضة العراقية..
فيما يتعلق ببنك البتراء هذا الملف أغلق تماماً، حين كان جلالة الملك حسين على قيد الحياة، الذي التقى بالسيد الجلبي أكثر من مرة، بعد الأزمة خارج وداخل الأردن، أما فيما يتعلق بالأموال الأمريكية، فهي وكسابقتها لا تعدو ان تكون إشاعات من أبواق إعلامية ممولة من نظام صدام حسين، وأنا أستطيع ان أثبت ذلك، لو أردت.
مستقبل الجلبي
@ قيل ان الجلبي دخل العراق على رأس مجموعة من المنفيين العراقيين، قدروا بما بين 700 إلى 1000 معارض عراقي، كنت أنت أحدهم.. لكن هل للجلبي امتداد وتيار داخل العراق قبل التاسع من إبريل؟
أحمد الجلبي خرج من العراق في منتصف الخمسينات من القرن الميلادي المنصرم، أي قبل قرابة نصف قرن، كان عمره حينها 11 عاماً، ولكن الرجل وطوال هذه السنوات لم يكن بعيداً عن الشأن الداخلي، كان متابعاً وفاعلاً في معارضة الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت العراق. كما لم يكن، خصوصاً في السنوات الخمس عشرة الماضية بعيدا جغرافياً عن وطنه وشعبه، كان في الأردن، وبعد خروج أجزاء من الشمال العراقي من هيمنة نظام صدام كان هناك أيضاً، ولعب دوراً رئيسياً في تقريب مواقف المعارضة العراقية، وبناء وحدة وطنية للوقوف في وجه النظام الدكتاتوري البائد. كما كانت له اتصالات ونوع من التنسيق بفعاليات معارضة في الداخل.
حزب سياسي
@ هذا في السابق، ولكن ماذا عن المستقبل؟
الجلبي شخصية عراقية، ذات توجه وطني قوي، وسيواصل هذا الدور مستقبلاً إن شاء الله.
@ هل سيشكل حزبا أو تجمعا أو كيانا سياسيا؟
هذا شيء من حقه، وضمن توجهه، فالتعددية الحزبية وجه من وجوه المجتمع المدني، وبناء المجتمع المدني أمر أساسي في تفكيره.
الخوف من الطائفية
@ انتقل من الجلبي إلى الحديث عن مستقبل العراق.. يخشى البعض على عراق ما بعد صدام من الطائفية.. هل تخشون منها أيضاً؟
نعم العراق متعدد طائفياً، ولكن هذا التعدد لن يكون إن شاء الله مصدر ضعف للعراق، بل سيكون مصدر قوة له.. العراقيون بكافة طوائفهم (شيعة، سنة، مسيحيون، آشوريون، صابئة، كلدانيون)، يرفضون الطائفية، التي لعب على أوتارها النظام السابق، واستغلها لتثبيت حكمه، فكان يثير السنة على الشيعة والعكس، كما كان يعزف على الوتر العرقي (عرب وأكراد وتركمان). لكن الشعب العراقي واع، وواع جداً، ووعيه هذا يجعله قادراً على تجاوز الطائفية، أنا واثق من هذا الأمر، لأنه واقع، وإذا حصلت خلال الأيام الماضية بعض التصرفات الطائفية في وسط العراق أو العرقية في الشمال، فهي تصرفات فردية، وأيضاً شبه طبيعية، لا تنس ان هناك تركة وأرث خلفهما النظام السابق، ولكننا سنتجاوز هذا الإرث، وسريعاً إن شاء الله، ولا توجد أي قوى عراقية من قوى المعارضة ستسمح بهذا الأمر.
تقسيم العراق
@ قبل الحرب وأثناءها أبدى البعض خشيته من سيناريو لتقسيم العراق 3 دول، شيعية في الجنوب، سنية في الوسط، كردية في الشمال، وان هناك قوى وشخصيات أمريكية، وتحديداً من اليمين المحافظ المعروفة بارتباطها القوي مع إسرائيل، تدعم هذا التوجه..
لا أستطيع ان أنفي أو أؤكد وجود توجه لدى بعض الأمريكيين لتقسيم العراق، ولكنني أستطيع أن (أبصم بالعشرة) على عدم وجود عراقي واحد لديه هذا التوجه، وإذا ما كان العراقيون يؤكدون على وحدة عراقهم، وهم واعون جداً، فلا تخش من التقسيم.. ثم أنني أريد ان ألفت انتباهك إلى أمر هام جداً، ان من كان يروج لوجود هذا المخطط هم في الغالب من الأبواق الإعلامية المحسوبة على النظام العراقي، والتي كان يمولها في السابق.
