بدأت مدينة (ياسمين الحمامات) تنحت لنفسها شيئا فشيئا مكانا واضحا للعيان على بعد مائتي متر من شاطئ مدينة الحمامات الجنوبية.. ويعطي شكل السور الخارجي للمدينة، الذي يمتد على مساحة 55 ألف متر مربع، الاحساس بان المدينة غارقة في القدم وتعود لقرون مضت. بل ان بناة السور قد تركوا بعض الأوتاد التي توحي بالانهيار لترسيخ الاحساس بالقدم والعراقة. وفي نفس الوقت صممت معالم السوق التقليدية في مدينة ياسمين الحمامات على شاكلة البلاد العربي (الحي العربي في تونس العاصمة) في انتظار ان تستكمل اللوحة جميع عناصرها من تجار وزبائن مع اكتمال حركة التجارة في المدينة. ويؤكد رجل الأعمال السيد عبد الوهاب بن عياد صاحب الفكرة والمشروع ان هذا النموذج المعماري هو الوحيد في العالم الذي يتم تشييده باعتماد وسائل ومواد بناء مشابهة لتلك التي تم الاعتماد عليها منذ قرون مضت. وتعرض تصميمات المدينة فصولا من تاريخ تونس العريق، بدءا من قرطاج الى الدولة الحفصية والفاطميين مرورا بالإسبان. كما تجسد بعض أركانها أماكن شهيرة في بغداد أو دمشق أو حتى في غرناطة الاندلسية. وستنتهي المرحلة الاولى من المدينة، كما يبين السيد طارق بن ميلاد المهندس المعماري لها، في شهر مارس 2003 على ان تفتح أبوابها بالكامل سنة 2004 للزوار والسياح التونسيين والأجانب بعد ان يتم منح المنازل والمحلات لأصحابها لتنطلق بذلك حكاية الألف ليلة الجديدة. ولعل الاهمية الخاصة لمدينة ياسمين الحمامات أنها ستضاف لذلك الكم الهائل من النزل والفنادق السياحية في المنطقة لتشكل حبل وصال سيساهم في تنشيط مدينة الحمامات، وبالتالي السياحة التونسية كلها، خاصة السياحة القائمة على تقديم الخدمات الراقية. أما الميزة الأساسية لهذه المدينة فهي أنها ستكون دائمة النشاط إذ ان جميع المتاجر والمطاعم والملاهي والسينما ستواصل عملها ليل نهار، في حين ستتم برمجة عروض موسيقية وفلكلورية تقدمها فرق ومجموعات يتم استقدامها من جميع أنحاء العالم ويوميا لتعطي للمدينة انطباعا بتمازج الثقافات تماما يناسب تصميمها المعماري الفريد. وسيتم انشاء دار للنشر والفيلم ومتحف وقاعات للعروض المسرحية والفنون الجميلة من شأنها ان تعطي للمدينة بعدا ثقافيا يتجاوز مختلف الأوجه السياحية التي قد تتبادر لزائرها منذ الوهلة الأولى. اما سكان المدينة فسيكونون أساسا، وحسب السيد عبد الوهاب بن عياد، 20 بالمائة منهم من التونسيين و20 بالمائة من الأجانب في حين سيكون البقية أي بالتحديد 60 بالمائة منهم من الدول الاسكندينافية رجوعا الى وعود البيع. ورغم ان مدينة (ياسمين الحمامات) لا تزال تنتظر الانتهاء من استكمال خدماتها الفريدة، الا ان قصصها بدأت تتجاوز أسوارها العالية لتروى تاريخ حلم تحول الى حقيقة، ومشهدا ثقافيا وسياحيا بديعا من تونس.