شيخنا المتنبي سنّ سنة، أعتقد أن معظم الناس يتذكرونها وفي مناسبتين، حتى وإن لم يعملوا بها، الأولى حين تهجم عليك الحمى فجأة، وهذه الأيام هناك رَوءعة أو فَرَقة الحمى الصينية اللا نمطيةسارس والتي تلزم الإنسان أن يكون متبرقعاً مثل الطير طوال اليوم، وأن لا يتعرف على صيني في المهجر أو في البلد، ونشكر الظروف أن الصينيين لا يعرفون الموايه بالغشم ولو أن هذا الوباء حدث في الإمارات لا سمح الله، فإنه سيهب في الناس هبوب النار في الهشيم، والسنّة الأخرى حين يأتي العيد فلا تعرف أي عيد، وبأي حال عاد العيد، بما مضى أم لأمر فيه تجديد. انحسرت موجة البرد، إيذاناً ببدء ربيع جديد في أوروبا وحدها، أما الدول العربية فربيعها يشبه ربيع براغ، وكنا قد استعنا ببعض الأردية الصوفية والجلدية، التي أكرهها كره العمى، والتي تظهرك منتفخاً مثل رواد المكوك الفضائي. ما علينا، فليس موضوعنا حالة الجو، وهو تعبير أكثر دقة من تعبير حالة الطقس لأن الطقس يطلق أيضاً على النشاطات، فيقال طقوس اجتماعية وطقوس دينية وغيرهما، موضوعنا إذاً الدفء الحقيقي، دفء النفوس والقلوب، ودفء الروح والمشاعر، ودفء الطموحات والآمال، ودفء الانتماء والمحبة والإخلاص! هذا الدفء لا تعنى به نشرات الأحوال الجوية في التلفزيونات والإذاعات، ولا يتوقف حجمه على ما نرتديه من أردية ثقيلة أو خفيفة، إنما يعتمد على وعينا، وصدقنا مع أنفسنا ومع غيرنا، وعلى ما تعتمل به صدورنا، من قيم إنسانية تفضي إلى قيم سلوكية إزاء النفس ومع الآخرين. ثمة أناس، يستطيعون ببساطة التكيف مع حالة الجو بمختلف درجاتها الزئبقية، بقليل من الحطب أو بكثير منه، ومع ذلك تظل النفوس باردة أنانية، لا تتفاعل مع أي حدث على قاعدة وأنا مالي! أوإذا سلمت أنا وناقتي، ما عليّ من رفاقتي وهناك أناس يعانون من برد قارس، تكاد أرانب أنوفهم تنفصل عن وجوههم، يرتجفون من شدة البرد ومع ذلك فقلوبهم دافئة ونفوسهم دافئة وصدورهم تعتمل بالوفاء والإخلاص، والتفاعل مع الأحداث وكأنها حريق في طرف ثوبهم، أو داخل بيتهم. والأمر سيان في الشتاء أو الربيع في الصيف أم الخريف، هو دفء خاص لا يقدر عليه الكثيرون، إلا من كان قلبه أبيض، وعقله يرجح بلداً، ووزنه ذهباً. الاتحاد الاماراتيه