كتبت سابقاً عن غيرة بعض الزوجات المدمرة ، التي تهدد كيان الأسرة وبناءها ، وذكرت أن من أسبابها الافتقار للنضج النفسي والعاطفي الذي يولد الغيرة اللامنطقية التي تتسبب في إيذاء نفسها وأقرب الناس إليها قبل إيذاء الآخرين . واليوم أكتب عن سلوك ومبدأ النعامة التي يتبناه بعض الآباء الأنانيين ليمتعوا أنفسهم بحياة ترضي ذاتهم الأنانية وتشبع رغباتهم الخاصة ، يعرفون كل تداعيات فوضى الخلافات الناتجة عن الأنانية ولا يتعاملون معها بحكمة، والغريب أن هذه الفئة تعرف أن الضحايا هم الأبناء الأبرياء الذين لا ذنب لهم . قد تصمد بعض الأمهات المصاب أزواجهن بهذا الداء ويقمن بتربية الأبناء وحدهن وقد ينجحن ولكن ليس بنفس الدقة التي يقوم به جهاز الأسرة المتكامل المؤلف من جزءين رئيسيين هامين « الأب والأم» فكل جزء مصمم من أجل وظيفة معينة. والذين سيقعون حتماً تحت أقدام الزمن لا قدر الله ، تنتهج هذه الفئة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، همهم الوحيد إرضاء ذاتهم واشباع رغباتها على حساب حاجات ورغبات أقرب الناس إليهم ، شعارهم «أنا ومن بعدي الزوجة والأولاد ». لا أظن أن أي أب عاقل أو أي زوج يجهل الهدف الرئيس للزواج الذي هو في الأصل آية من آيات الله لإعمار الأرض . قرار مصيري ، ومشروع إنساني اجتماعي وتضحية هدفها بناء أسرة قوية صالحة .. جنة في الأرض تغطيها الورود والأشواك - « طبيعة الورد » - ولله في خلقه شئون سبحانه لحكمة أرادها . إلاّ أن في ظل معرفة مفهوم واقع الحياة الزوجية وحقيقتها ومع الحوار الحضاري والمشاركة الايجابية في كل الأمور وبالانصهار الروحي والوجداني تنصهر الأشواك وتذهب إلى غير رجعة ، وبالارتواء العاطفي تتفتح أزهار المودة والرحمة والتفاهم. لا أعتقد أن حقيقة هذا الواقع الملموس تغيب عن أحد ، فإن غابت فتلك مصيبة وإن لم تغب ونفذ قرارٌ لبداية نهاية مؤسفة الغرض منها تحقيق سعادة شخصية فالمصيبة أعظم . أنانية بحجم كبير وبشع وتبني سلوك النعامة ومبدأها جريمة لا تغتفر ، أعرف بعضهم تبنوا هذا السلوك ودفنوا رؤوسهم في الرمال هروباً من رؤية الاحباط والعجز وعدم الإحساس بالأمان في عيون أمانتهم ، ناهيك عن الانعكاسات السلبية المؤثرة نفسياً ومعنوياً وبيولوجياً في نمو هؤلاء الأبناء وتوازنهم الوجداني وسلوكهم وعلى مستقبلهم كآباء عندما يكبرون « أنا ومن بعدي الطوفان» . كأس السم الذي يشرب منه الأبناء سيتجرعه لاشك الآباء « وعلى نفسها جنت براقش » . الأناني شخص مكروه يعيش وحيداً وسيموت وحيداً . مريض بالأنانية المدمرة شخص غير محبوب؛ مصيدة الشيطان وأساس كل بلاء . قد تصمد بعض الأمهات المصاب أزواجهن بهذا الداء ويقمن بتربية الأبناء وحدهن وقد ينجحن ولكن ليس بنفس الدقة التي يقوم به جهاز الأسرة المتكامل المؤلف من جزءين رئيسيين هامين « الأب والأم» فكل جزء مصمم من أجل وظيفة معينة. فليفكر الأنانيون من الآباء والأمهات بجدية بأمانتهم التي حملوها. قال تعالى: (إنَّا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ والجِبَالِ) ؛جاء ضمن معاني الأمانة؛ أمانة الأهل والأولاد، فإهمال تربية الأبناء جريمة يترتب عليها أَوْخَم العواقب . فالأبناء أمانة في عنق والديهم، قلوبهم نقية بنقاء الجواهر خالية من كل الشوائب ، فإن عُوِّدُوا الخير نشأوا عليه وشاركوا فيه ؛ وإن عُوِّدُوا الشر شقوا وأشقوا غيرهم ؛ عجينة طرية تشكل بحسب التربية . فاتقوا الله فيهم ولا تسيئوا لهم بالإهمال والتربية العقيمة فأكثر أمراض المجتمع سببها فساد التربية ؛حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا . [email protected]