ليس هناك اشق ولا اصعب ولا اكثر هولا على الانسان من استسلامه المطلق لرأي (المستشارين حسب الطلب). هؤلاء هم الكارثة والطامة الكبرى. وغالبا ما يقلبون المرء على ظهره ولا يستوي على قدميه. ويظل مرفوع الساقين كأي (صرصار) يرفس حتى الموت.. وقد تكون حسنات استشارتهم الطريق الى الفناء والنهاية.. من هؤلاء المستشارين من يملك القدرة على ان يقلب عقلك على قفاه ويصيبك بالعمى وانت ترى واذنك بالصمم وانت تسمع، ويكبل خطاك وانت تمشي، ويزين لك هوى نفسك الامارة بالسوء فتستجيب للخطأ، وانت تعرف انه خطأ ويخفي عنك معالم القبح برغم ان القبح يفضح نفسه ولا يحتاج الى دليل. والعقلاء من الناس لدى كل منهم ميزان من داخل رأسه، وآخر في داخل قلبه.. ولا يطغى احدهما على الآخر وانما يعمل كل منهما على ايجاد ذلك التوازن العادل بين العقل والقلب، وبين الغضب والرضا، وبين الحب والكره، وبين الواقع والخيال. واذا تحول عقل الانسان الى مجرد (وعاء) بدون مقياس او توازن طفح بما فيه و تسللت اليه السموم والطفيليات والمكروبات، واصبح خطرا على صاحبه وعلى الناس. من اجل هذا. اتقوا الله فينا ايها المستشارون حسب الطلب واصدقوا وانقلوا الحقائق، وبصروا كل مسئول في موقعه بمكامن العطب، وكونوا عونا لمن يحمل مسؤولياته تجاه هذا الوطن لا عبئا عليه.. واتركوا تلك العبارة الشهيرة كل شيء تمام وعلى احسن حال فالتدليس والنفاق والكذب هو المنزلق الخطر الذي يقودنا الى الهاوية ولا تبحثوا عن ابتسامة الرضا، والحصاد الوفير لمصالحكم اكثر من مصالح الناس، ولا تحجبوا نور الشمس بعباءاتكم الصيفية التي لن تخفي شيئا ولن تحجب اي شيء. الصدق لن يغضب مسؤولا واعيا مدركا احب تراب هذه الارض ويعمل من اجل رفعة شأنها. الصدق يفتح عيوننا جميعا على الحقيقة، وعلى الخطأ، وعلى العيب، وعلى الخلل، وهو الطريق الصحيح الى الصواب. هدانا الله واياكم، ولا ازيد.