رمى بجسده المنهك على الفراش الرث, اطلق زفرات بائسة وآهات حبيسة لها دوي.. ظلت مقلتا عينيه السوداوان تجوبان أرجاء الغرفة الباردة. حملق في أصابع قدميه الظاهرة من تحت الغطاء, أحس انها تتلصص النظر اليه, وتهزأ منه من خلال تشابكهما. التقط منديلا باليا قذفه نحوهما ثم أشاح بنظره يمنة ويسرة لعله يجد ما ينتشله من حالة السأم التي تكتنفه وتشل قواه في ليلة العيد. بلا عمل او مستقبل.. لم يشفع له شيء.. مجموعة كتب وأوراق قرب فانوس قد عفا عليه الزمن.. بقايا حبر أسود على سجادة مهترئة, أسرع بالنظر الى المرآة المكسورة يبحث عن بقايا صورة قديمة ما زال لها أثر في أرشيف الذاكرة. أفزعته نتوءات الماضي التي تتشابك مع الصدأ بشكل مرعب.. سكت برهة ثم التقط كتابا كان قد خبأه تحت وسادته هم بقراءته وجده مقلوبا, عدله سقطت أحرفه بشكل أثار الفزع في فرائصه, نهض واقفا حاول ارجاعها او الإمساك بها وهي تتسلل الواحدة تلو الأخرى من تحت عتبة الباب, وصوت قهقهتها المجلجل يهز الصمت المطبق. أمسك بمقبض الباب شده بعنف لم ينفتح حاول أكثر انخلع المقبض الأسود وانفتح الباب على مصراعيه فانطلق مسرعا. ليجد نفسه معلقا على حافة جرف سحيق بين السماء والأرض جحظت عيناه وهو يصرخ أين بقايا العالم؟ أين المنزل والحارة؟ أدار مكعب رأسه المتصلب قليلا الى الوراء توسل بذل للباب ألا ينغلق.. ابتسم الباب وبانت نواجزه المخلوعة وهوى.. ليسقط منكبا على وجهه حاول ان يتمسك بما يجده حوله لاحظ حروفه الشاردة قد تكتلت فوقه.. قرأ مرحبا بك بواقع الجنون.. أمسك بها سقطوا جميعا يصرخون.. انتفض فزعا يتصبب عرقا نظر حوله قال.. الحمد لله انه حلم رفع يده يتحسس فروة رأسه نظر في راحة يده وجد حروفا قد تشبثت بشعره المتجعد وهي تقطر دما. نورة العتيبي @ من المحرر نقلة واضحة في أعمالك.. فهناك تكثيف وسرد متسق الى حد كبير, وهناك مساحة للقارىء يمكن له ان يملأها بخياله.. وهناك اكتمال لعناصر أخرى كثيرة.. فالى الأمام.