في العدد (13070) من جريدة الجزيرة الغراء 8 رجب 1429ه وفي زاويته المتميزة (نوازع) أمتعنا الدكتور السفير الأخ محمد بن عبدالرحمن البشر، وأثرى ذاكرتنا الجافة من الفرح والتذكار بنسمة طرية جميلة من زمن الحب الأندلسي حين تحدث عن الشاعر أبو زيدون وعن حبيبته ولادة بنت المستكفي وكذلك عن المغنية عتبة وصيفة ولادة وجاريتها التي أشعلت نار الغيرة في قلب أميرتها مما جعلها تضربها وتقطع صلتها بابن زيدون صاحب أجمل قصائد الشوق والغزل والاعتذار خصوصاً قصيدته الشهيرة التي مطلعها: أضحى التنائي بديلاً عن تلاقينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا هذه القصيدة الطويلة الماتعة وكذلك مقطوعته التي أوردها الدكتور محمد البشر تعدان من عيون الشعر العربي الغزلي على مر العصور، حيث مازال الشيوخ قبل الشباب يعجبون بهما ويتوقون إلى قرائتهما والتلذذ بهما كلما غمرتهم أجواء العشق والغزل. ففي هذه المقطوعة الشعرية الرقيقة نادرة المثال في الشعر العربي يقول ابن زيدون مخاطباً ولادة وشاكياً لها تباريح صبره على الهجر ونادماً على الحرمان من لذاذات الحب: ودع الصبر محب ودعك ذائع من سره ما استودعك يقرع السن على أن لم يكن زاد في تلك الخطى إذ شيعك يا أخا البدر سناء وسنى حفظ الله زماناً أطلعك إن يطل بعدك ليلي فلكم بت أشكو قصر الليل معك جميل جداً أن يذكرنا الدكتور البشر بهذه النفحات الغزلية التي قد تغسل شيئاً من أحزان النفوس والقلوب في زمن أناخ فيه الحزن بكلكله على شرائح كثيرة من الشعراء والقراء الذين أصبح شغلهم الشاغل البحث عن اللقمة وعن العمل الذي يوفر لهم الحياة الكريمة التي هي أغلى من الشعر والغزل. قد أتفق مع الدكتور البشر في أن زمن الحب وشعر الغزل لم ينته ولم يمت ولكن الأجواء الحزينة البائسة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي تتطلب الحديث والكتابة عن الحرية والعدل وحقوق الإنسان أكثر من الحديث والكتابة عن ابن زيدون وولادة وعتبة واجترار عهود العاشقات والعشاق والجواري والحظيات!! مجرد ملاحظة أرجو أن يتسع لها صدر الدكتور البشر والقراء الأعزاء.