تحديات ومخاطر
@ قلت ان الطائفية ليست تحدياً.. إذن ما التحدي او التحديات التي تواجه العراق؟
كثيرة ومتعددة، أبرزها بناء عراق حر ديمقراطي، بتعددية حزبية وسياسية، هناك أيضاً بدء مسيرة التنمية، تنمية البلد، وقبلها تنمية الإنسان العراقي، فطوال نصف قرن تقريباً دخل العراق في دوامة، لم تبدأ مع وصول حزب البعث إلى السلطة، بل بوصول العسكريين إلى السلطة، والانقلاب على الملكية واحتكار السلطة من قبل فئات معينة.. لدينا تحدي بناء مؤسسات الدولة، وإعادة إعمار العراق، هناك الحالة العشائرية، التي أخشى ان تستغلها بعض القوى (أمريكا تحديداً) لتدمير مسيرة الديمقراطية في عراق ما بعد صدام، لدينا تحدي بناء نظام تعليمي، وآخر اقتصادي.. تحديات كثيرة يصعب حصرها.
@ هل سيستطيع العراق تجاوزها؟
نعم، أنا واثق من تجاوزها، إذا تضافرت جميع القوى العراقية، ولم تحتكر جهة ما السلطة، لدينا ثقة كبيرة في الله أولاً ثم في شعبنا العراقي الواعي، والحريص على مستقبله.
ملكية أم جمهورية
@ في الإجابة السابقة ذكرت الملكية.. هل للملكية مستقبل في العراق، خصوصاً ان البعض طرحها كأسلوب هو الأفضل لحكم العراق، والخروج من عنق الزجاجة؟
لن أقول جمهورية أو ملكية أو غيرها من أشكال الحكم، الشعب العراقي وليس غيره هو من يحدد كيف يحكم، وهو من يختار من يحكمه، هذا أمر حق له وحده، وليس لقوى إقليمية أو دولية، ولا حتى لقوى المعارضة، التي جاءت من الخارج أو التي كانت موجودة في الداخل.
مستقبل حزب البعث
@ أريد ان أسألك عن مستقبل حزب البعث الحاكم سابقاً؟
هناك توجه قوي لحل الحزب، لا خلاف في ذلك، فتاريخ هذا الحزب أسود جداً، وجرائمه لا تعد ولا تحصى بحق شعبنا، ورغم ذلك يجب ان ندرك ان هذا الحزب يقدر عدد المنتمين له بما بين مليون إلى 5 ملايين شخص، كان النظام السابق، يفرض على المواطنين الانضمام للحزب، وإلا الحرمان من كثير من الامتيازات، التي كانت في الواقع حقوقاً عادية لكل مواطن، مثل الالتحاق بوظيفة حكومية أو دخول الجامعة.. إذن هناك كثير من أعضاء الحزب أرغموا على الانضمام للحزب، ثم ان بعض من لم يرغم على الدخول في الحزب لم يرتكب جرائم في ظل النظام السابق، والبعض الآخر أنشق عن الحزب، أو في الواقع أنشق عن العصابة التي كانت تحكم العراق، والتحق بالمعارضة، ولكنه بقي مؤمنا بمبادئ الحزب، أعتقد، وهذا اعتقاد شخصي، ان لهؤلاء الحق في المشاركة في الحياة السياسية، وان يكون لهم الحق في تشكيل حزبي.
@ هل ستسمحون لهم بإعادة تشكيل الحزب؟
لست أنا من يقرر ذلك، إذا عادت الحياة في العراق إلى وضعها الطبيعي، فالشعب العراقي هو من يقرر ذلك.
الحياة ليست طبيعية
@ ماذا تعني بقولك تعود الحياة إلى طبيعتها في العراق؟
يجب ان تدرك ان العراق لم يخرج من قبضة صدام إلا قبل أسبوع واحد (أجري الحوار يوم الأربعاء 16 إبريل)، وان ذاكرة العراق تختزن الألم والمآسي التي خلفها هذا النظام البائد، طوال 34 عاماً، إلغاء تام للتعددية الحزبية والحياة السياسية الطبيعية، حكم البلد بالسلاح والحديد والقمع والدكتاتورية المطلقة، وتطبيق النموذج الستاليني، حتى ان العراقيين يتندرون بالسؤال: أيهما أكثر عددا المدارس أم السجون في العراق؟ 4 حروب خاضها هذا النظام مع دول الجوار، أولاً الحرب مع إيران والأكراد في السبعينات، ثم الحرب التي شنها على إيران عام 1981م، والتي دامت 8 سنوات، ثم غزوه الكويت عام 1990م، والحرب التي تعرض لها العراق في السادس عشر من يناير عام 1991م، حتى انسحبت القوات العراقية من الكويت أواخر شهر فبراير من نفس العام، ثم الحصار الذي فرض على العراق طوال 12 عاماً، وأخيراً هذه الحرب الأخيرة. كل هذه مآس.
لا تنس ان في العراق مئات الآلاف من الجنود الأجانب، الذين يعتبرهم البعض قوات احتلال غازية، ومع وجودها لن يكون الوضع طبيعياً في العراق.
ويجب ان لا ننسى اللاجئين العراقيين في الخارج، الذين هجرهم النظام أو فروا من قبضته الحديدية الظالمة إلى قارات العالم السبع، لدينا قرابة 4 ملايين لاجئ عراقي في الخارج، هل تعلم انه لا يوجد بلد في العالم لا يوجد به منفي عراقي. ومن الغرائب التي لا تصدق ان عراقيين حاولوا قبل سنوات اللجوء إلى إسرائيل، هؤلاء لم يكونوا بالمناسبة يهوداً عراقيين، ولم يكونوا عملاء لإسرائيل أو لهم أي علاقة بها.. هل تصدق ذلك؟ لكن هذا ما فعله صدام بالعراقيين، لقد شردنا.
مرحلة انتقالية
@ قلت ان الحياة غير طبيعية هل تعني ان العراق يمر بمرحلة انتقالية؟
نعم.
@ كم تعتقد ان تستمر هذه المرحلة الانتقالية؟
أقل من عامين إن شاء الله.
هل يعني ذلك ان القوات الأمريكية والبريطانية ستبقى في العراق طوال العامين القادمين؟
لا يعلم الغيب إلا الله.. ولكن لو سألتني شخصياً كم تتمنى ان يبقوا؟ لقلت لك: ولا لحظة واحدة.. هذا عراقنا نحن، وليس عراق غيرنا، أيا كان هذا الغير.
العلاقة مع الخارج
@ سأنطلق من إجابتك الأخيرة لأسألك.. كيف تنظر للدور الخارجي في عراق ما بعد صدام؟
أي خارج تقصد؟ هل تقصد دول الجوار أم القوى الدولية (يقصد أمريكا وبريطانيا)؟
الجميع؟
كما قلت لك سابقاً نرفض أي تدخل خارجي في شأننا الداخلي، ولكن هذا لا يعني أننا نرفض مساعدتهم لنا في تنمية بلادنا، بعض دول الجوار وخلال العقدين الماضيين نسقت ودعمت قوى المعارضة، صحيح أنها دعمت أو نسقت مع هذا الفصيل أو ذاك، ولكنها كانت لها علاقات قوية أو متوسطة أو ضعيفة مع الجميع، وقد يبدو غريباً حين أقول لك ان تركيا مثلاً دعمت في وقت ما الفصائل الكردية، التي يتردد الآن ان تركيا تخشى طموحاتهم في عراق ما بعد صدام، وان إيران نسقت مع قوى غير شيعية، كالأكراد أو القوى الليبرالية (اليسارية)، وحتى الدينية السنية، والأمر نفسه ينطبق على سوريا، وغيرهم من الدول.. نحن لن ننسى دعمهم لنا أبداً، أيا كان حجم ومستوى هذا الدعم.. ونحن نحفظ الجميل لهم، حتى وان كانت منطلقات هذا الدعم أو المساندة مصالح سياسية لدى تلك الدول، من حق أي دولة ان تفكر في مصلحة وطنها وشعبها، هذا هو المنطق.
نحن نحتاج إلى دعم ومساندة الجميع، ولكننا لن نسمح لهم ان يحكمونا، أو يحكمونا بالوكالة، عن طريق وكلاء لهم، وجوه عراقية، بينما القرار يصنع في دولة مجاورة، أنا هنا أتكلم كمواطن عراقي، وليس كحزبي.
أما ما يتعلق بالقوى الدولية، فلقد لجأنا لها لأننا أدركنا ان جزءا من خلاصنا على يديها، لم يكن اللجوء لها خيارا بيدنا، لقد أجبرنا على ذلك، كنا نتمنى ان يكون خلاصنا بيدنا، أو حتى على يد بعض دول الجوار، ولكن الدور الإقليمي كان ضعيفاً، لأسباب متعددة، لا داعي للحديث عنه الآن، لعل أبرزه مبرر عدم التدخل في الشئون الداخلية لدولة أخرى. فنسقنا مع الأمريكان والبريطانيين، لعلنا كنا كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولكن ماذا نفعل؟ ولكننا في الوقت نفسه لن نقبل ان نستعمر من قبلهما، ستكون لنا علاقة معهما وسننسق معهما، فالدول تتعاون مع بعضها.
