تحتفظ مدينة غزة بقيمة تاريخية منذ بداية التاريخ حيث ينبثق في المدينة القديمة جوامعها الشامخة منذ مئات السنين تتحدث بعمرانها عن الحضارة الاسلامية العريقة التي تميزت بها الأرض المباركة. ويعتبر جامع السيد هاشم الذي يقع في حي الدرج بالمدينة من اكبر جوامع غزة وأتقنها بناء. وتذكر كتب التاريخ ان المنية وافت السيد هاشم بن عبد مناف جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خلال قيامه برحلة تجارية في غزة حيث دفن فيها ولهذا نسبت المدينة اليه فقيل عنها (غزة هاشم) وكان مدفنه قبل العمران داخل قلعة لا بناء لها بالقرب من سور المدينة من الجهة الشمالية الغربية. ومنذ هذه الواقعة صارت الناس تدفن حوله حتى صار عنده تربة كبيرة وخفي أثره بتوالي الأزمان والحروب وأن ظل موضع المغارة التي دفن فيها معروفا. وفي القرن الثاني عشر هجري احيط الضريح بالبناء وصار يقصد للزيارة وهذا محرم بحد ذاته وفي القرن الثالث عشر الهجري بني عليه مقصورة عظيمة بقبة شامخة وأزيلت تلك المقبرة وبني مكانها جامع ومدرسة للغرباء بمنارة عالية وبيت كبير للصلاة بمحراب ومنبر وصحن واسع وأيونات بأعمدة دائرية نقلت اليه من موضع الميناء القديم بساحل البحر حتى صار من أعظم الجوامع وأتقنها ومن أنفس الآثار وأحسنها. وفي عام 323 هجري نقضت منارته لاعوجاج ظهر بها وجدد بناؤها وصدر الأذن السلطاني باقامة صلاة الجمعة به منذ ذلك التاريخ. اما الجامع الثاني في الأهمية التاريخية فهو (الجامع العمري) الذي يقع في قلب مدينة غزة القديمة وفي مركزها التجاري حي الدرج أو ما كان يطلق عليه سابقا حي البرجلية نسبة للابراج التي كانت مقامة عند الحافة الشرقية للمدينة. ومع الفتح الاسلامي لفلسطين بقيادة عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعودة المدينة معززة بالاسلام دخل العديد من أبنائها في دين الله أفواجا وشجعتهم سماحة الاسلام بمطالبة الفاتح العربي المسلم بتحويل كنيستهم لمسجد يصلون فيه فكان لهم ذلك فاطلقوا عليه الجامع العمري الكبير نسبة لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب. وبعد تعرض فلسطين لحملات صليبية متلاحقة والاستيلاء على مدينة غزة في الحملة الثانية سنة 1100 ميلادي قام بلدوين الثالث بانشاء كنيسة القديس يوحنا سنة 1149 على أنقاض الجامع العمري الكبير بعد تدميره وهي البناية التي تتوسط الجامع الآن وظل الأمر على ما هو عليه لحين قيام صلاح الدين بتحرير المدينة وعندما تم تحرير فلسطين نهائيا في العصر المملوكي أعاد المماليك للجامع العمري الكبير مكانته الدينية ومكانه فحافظوا على البناية بأسلوبها ونمط عمرانها وأضافوا في جوانبها الأربع مبتدئين بالجهة الشرقية. وفي العهد العثماني قام الشيخ البكري نقيب الأشراف بمدينة غزة باضخم التوسعات للجامع الى الشمال من البناء القديم حتى لا يكاد ما بناه يمثل في حد ذاته جامعا كاملا ففي الجهة الشرقية قام ببناء الايوانات المعقودة بخمس مصلبات وبها منبر رخامي ومحراب ودكة أتى بها جميعا من أنقاض البيمارستانات المنصوري وجامع ومدرسة قايتباي وجامع الجاولي وفي الجدار القبلي لهذه الايوانات نقلت عدة حجارة نقشت عليها نقوش نجمية اسلامية في غاية الجمال والزخرفة الفنية البديعة. وفي الجهة الغربية قام ببناء ايوانات بأروقة ذات سقف معقود مصلبة وخلفها أربع غرف كمدرسة لتلقي العلوم الدينية لطلاب المدينة. كما بني على أعلى عتب بعض الغرف حجر تأسيسي وأضاف أيضا أيونات في الجهة الغربية خلف غرف المدرسة تؤدي إلى الميضأة.