أجمل القصص التي تبقى على مر الأجيال وفي ذاكرة الازمان هي تلك المستوحاة والمستلهمة من قلب التاريخ، كل الملاحم الاغريقية والعربية والشرقية الخالدة هي التي اتكأت على مصادر تاريخية وان خالطتها الاسطورة فيما بعد، وهذا هو الذي رشها بالجمال المبهر. ولك ان تعيد التأمل في الاوديسة، وعنترة، وقيس وليلى، والسيرة الهلالية، ويسجل المسرح العالمي بقاء رونق كوميديات اسخيليوس وتاريخيات شكسبير كما فعل (كامي) في كاليجوليا (وصلاح عبدالصبور) في الحلاج، والزير سالم (لالفريد فرج).. دعنا نستلم شكسبير قليلا.. ابقى قصة حب في الوعي التراثي العالمي هي قصة روميو وجولييت، وقلنا انها ابقى.. ولكني ارى ان اروع قصة حب هي التي كانت بين ولادة وابن زيدون.. سجلا اعظم قصة حب يعيها العقل ويفهمها سجل المحبين.. فلقد كانت جولييت فتاة غرة مراهقة فارغة العقل، بينما كانت ولادة حسناء حسناوات قرطبة ازهى مدن العالم قاطبة في القرن الحادي عشر. فوق جمالها الاخاذ بنت الخليفة المستكفي الذي وهن ذهنه وزاغت قدرته، لتبني هي سمعة ملوكية رحلت في كل افق.. وكان ذكاؤها يعطي فوق الحسن اشعاعا جذابا لشخصية لايقاوم سحرها. وربما كانت اول امرأة في التاريخ تعقد ما نعرفه الآن بالصوالين الأدبية.. واحبت من؟ جولييت احبت فتى باهتا يجري في حيها وينام مغنيا تحت شرفتها ليس اكثر من ذلك.. ولكن حبيب ولادة كان ابن زيدون زين شباب قرطبة وارجحهم موهبة وآنقهم مظهرا واعذبهم كلاما ولاتخفي العين وسامته الرائقة. وكان سليل العلماء فشرب العلم مع حليب المهد وتشرب الشعر في عروقه مع الأدب والفكر والعشق فاطلق اجمل تباريح الحب.. كما لم يفعل أي شاعر في العالم في أية لغة، في أية حضارة.. على ان القصة تكتمل دراميتها بما حصل للحبيبين. كل منهما مأساة وحده. على ان حبهما كان تراجيديا مقطوعة من الحياة ومسلوخة من الهيام.. فقد احبا بعضهما كأروع وارقى حبيبين في اجمل مدن الدنيا، حتى دخل العدو الابدي العذول، فوشى بينهما فما كان من ولادة صاحبة الكرامة الطاغية الا ان رمت نفسها في احضان من لاتحبه ولا يكافئ حبيبها الحقيقي في أي شيء نكاية بابن زيدون الذي لبس لها انه خان وصالها، ولكن.. لن تنسى ولادة من قالت له:==1== ترقب اذا جن الظلام زيارتي==0== ==0==فاني رأيت الليل أكتم للسر==2== ولن تنسى من قال لها:==1== عليك السلام! سلام الوداع==0== ==0==وداع هوى مات قبل الأجل==2==