@ ولكنكم لستم دولة؟
صحيح، ولكننا سنكون.
العلاقة مع دول الجوار
@ كيف تتوقع ان تكون علاقة العراق مع دول الجوار؟
علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وإلغاء الصورة السلبية الموجودة في الذاكرة، بسبب ما فعله صدام، سواء مع إيران أو الكويت والدول الأخرى. نسعى فعلاً للتنسيق مع الجميع، وان تكون علاقتنا بهم طبيعية.
@ يقال ان العراق كان الحبة الأولى في المسبحة التي تريد أمريكا ان تحلها، وان الدور قادم على سوريا.. سوريا التي قلت أنها دعمت قوى المعارضة العراقية، وإيران فيما بعد..
الأمريكان موجودون في بلادنا نعم، الأمريكان أسقطوا صدام نعم.. ولكننا عرب ومسلمون، فهل تتوقع ان نكون مخلب قط لأمريكا في المنطقة، أو شرطي لها، كما كان الشاه سابقاً، وحتى صدام حسين في وقت ما (بين 1980 إلى 1990م)، هذا لن يحدث تماماً، على فرض ان بعض من يصل إلى السلطة يريد ذلك (وهذا محال)، فالشعب العراقي لن يرضى لنفسه ان يلعب هذا الدور القذر.
العلاقة مع إسرائيل
@ ماذا عن إسرائيل.. أطلعت على تصريح منسوب لإحدى الشخصيات المعارضة العراقية، نشر في صحيفة الجيرزاليم بوست الإسرائيلية رحب فيه بإقامة علاقات بين عراق ما بعد صدام والكيان الصهيوني؟
لم أطلع على هذا التصريح، لعله مفبركاً، ولعله غير ذلك، ولو كان صحياً فثق تماماً أنه رأيه الشخصي، لن نقبل بإسرائيل إلا في إطار سلام شامل، وبانسحابها من كل الأراضي العربية التي احتلتها في الرابع من حزيران يوليو عام 1967م.
عضويات المنظمات
@ العراق عضو في عدة منظمات إقليمية ودولية (جامعة الدول العربية، منظمة الدول الإسلامية، أوبك، أوابك، دول عدم الانحياز).. هل سيبقى في تلك المنظمات؟
العراق قبل وصول حزب البعث إلى السلطة كان عضواً في تلك المنظمات، وبقي فيه بعد وصوله، فما الذي يمنع من بقائه الآن، لا تخرج الدول من المنظمات الإقليمية والدولية بتغير أنظمتها، ولكن قد يتغير دورها فيها، زيادة في الفعالية أو نقصان، أو بالتعامل بطريقة مختلفة.
العودة من المنفى
@ سأسألك سؤالا شخصيا.. بعد سنوات من المنفى عدت، ما أول ما قمت به؟
تنهد ثم قال: أول ما وطئت قدماي تراب العراق كان في أم قصر، لقد سجدت لله شكراً، بكيت وقبلت تراب العراق الذي حرمت منه منذ عام 1980م، حين هاجرت وعائلتي إلى إيران.
@ وماذا عن من كانوا معك؟
بعضهم فعل كما فعلت، بعضهم استغرق في البكاء، والبعض الآخر، تعامل مع الموقف بشكل مختلف.
@ ماذا تعني بشكل مختلف؟
ألغى عاطفته، وقال لنواصل المشوار.
على هامش الحوار
@ استغرق الحوار قرابة 60 دقيقة .. عبر هاتف الثريا.
@ بعد محادثة استمرت 15 دقيقة ( على حسابنا ) طلب المستشار بعض الوقت وقال أنه سيتصل بنا وستكون المكالمة على حساب القوات الأمريكية.
@ المستشار شدد على الاحتكام لصندوق الاقتراع وموافقة الشعب العراقي على أي حكومة مقبلة.
@ قال ان الدور الذي قد يلعبه الجلبي سيكون دور رجل الظل أو مرشدا لعراق ما بعد صدام
@ وافق على إجراء الحوار لكن بشرط واحد.. عدم ذكر اسمه
القوات الأمريكية..هل تخرج من العراق قريبا؟
العراق بحاجة الى إعادة بناء في كل الجوانب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.