والمقارنة بين الجريمتين لا تعني أنني أقلل من عظمة الأٌولى، إنما أحاول أن أرفع الثانية لمستواها الطبيعي، ففي تعليق رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام الأستاذ سعد البداح لصحيفة الشرق (588) ذكر معلومة مرعبة كادت تحوّل جريمة قتل الطفلة السورية على يد العاملة الإثيوبية إلى هامش، ومعلومة عدد العاملين الذين تستقدمهم المملكة شهرياً إلى متن، لولا أن القتل في الحالتين يبقى جريمة بشعة وإن اختلفت الضحية والجلاد وأدوات القتل، فحسب -البداح- (تستقدم المملكة ثمانين ألف عامل وعاملة شهرياً من مختلف الجنسيات)، لاحظوا بالله (80000) كل (ثلاثين) يوماً، وبعد التأمل في جريمتنا بحق الوطن أدعوكم للقيام بتدريب ذهني سريع بحيث نحسب كم نستقدم عاملاً في ال12 شهراً، وفي المرحلة الثانية من التدريب نقوم بعملية عكسية لنحسب كم عاملاً نستقدم بالدقيقة الواحدة، طبعاً دعوتي هنا ليست فقط لممارسة التدريب الرياضي كمتعة وقتية أو مجرد ترفيه- وإن كان هذا من الأسباب- إنما السبب الأهم أنه في ظل وجودهم (المحتوم) فلنستفد على الأقل من تنشيط ذهننا بالتسلي بهم كأرقام، ولا مانع أن ننشغل قليلاً بالثمانين ألف كل شهر لنخمّن (مهنهم)، المهن الحقيقة وليست التي على الورق، فنحن اكتشفنا مثلاً أن «القتلة» نسبة لا تكاد تذكر مقارنة بالرقم الإجمالي، طبعاً أقصد القتلة الحقيقيين، أما المجازيون فلا أستثني أحداً منهم، بل وأضيف عليهم قتلة (الداخل) ممن يستخدمون هؤلاء البشر أداة لقتل الوطن وشبابه وخيراته، حتى أصبحنا أكثر دول العالم استيراداً للبشر وتصديراً للبترول! ستأخذ العاملة الإثيوبية عقابها، لكن مَنْ يقف «للنخّاسين»، لم أستوعب كيف أننا انشغلنا بتصحيح أوضاع العمالة المخالفة التي دخلت البلد من «النافذة» في ذات الوقت الذي نجعل فيه «الباب» مفتوحاً لمَنْ شاء من الوافدين، وأتمنى ألا يحاول رجال المال إقناعي بأن الثمانين ألف وافد شهرياً ستكون أوضاعهم (صحيحة) في البلد، فلو أحسنا الظن وقلنا إن كل عائلة تحتاج لسائق وعاملة وقاتل لفاض العدد، لكن ربما أقتنع (على أساس يعني أن قناعتي مهمة لأحد) لو قال أحدهم إن كل عائلة سعودية بحاجة لعائلة أُخرى لخدمتها! العدد المهوّل يكشف أن حتى لو كانت أوضاع هؤلاء (صحيحة) فإن لدينا أنظمة (صحيّحة)!