يتزايد خوف اليهود من الحياة في داخل اسرائيل بسبب التفجيرات المتكررة بها دون ان تستطيع حكومة اريل شارون قمع القائمين بهذه العمليات الانتحارية التي اخذت تتزايد في حجمها وتأثيرها، وجاء آخرها تفجير اتوبيس بالقرب من تل ابيب قتل فيه اربعة عشر اسرائيليا وجرح به عشرات الجرحى كثير منهم في حالة حرجة يصارعون الموت داخل المستشفيات، ويسود الحزن على الموتى، والروعة على الجرحى، والخوف على النفس الذي وصل الى القيادات السياسية الاسرائيلية التي لم تعد تطمئن على نفسها في مجتمع يقوده الى التهلكة رئيس الوزارة اريل شارون وحفنة من اركان حكومته اما بدافع التطرف اليميني واما بالانسياق مع التعصب الديني. يؤكد هذا القول لقاء الاذاعة تلفونيا مع سارة نتنياهو التي قررت بوضوح ان اسرائيل تحترق بنيران الفتنة التي تقودها حكومة جاهلة باصول الحكم ففرضت على الشعب الاسرائيلي الموت اما بنار الحريق واما في الطرقات واعلنت بانها مع زوجها قد قررا مغادرة اسرائيل نهائيا ولن يعودا اليها ابدا طالما ظلت هذه الحكومة في السلطة تقتل الفلسطينيين دون ان تدرك بانها في نفس الوقت تقتل الاسرائيليين لغياب المنطق السياسي في التعامل مع الواقع والانسياق مع العقلية العسكرية التي تؤمن بان القوة هي السبيل الوحيد لفرض ارادتها الرامية الى مصادرة الاراضي الفلسطينية المحتلة بعد اجبار اهلها على الهجرة منها تحت ضغط الحديد والنار مما يجعل الارهاب الفلسطيني ضد اسرائيل نتيجه للارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. اكدت سارة نتنياهو في حديثها للاذاعة الاسرائيلية على ان اسرائيل اليوم دولة عرجاء لان ساقها العسكري اطول بكثير من ساقها الدبلوماسي بصورة جعلت المواطن يعيش في ثكنة عسكرية وحولت الوطن الى ميدان للقتال ولاعلاج لذلك الا باخراج العسكر من السلطة والحكم لان رؤيتهم السياسية لا تتعدى ارنبة انوفهم والاسراع باللجوء الى السياسيين القادرين على الوصول الى نفس الاهداف من خلال السبل المتعددة المتاحة والمكتسبة دون اراقة نقطة دم واحدة من الشعب اليهودي الذي جاء من كل اركان الارض ليعيش في سلام تحت مظلة الامن والامان في داخل الوطن القومي اليهودي. اوضحت سارة نتنياهو بان الوطن القومي اليهودي يحتاج اليوم لاجتياز ازمته الى زعيم يقوده الى بر الامان، اكثر من حاجته الى حاكم متهور يدفعه الى موارد التهلكة للوطن والمواطن، وان استمرارهما في البقاء والحياة لن يتحقق الا اذا اعطى (بيبي) اسم الدلع الذي تنادي به زوجها بنيامين نتنياهو الذي وصفته بزعيم اكبر بكثير من هذه الدولة باكملها، وطالبت باعطائه التقدير الذي يستحقه واللجوء اليه لانقاذ اسرائيل من الفناء والشعب اليهودي من الابادة. جاءت ردود الفعل من حكومة الوحدة الوطنية الائتلافية عنيفة ضد سارة نتنياهو ووصفها اريل شارون بانها (تلبس البنطلون في البيت) مستعيرا هذا التعبير الامريكي الذي يعني سيطرتها على زوجها بنيامين نتنياهو الذي تقدمه زعيما بهدف ايصاله الى الحكم مرة اخرى في ظل الاوضاع الراهنة التي يتوقع معها اجراء انتخابات عامة مبكرة في اسرائيل بحلول العام القادم 2003م، وهي لا تقود من الآن حملته الانتخابية، وانما تسعى الى ممارسة السلطة والحكم من خلاله كما كانت تفعل في ايام رئاسته للوزارة الاسرائيلية، وطالبها شارون بالاعتذار عما بدر منها من اقوال وحذرها من مغبة رفضها تقديم الاعتذار له ولحكومته. ارسل اليها اريل شارون وزير الخارجية شيمون بيريز الى منزلها في تل ابيب الذي اخذ يهددها بتقديمها للمحاكمة بتهمة تطاولها على الحكومة باقوال تفتقد الادلة عليها واخبرها بان في حوزة الحكومة وسجلاتها وثائق عديدة عن فضائحها وجرائمها السياسية، وعند مثولها امام المحكمة ستقدم هذه الوثائق لها عن العديد من القضايا التي سترفع ضدها ولن تكون تلك الوثائق مصوغات الاتهام وانما ادلة قاطعة على ادانتها فكتبت ووقعت اعتذارها بالصيغة التي وضعها اريل شارون التي نقلها اليها شيمون بيريز وقامت كل الصحف الاسرائيلية بنشر اعتذارها في اليوم الثاني وسمع صوتها الشعب الاسرائيلي وهي تعتذر من الاذاعة الاسرائيلية ونقلت وكالة الانباء اعتذار سارة نتنياهو الى كل عواصم الدنيا. الاعتذار الذي تقدمت به سارة نتنياهو لا يلغي الحقيقة التي اعلنتها عن حرق اسرائيل وذبح اهلها الذين يعانون من كل ما قالته ويتفقون معها في مطلبها بايجاد زعامة حقيقية لاسرائيل تنقذها من الدمار والفناء ولكنهم لا يشاركونها الثقة في زوجها بنيامين نتنياهو لان العنف القائم اليوم هو امتداد لسياسته بالامس.