لكل عاشق فلسفة خاصة في حبه وعشقه، ولكن الحب هنا مختلف تماما كونه مرتبطا هذه المرة بالمكان الذي يرتبط بالروح ويمتزج بها ليكون علاقة ثنائية وطيدة لايمحوها الزمان مهما ادلهمت ظلماته، وتقلبت ظروفه وتبدلت أحواله. هنا حيث ترتبط قلوب عشاق المدينة الساحلية أو العروس كما يطلق عليها محبوها، يقع في قلب منطقتها القديمة التاريخية مسجد شاهد على العصور المختلفة، ويفوح منه عبق التاريخ المجيد منذ القرن السابع الهجري هنا مسجد الشافعي العتيق أقدم مساجد جدة، حيث يقف شامخا عبر قرون خلت، منذ بناه الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسول عام 648ه، ثم ما جرى عليه من إعادة بناء عام940ه، وما تبع ذلك من ترميمات على مر العصور، وكان آخرها ما تم في عهد الدولة السعودية الثالثة. رغم ما تضمه منطقة البلد التاريخية في جدة من آثار ومبان عتيقة، إلا أن مسجد الشافعي يعد أعتقها، حيث بني قبل نحو 8 قرون. ويقع مسجد الشافعي أو الجامع العتيق في حارة المظلوم، إحدى أقدم حارات جدة القديمة بجانب سوق الصاغة والفضيات القديم وصانعي النحاس، وإلى الشرق منه توجد سوق النسيج والملابس المعروفة بسوق البدو. ومسجد الشافعي من ناحية معالمه المعمارية: بناء مستطيل الشكل ينقسم إلى قسمين، ويمتد من الغرب إلى الشرق الأول هو الجزء الغربي، ويمتد على هيئة صحن مكشوف مربع الشكل وسط دكة ترتكز على أربعة أعمدة، والثاني هو الجزء الشرقي وهو إيوان القبلة ويحتوي على صفين من البوائك، تعلوها عقود مدببة تقسم الإيوان إلى ثلاثة إيوانات موازية لحائط القبلة.. وتقوم عقود البوائك على أعمدة بعضها رخامي، وتنتهي بمقرنصات من ثلاثة صفوف، وبعضها الآخر مبني من الحجر، ومعظم تلك الأعمدة تعود إلى العصر العثماني. ويشهد المسجد هذه الأيام حركة دؤوبة سعيا إلى ترميمه بأسرع وقت خصوصا بعدما تم البدء فعليا بمشروع ترميمه بمكرمة ملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث يملأ قلوب الأهالي شغف الصلاة فيه من جديد بعدما غابوا عنه شهورا طويلة.