أحمد عبد الهادي الجلبي أو "عراب التقسيم الطائفي" كما تلقبه بعض الدوائر العراقية، كانت أبرز بنود أجندته حينما قدم إلى بلاد الرافدين مع أفواج القوات الأميركية في أبريل 2003، تتمثل في "تقسيم المجتمع العراقي" وفق أسس طائفية. ونجح الجلبي الذي كان يقود حزب المؤتمر العراقي حينذاك، في إدخال البلاد في أتون صراعات طائفية وعرقية امتدت لأكثر من ثماني سنوات ذهب ضحيتها الآلاف من "سنة وشيعة عاصمة دولة العباسيين"، وفتت الوحدة الاجتماعية وأعاد تشكيل هندسة المجتمع البغدادي على أسس المذهبية الضيقة. الجلبي يعود اليوم لتكرار ذات السيناريو حينما يلعب "بالورقة الطائفية" من بوابة البحرين ليقود ما يسمى "اللجنة الشعبية لنصرة الشعب البحريني". ويطرح مزاعم اضطهاد 200 سنة للبحرينيين، الأمر الذي يثير استفهامات كثيرة أهمها لمصلحة من يلعب الجلبي بهذه الورقة؟ وماذا يريد من ذلك؟ وهل يقود حرب وكالة جديدة لحساب أجندة استخباراتية محددة؟ ويقول الكاتب السياسي العراقي وليد الزبيدي الذي يعد من أبرز الذين رصدوا تحولات وتحركات الجلبي على خارطة الشارع السياسي العراقي، في حديث إلى "الوطن": "الرجل حينما قدم إلى العراق جاء بوصفه علمانياً، ولم يكن محسوباً على الأحزاب الطائفية الشيعية العراقية التي قدمت بعد إنهاء حكم صدام حسين، إلا أنه سرعان ما لعب بالورقة الطائفية، عبر تأسيس البيت الشيعي، وضرب الوحدة الاجتماعية التي ظلت إرثا تاريخياً للعراق". وأضاف "كان صوت الجلبي يتقدم على صوت الاستخبارات الإيرانية في العراق في مسألة تحييد المجتمع العراقي إلى مذهبية طائفية"، وفي المسألة البحرينية يرى الزبيدي أن الجلبي "يريد استنساخ الطائفية العراقية في مملكة البحرين، وهو يقود حروبا بالوكالة عن الإيرانيين في ذلك لزعزعة منطقة الخليج وافتعال أزمة سياسية بين بغداد ودول الخليج العربي بصفة خاصة". وهناك تحليلات تأخذ سياقا مختلفا تقول إن الجلبي يلعب "بالورقة البحرينية" لتصفية حساباته الداخلية مع خصومه السياسيين خاصة مع رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الذي وصلت علاقته به إلى "مفترق طرق" لطموحات الجلبي السياسية المستمرة، وأهمها قطع الطريق عليه لترؤس أي حكومة يتم تشكيلها في المستقبل. وتفيد تقارير عراقية أنه ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق، كان الجلبي بمثابة السياسي"المشاغب" الذي يريد لفت الأنظار إليه، لا سيما في مسألة تعاطيه وتعامله مع الاستخبارات الأميركية والإيرانية بشكل مزدوج ومعروف. كما أن الجلبي لا يمتلك أي رصيد عربي ويقدم نفسه قائدا لنصرة "الشيعة" وترتيب ما يسمى "البيت الشيعي" في وطن موحد. ولد الجلبي عام 1945 لأسرة شيعية كردية ثرية تعمل في القطاع المصرفي، وغادر العراق عام 1956 وعاش معظم حياته بعد ذلك في الولاياتالمتحدة وبريطانيا.