حذر باتريك وورد نائب رئيس شركة غولدمان ساكس العالمية من أن المستثمرين العالميين ينظرون إلى أسواق الشرق الأوسط على أنها أسواق مجزأة وغير جذابة، وأكد أن التدفقات الاستثمارية الجديدة التي ستحظى بها المنطقة العربية ستتركز على عمليات إعادة إعمار العراق والاستثمار في قطاعي السياحة والترفية في المراكز السياحية الرئيسية مثل دبي . وقال وورد في تصريح له بمناسبة مشاركته كمتحدث رئيسي في المنتدى الدولي للاستثمار الذي تقيمة هيئة دبي للاستثمار والتطوير في الفترة من 3 5 مايو المقبل في دبي (اعتقد أن المستثمرين الأجانب سيستمرون بالتركيز على قطاعات معينة معروفة لديهم في منطقة الشرق الأوسط مثل قطاع النفط والغاز، وهكذا ستجد دول وشركات في المنطقة أن عليها اللجوء إلى الأسواق الدولية للحصول على تمويل لمشاريع محدودة. مشيراً إلى أنه يتعين على الدول العربية أن تشكل سوقاً مشتركة إذا أرادت أن تجذب الاستثمارات الأجنبية، ودعا دول المنطقة على الاحتذاء بتجربة كل من الهندوإيرلندا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة . وأكد نائب رئيس شركة غولدمان العالمية أنه يوجد دلائل على أن الكساد الاقتصادي قد تفاقم ب شكل كبير، غير أنه قلل من أهمية تأثير أحداث 11 سبتمبر على الاقتصاد العالمي مشيراً إلى أن البنى الاقتصادية هي التي تتحكم بشكل أساسي بتدفق المستثمرين . وقال وورد الذي سيتناول في كلمته أمام المنتدى الدولي للاستثمار المقومات الأساسية لاستقطاب الاستثمار الخارجي والدور الذي تلعبه هذه المقومات في دعم وتطوير الاقتصاد إن الأسواق العالمية تشهد وباستمرار تقلبات كثيرة، وقد ازداد سواءاً نتيجة لأزمة الشرق الأوسط، وفي حين أن هناك بوادر لحل هذه الأزمة، إلا أننا لم نلحظ لحد الآن أي تغير واضح في سياسات الولاياتالمتحدة وأوروبا تجاه المنطقة . مشيراً إلى أن الأوضاع في الشرق الأوسط ستعتمد بشكل كبير على حل الأزمة الراهنة، حيث يعتبر التقدم في عملية السلام عاملا أساسياً لإقبال المستثمرين على المنطقة في السنوات القادمة . وأضاف وورد (يمكن تقسيم التدفات الاستثمارية إلى فئتين رئيسيتين ، الأولى هي الاستثمارات المباشرة التي تنفذها الشركات متعددة الجنسية في البنى الأساسية وتطوير القدرات المحلية، ونتوقع أن تستمر هذه الاستثمارات على الرغم من تركيزها على قطاعات محددة مثل القطاع النفطي، حيث تتنافس ككبريات الشركات على الفرص المتاحة في المنطقة، كما نتوقع أن تتوافر فرص عديدة للاستثمار في عمليات بناء وتوسيع البنى التحتية في المنطقة، وسيكون العراق مركزاً مهما لتدفق هذه الاستثمارات نتيجة لما تعرض له جراء الأزمة. كما ستتوفر فرص عديدة في قطاع السياحة والترفيه في مراكز سياحية رئيسية مثل دبي . أما فيما يتعلق بالتدفقات المالية إلى المنطقة، قال وورد أنه لا يتوقع أية زيادات محتملة في المدى المنظور سواء فيما يخص سوق الأسهم أو الديون المحلية، كما ستعاني الأسواق الإقليمية من نقص في السيولة، نتيجة عدم قدرتها على جذب تمويلات أجنبية كبيرة . وأوضح وورد (حدثت أشياء كثيرة منذ 11 سبتمبر ، حيث كان هناك الكثير من المتغيرات، لكن من الصعب تحديد نتائج أحداث 11 سبتمبر ، كما أن الأحداث السياسية لا تتحكم بالتدفقات الاستثمارية بقدر ما تتحكم بها الدوافع والمنافع الاقتصادية ) . وأضاف من الصعب التكهن بفترة نهاية الركود الاقتصادي العالمي، حيث أن النمو الكبير الذي شهدته الأسواق العالمية في فترة التسعينات يجعلنا ندرك أن عملية الإصلاح ستكون في غاية الصعوبة، هناك مؤشرات على أن الأسواق تمر بمرحلة ركود هائل ومع ذلك فإن عملية التحسن تبدو في معظم الحالات هشة وغير عملية، كما أن انخفاض أسواق الأسهم وتأثيرها على قطاع التأمين يمكن أن يطيل أمد هذا الركود الاقتصادي، لكننا نؤمن أن لدى الولاياتالمتحدة وأوربا ما يكفي من المرونة والقوة المادية للخروج من هذه الأزمة . وقسم وورد عوامل الاستثمارية الأجنبية المباشرة بشكل عام إلى حجم الأسواق التي ستستضيف هذه الاستثمارات ، توفر الموارد منخفضة التكاليف في الأسواق المحلية، الحوافز المالية، مناخ الأعمال، بالإضافة إلى نوعية البنى الأساسية للاقتصاد ووجود عوامل نجاح الاستثمارات الأجنبية المباشرة. مشيراً إلى أن منطقة الشرق الأوسط تفتقد لوجود العوامل الأساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مثل الموارد منخفضة التكاليف والأسواق الكبيرة، حيث أن المنطقة مازالت تعتبر مجموعة من البلاد بدلاً من أن تكون وحدة اقتصادية متماسكة. وفي هذا النطاق فإن على بلدان الشرق الأوسط أن تفكر في إمكانية الحد من تفككها، والاتجاه نحو تشكيل سوق إقليمية مشتركة، مما سيعطي المستثمرين ثقة أكبر في أنهم يستثمرون في سوق كبيرة موحدة، حيث يعتبر التكامل الاقتصادي السبيل الأمثل لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وأضاف " يجب على منطقة الشرق الأوسط أن تعتمد استراتيجيات تلائم احتياجاتها بدلاً من النظر إلى تجارب الصين والبرازيل، ولعل من المفيد لمنطقة الشرق الأوسط أن تستفيد من تجربة الهند في هذا المجال وأن تركز على قطاع الصناعات المتطورة، أو أن تحذو حذو بلدان مثل أيرلندا التي أنشأت العديد من مناطق التجارة الحرة المعدة للتصدير. بالإضافة إلى ذلك هناك الموارد السياحية الكبيرة لبلدان المنطقة. وأكد وورد على أهمية التعاون الإقليمي للنهوض والارتقاء بمنطقة الشرق الأوسط، حيث يجب أن تركز الجهود على منافسة بلدان مثل جنوب شرق آسيا، لا أن تنشغل البلدان العربية بمنافسة بعضها البعض. وفي تعليقه على تجاهل التمويلات الأجنبية للمنطقة العربية قال وورد أن ما يجذب المستثمرين عموماً هو العائد الربحي الكبير، وهم يهتمون بالسيولة الشفافية، تعدد الأدوات الاستثمارية وسهولة العملية الاستثمارية بشكل عام، ففي عالم يزداد انفتاحاً على بعضه البعض أصبح التمويل من أقل العوامل المميزة للاستثمارات. وأضاف تعاني الأسواق العربية بالمقارنة مع أسواق أخرى من نسبة الخيارات التي تعرضها في أسواق الأسهم ومن نقص السيولة المعروضة في تلك الأسواق، فلقد كانت هناك مشاركة قوية جداً من قبل المستثمرين الدوليين الرئيسيين في دول مثل قطر أو مصر حيث يوجد سيولة كبيرة تتمثل بوجود سندات دولية بالدولار. ويضيف وورد ما يجب الانتباه إليه أنه علينا أن نميز بين المستثمرين المحليين والمستثمرين الدوليين، حيث يجد المستثمر الأجنبي نفسه مضطراً لدفع مصاريف إضافية يمكن أن يدفعها المستثمر المحلي بكل بساطة، وهذا ما يبدو واضحاً في التجربة اللبنانية وما نتج عنها من مديونية كبيرة بالدولار. أما فيما يتعلق بالأسهم فإنه مازال هناك نقص في الخيارات المعروضة بالنسبة لكمية الأسهم المتوفرة في المنطقة. وهكذا فإن اعتماد سياسات الخصخصة بشكل أكبر، والاستخدام المتزايد من قبل الشركات المحلية لأسواق الأسهم سيساعد بالتأكيد على جذب التمويلات الأجنبية إلى المنطقة. ومن الجدير بالذكر أن المنتدى الدولي للاستثمار الذي يعقد تحت شعار عالم جديد، آفاق جديدة، أسس جديدة، وبالتعاون مع مجموعة من الهيئات والجمعيات العالمية، سيناقش قضايا عديدة تواكب المتغيرات الاقتصادية للنظام العالمي الجديد وآفاق ومزايا الاستثمار وانعكاساته على اقتصاد المنطقة والمبادرات الهادفة لتطوير فرص العمل وتحسين المناخ الاقتصادي لدول الخليج والمنطقة العربية. البورصات العربية يمكنها جذب الاستثمارات الأجنبية