هذه الجريمة العلنية التي نشهدها من قبل بعض الأفارقة في شوارعنا، والتي حدثت بجرأة غريبة، تضعنا أمام عدة تأملات .. لقد كنا محاطين في ظل الظروف السابقة لنظام العمل - والجاري تصحيحها الآن - ووضع التسلل عبر الحدود، بمجموعة من الوافدين تنفس إجرامهم علانية وبدون خوف أمام شعورهم باليأس، فقد تعدى وضعهم المخالف إلحاقهم الضرر بالسيارات والمحلات إلى البشر وإزهاق الأرواح. والمتأمل هنا يراوده سؤال ملح، كيف كان يتكسب هذا الوافد وغيره طيلة سنوات وجوده في المملكة؟، خاصة أن هذا النوع يصنف ضمن عديمي المؤهلات الفنية والمهنية. وما حجم الجرائم التي ارتكبت من قبل هذا النوع من العمالة ولم تكتشف؟، والأمر لا يقتصر على جنسية معينة في هذا تفلت وضع العمالة سابقا يجعلنا نعتقد بأنهم كانوا عبئا أمنيا كبيرا، لا يختلف عن العبء الاقتصادي، وخلفه تقبع ظواهر كامنة كانت لتطفو وتتفشى على السطح الاجتماعي، لو لم يلتفت لها سريعا. الجانب. صحيح أن مشهد العنف الذي أحدثه بعض هؤلاء في منفوحة وغيرها من الأماكن، قد عرفنا على حجم السلوك الإجرامي الذي يصدر منهم، ونحن نفترض أن ما يحدث بهذه الجهارة أمام الملأ والقانون يحدث في السر بطرق أخرى. لكن بشكل عام تفلت وضع العمالة سابقا يجعلنا نعتقد بأنهم كانوا عبئا أمنيا كبيرا، لا يختلف عن العبء الاقتصادي، وخلفه تقبع ظواهر كامنة كانت لتطفو وتتفشى على السطح الاجتماعي لو لم يلتفت لها سريعا. ليتأمل كل من تستر على عمالة مخالفة، وكل من استقدم عاملا بهدف الاتجار به، وكل من ساهم في تسلل أفريقي عبر الحدود.. ليتأمل مشهد اليوم بتفكر ويحاول أن يعي حجم المشكلة التي زج بها هذا البلد، وتحديدا أولئك الذين ساهموا في عمليات التسلل عبر الحدود، سواء من الأهالي القاطنين في بعض القرى المتداخلة مع الدول الأخرى، ومكنهم موقعهم من تهريب بعض المتسللين أو من الموظفين في قطاعات معينة، والذين استغلوا مواقعهم وتاجروا بها مقابل مبلغ مشؤوم، ليتأملوا هؤلاء المخالفين. ولا حاجة هنا لاستحثاث تأملات صاحب قرار تصحيح العمالة الوافدة، وما تضمنه من إجراءات في مشاهد اليوم، لأن تأملاته حاضرة قبل القرار وبعده، فهو قرار نستطيع تصنيفه ضمن أفضل قرارات صدرت في نظام العمل العام الماضي. من التأملات الطريفة في هذا الموضوع تعليقات وردتني عن وضع الخادمات في الأعوام الماضية، تقول هذه التعليقات: هل تذكرون ذلك الزمن الجميل؟ زمن الخادمات الإندونيسيات، كان البيت نظيفا والملابس مرتبة، وأطفالك برفقتهن أثناء خروجك من المنزل للعمل والزيارات بدون خوف، كانت ترضى بالقليل وتفرح بالهدايا البسيطة.. أما الإثيوبيات فقد أدبن النساء ونشرن الذعر بينهن وقتلن أطفالهن.. التعليق كان طويلا ويحمل تعدادا للحسنات في هذا الجانب ويختم بالقول: (لله دركم أيها الشعب الإندونيسي المسلم). وفي هذا الجانب أردت أن أضع تعليقي في قضية الخادمات تحديدا، وهو أننا البلد الوحيد خليجيا الذي يعاني من أزمة في موضوع الخدم، حتى أن البعض أصبح يحاول أن يجد له مخرجا لاستقدام خادمة عن طريق الدول المجاورة، والموضوع له عدة أسباب، لكن السبب الرئيسي الذي أوقعنا في هذه الأزمة، أن كثيرا من الأسر في المجتمع السعودي لم تحسن التعامل مع هذه الفئة، وأضرت بسمعة البلد بأكمله على مستوى التعامل الإنساني، ألا يدعو للانتباه والشعور بهذا الخلل، أننا أصبحنا فجأة في أزمة مع بعض الدول التي نستقدم منها الخادمات، ولم نكن بحاجة لرؤية حسناتهن وتعدادها عن طريق العنف والجريمة التي تسببن بها الإثيوبيات. Taaroofaah@ تويتر