يقود يوسي ساريد وزير العدل الاسرائيلي السابق وزعيم الكتلة اليسارية المعارضة للحكم في داخل البرلمان "الكنيست" حمله الرأي العام المطالبة بإقالة رئيس الوزارة اريل شارون من السلطة والحكم لأن مسلكه العسكري ضد الشعب الفلسطيني يتناقض مع رغبة الجماهير الشعبية التي تتطلع الى السلام، بعد أن مست اعمال العنف التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية الائتلافية الأمن الاسرائيلي من خلال ردود الفعل الفلسطينية التي فرضت على الشعب دون الحكومة مواجهة خطر الموت منذ ان يفتح الانسان المواطن عينه في الصباح حتى يخلد الى النوم عندما يأتي المساء. يقول يوسي ساريد وهو من رجال القانون هذا الرأي العام الاسرائيلي المطالب بإقالة اريل شارون من السلطة والحكم لعدم صلاحيته في القيام بالدور التفاوضي من اجل السلام، يحمل في نفسه الشرعية الكاملة لأنه جاء الى رئاسة الوزارة بانتخابات شعبية فيحق للشعب اسقاطه من سدة السلطة والحكم اما بإجراء انتخابات مبكرة واما بطرده منها اذا رفض الانتخابات المبكرة، تمشيا مع احكام الدستور التي تقرر بأن الشعب هو مصدر لكل السلطات. اذا قارنا هذا المطلب الشعبي الشرعي في اسرائيل بإقالة اريل شارون من السلطة والحكم مع مطالبته بإسقاط ياسر عرفات من موقعه في السلطة بحجة عدم صلاحيته للمفاوضات السلمية، لوجدنا هذه المطالبة التي يصعدها اريل شارون ويؤيده فيها الرئيس الأمريكي جورج بوش تفتقد الى الشرعية خصوصا أن الشعب الفلسطيني الذي اختاره لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية ومن ثم رئاسة الدولة عند قيامها يعارض اخراجه من موقعه في السلطة والحكم. عدم تقيد اسرائيل بالشرعية الدولية القاضية بالارض مقابل السلام التي عبر عنها قرارا مجلس الأمن 242 و338 الصادران عام 1967م في اعقاب الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية ثم تأكد هذا المبدأ في عمان يوم 11 فبراير عام 1985م واتفق على وضعه في مواضع التنفيذ في المؤتمر الدولي الكبير الذي عقد في مدريد عام 1991م تحت رعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية واتحاد الكومنولث الروسي ووقعت عليه اسرائيل مع غيرها من الدول التي حضرت مؤتمر مدريد فأقرت بتوقيعها مبدأ الأرض مقابل السلام وألزمت نفسها بحتمية تطبيقه على ارض الواقع من خلال المباحثات السلمية المباشرة مع الدول العربية الخاضعة اجزاء من اراضيها او كل اراضيها كما هو الحال مع الفلسطينيين لتعيد لهم الأرض التي تحتلها مقابل ابرام الصلح معها بكل ما يترتب على ذلك من السلام داخل اقليم الشرق الأوسط. على الرغم من الموافقة الاسرائيلية الصريحة والواضحة في مؤتمر مدريد على مبدأ الأرض مقابل السلام نجد الحكومات المتعاقبة على السلطة كانت تعمل ضد هذا المبدأ وخرج عنه بصورة علنية رئيس الوزارة الاسبق بنيامين نتنياهو الذي قرر مبدأ الأمن مقابل السلام وسار على نهجه ايهود باراك وقام بتنفيذه عن طريق العنف اريل شارون وبدلا من ان تردع امريكا اسرائيل لخروجها على الارادة الدولية قامت بتسخير كل امكانياتها لتدعم التوجه الاسرائيلي الرامي الى أخذ الأمن والسلام دون ان تقدم المقابل له بإعادة الأرض المحتلة، مما جعل واشنطون تتحدث وتتفاوض باسم اسرائيل واتضحت هذه الحقيقة في اللقاء الأخير بين الوفد الفلسطيني برئاسة صائب عريقات وبين وزير الخارجية كولن باول ورئيسة الأمن القومي كونداليزا رايس حيث تركزت المباحثات على الجانب الأمني الاسرائيلي دون التطرق الى حقوق الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة وشرعية اقامة دولتهم عليها متجاهلين بعمد قرار مجلس الأمن 1397 القاضي بقيام الدولة الفلسطينية. تفيد التقارير التي جاءت من واشنطون بأنها قامت بإرسال رجال من مخابراتها الى أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بصورة سرية ليتأكد لهم حتمية القيام بالاصلاحات المطلوبة منهم حتى يتحقق الأمن الاسرائيلي الكامل، وهذه التقارير في نفسها تمثل وثيقة تؤكد ما نذهب اليه من حصر المباحثات الفلسطينية الأمريكية الأخيرة داخل أطر الأمن الاسرائيلي وهو ما جعل تل أبيب تسرع الى عقد اجتماعات مع الجانب الفلسطيني وقدمت مشروع مباحثات غزة وبيت لحم أولا ثم تراجعت عنه ومع ذلك طلب رئيس الوزارة أريل شارون من وزير الخارجية شيمون بيريز مواصلة المباحثات مع الفلسطينيين التي عقدت يوم الأربعاء الماضي 14 اغسطس عام 2002م لتدور داخل نفس الحلقة المفرغة الأمن الاسرائيلي بسبب الاصرار الاسرائيلي على الأمن مقابل السلام وهذا الاصرار يمثل جريمة حرب ضد الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي.