عادت بغداد الى نهج المغامرة والمكابرة والمتاجرة الخاسرة الذي لم يؤد الا الى الكوارث المتلاحقة على العراق وعلى الامة العربية والاسلامية, وهدمت في لحظة واحدة كل ما بناه المخلصون, والخيرون من مصدات وسدود لدرء الكارثة المتجمعة في افق العراق.. وفقدت في لمحة بصر كل تعاطف وتشجيع تلقته من الحادبين على صيانة ورعاية ما تبقى من مقدرات العراق التي اهدرت برعونة في مغامرات لم تخلف سوى البؤس والفقر والمرض على ارض الرافدين الغنية بشعبها وبخيراتها. الخطاب (الكارثة) الذي تلاه وزير الاعلام العراقي على شاشة تليفزيون بغداد الليلة قبل الماضية, لم يكن اعتذارا, بل انكار لكل الحقائق والمعطيات, فقد كان يضج بالتحريض على العنف والارهاب, ويعج بالتهريج والمغالطات, والمتناقضات, ويستنسخ ماضيا كريها وكئيبا, وينبش دعاوى ودعايات عفى عليها الزمن, علاوة على انه مناقض ومتعارض تماما مع روح ومقررات قمة بيروت العريبة الاخيرة التي سعت باخلاص الى طي ملف الحالة بين العراقوالكويت. جاء الخطاب (الكارثة) في الوقت الذي كانت بغداد تسلم طواعية وعن طيب خاطر, لم تعرف به, آلاف الصفحات ومئات الاقراص المدمجة بأدق تفاصيل ترسانة الاسلحة المحظورة الى المفتشين الدوليين بينما تتجاهل وترفض في عناد لاتحسد عليه الكشف عن مصير مئات من الاسرى والمفقودين والمرتهنين الكويتيين والعرب الذين اختفوا إبان غزوها الكويت في العام 1990م. لقد ادارت بغداد ظهرها لكل المواقف والدعوات الخيرة, بمحاولتها اليائسة والبائسة دق اسفين بين الشعب والقيادة في الشقيقة الكويت, وتحريض الشعب الذي شردته في المنافي والملاجئ على الاساءة الى علاقات الصداقة والتعاون التي تربطه باشقاء واصدقاء لم يتوانوا في نجدته وتحريره من ربقة الاحتلال ومساعدته في حماية ترابه واستقلاله الوطني.. انه موقف مريب وغريب ومعيب من جانب بغداد, في هذا الوقت الذي تطل الكارثة برؤوسها, بحثا عمن يعينها على الوقوف والوقوع فوق العراق.. فيما يتحسر دعاة السلم على ان من يعنيهم الامر في العراق يمدون لها يد المساعدة دون أن يرف لهم جفن من سوء ما يفعلون!