الوطن ذلك المعشوق الذي تغنى بحبه الشعراء وهام في عشقه الابناء وذكر فضله الادباء واطال في وصفه الخطباء: هذا الذي يلهم الانسان أسمى المشاعر واصدقها ويدفعه للعمل من اجل رفعته والتضحية من اجل حمايته والدفاع عنه وحفظ مكانته بين الأمم ورفع رايته خفاقة عالية في السماء. هذا الوطن صار حبه لدى خالد الحليبي دليل اصالة وتجدد نقرأه في كل قصيدة من قصائد الحليبي بشكل مختلف يجعل له مذاقا جديدا لان الحليبي كما هو في هذه القصيدة قادر على ان يجعلنا نعيش احساسا مختلفا في كل مرة، ومع ذلك فقد اخذ هنا بطريقة الاسلاف في بداية القصيدة بالمقدمة الغزلية التي اختطها امرؤ القيس وسار عليها بعده الشعراء عبر العصور لكن الحليبي أبدع في تحويل هذه المقدمة الى حوار جميل حول الوطن ثم حديث عذب عن قرن من مسيرته ودور مؤسسة الملك عبدالعزيز في بناء وحدته ووضع اسس نهضته قبل ان ينتقل عبر العصور الذي حمل هم الوطن ورفض ان يبقى مقسما في فرقة وخصام وكيف عمل منذ نعومة اظفاره للم شمله تحت لواء واحد حالما باليوم الذي يستطيع فيه ان يجمع شتاته ويؤلف حواضره وبواديه في كيان مستقر قوي وكيف اتخذ من قوة الحق سلاحا ومن السيف صديقا والرمح رفيقا للوصول الى الهدف الأسمى. ويرسم الشاعر بعد ذلك صورة للحلم الذي تحقق فجمع بين البحر والخليج وبين الصحاري والواحات في امن وسلام قاضيا على قطاع الطرق ومانعا الاعتداء على الآمنين في هجرهم وقراهم ومدنهم ثم ارساء الملك على دعائم من شرع الله سبحانه وتعالى وكيف كانت تقوى الله عزوجل والحفاظ على شرعه خير معين له على تحقيقه هدفه وكيف كان السير على نهج المصطفى (صلى الله عليه وسلم) خير ناصر للوصول الى غايته الاسمى. ثم يشير الشاعر بعد ذلك الى دور خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - في متابعة مسيرة العلم والايمان والعمل مستعينا بعد الله بولي عهده الأمين سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز وبسمو النائب الثاني الامير سلطان بن عبدالعزيز في اعلاء شأن الوطن وتمكين لحمته وقوته حتى صار هذا الوطن قويا مهابا ينعم، ولايزال متصلا وصولا الى مدارج المجد يجاوز النجوم والكواكب. اما هيام الشاعر في حب هذا الوطن فهو لدى الحليبي هيام مشروع لدى كل الشعراء في اوطانهم لكن الهيام في هذا الوطن له خصوصية ومشروعية تفوق كل ما عداه فهو الارض التي تهفو لها قلوب المواطنين في كل مكان ولا ينسى الحليبي بعد ان يعلن هيامه وعشقه للوطن الكبير لا ينسى محبوبته الاقرب تلك التي تتزين بأعذاق النخل وخصل الدوالي الاحساء، العاشقة المعشوقة فهو يحبها وهي تحب اترابها في الجنوب والشمال.