مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنوسة.. الخطر القادم للأحساء
ثلث النساء يعانين منها
نشر في اليوم يوم 10 - 10 - 2002

بعد الاحصائية التي صدرت منذ اكثر من عام والتي تقول ان حوالي مليون ونصف المليون فتاة بالمملكة قد تجاوزن سن ال 30 ولم يتزوجن..
تناول عدد من الكتاب هذا الموضوع مبديا كل منهم وجهة نظره في اسباب هذه الظاهرة.. ومن الملفت للنظر ان الغالبية العظمى قد اتفقت على ان السبب الرئيس لتفشي العنوسة هو المغالاة في المهور التكاليف الباهظة لنفقات العرس.
وصحيح ان ارتفاع سن الزواج قد عم العالم العربي باسرة ولا يقتصر على المملكة وحدها.. حيث تقول الاحصائيات ان ثلث النساء العربيات (عوانس) وقد تعددت الاصوات التي تحذر من تفاقم هذه الظاهرة حيث كان اعلاها صوت الرئيس السوداني عمر البشير الذي دعا في خطاب له السودانيين الى الزواج باكثر من امرأة لمواجهة مشكلة العنوسة التي ارتفعت معدلاتها بشكل لافت.
صوت اخر ارتفع من عدد من علماء الاجتماع في مصر للمطالبة بتشريع قانوني واضح لتعدد الزوجات وجاءت هذه المطالبة عقب التقرير الذي نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء والذي يشير فيه الى وجود اعداد كبيرة من الشباب غير المتزوجين تصل الى اربعة ملايين فتاة وستة ملايين شاب.
صوت اخر انطلق من ابوظبي في نهاية شهر يونيو الماضي عقب الملتقى العلمي الخليجي لمناقشة قضايا ومشكلات الزواج في دول مجلس التعاون الخليجي والذي نظمه المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون مع مؤسسة صندوق الزواج بدولة الامارات العربية المتحدة وشارك فيه عدد من كبار المسؤولين البارزين في وزارات العمل والشؤون الاجتماعية وباحثين اجتماعيين ومختصين في قضايا الزواج وقد ناقش المجتمعون في هذا الملتقى مشكلات غلاء المهور والعنوسة والطلاق.
وصحيح ايضا ان نسبة كبيرة من الشباب السعودي قد اقترب او تجاوز سن ال 30 ولم يتزوجوا بسبب ظروف مادية او اسرية او نفسية.. ويؤكد ذلك بيان لمصلحة الاحصاءات نشرته (اليوم) العدد (10315) الصادر بتاريخ 1422/6/23ه اوضح ان نتائج البحث الديموجرافي الذي نفذته مصلحة الاحصاءات عام 1421ه.. اظهر ان نسبة الذكور لاجمالي السكان السعوديين بالمملكة قد بلغت 50.04 بالمائة في حين بلغت نسبة الاناث 49.96% وهذا يعني ان امام كل فتاة (عانس) شاب (عانس) ايضا اذا ما جاز التعبير.
ولكن تبقى نظرة المجتمع السعودي الى الفتاة التي فاتها قطار الزواج كما يقولون نظرة حادة تطاردها وتتحمل وحدها المها وقسوتها.
وتقول الاحصائيات ايضا ان نسبة صكوك الطلاق الى عقود الزواج على مستوى المملكة قد بلغت 24.4 بالمائة وهي نسبة عالية تشعل اكثر من ضوء احمر.. وتنبه الى وجود خلل ما يجب الاسراع في مواجهته ومعالجته وهذا التحقيق محاولة متواضعة ضمن اطار التصدي لظاهرة العنوسة وقد بدأت فكرته من الزميلة السيدة الفاضلة خيرية ناصر، باستطلاع مرئيات بعض الفتيات حول هذه الظاهرة.. وقد اجتمعت اراؤهن حول التالي:
@ بعض الفتيات اجلن الزواج الى ما بعد الانتهاء من دراستهن الجامعية.. وعندها تطلعن الى الزواج من شاب في مستوى تعليمي مثلهن.. ثم مضت السنون بهن وتقدمن في العمر.
@ بعض الاخريات رفض الزواج من شاب في مقتبل حياته العملية.. وتطلعن الى الزواج من ثري او صاحب منصب وجاه.. وبقين في انتظار هذا الامل.. الى ان فاتهن القطار واصبحن رقما ضمن احصائية العنوسة.
@ اخريات كان السبب في عنوستهن الاهل.. نعم الاهل وذلك:
أ) بسبب الشروط التعجيزية والمطالب المبالغ فيها والتي تدفع الشباب الى العزوف عن الزواج.
ب) بسبب طمع بعض الاباء في راتب ابنته ويدفعه ذلك الى تأجيل زواج ابنته وتمر الايام وهو في غفلة من امره.. الى ان يتقدم بها العمر وتبقى في بيته تندب حظها وتجتر الامها.
ج) تمسك الاهل ببعض العادات والتقاليد البالية التي ليس لها اصل من دين.. فيرفضون زواج البنت الصغيرة قبل الكبيرة.. النتيجة بقاء الاثنتين - الصغيرة والكبيرة. بدون زواج.
اذن نحن امام ظاهرة اجتماعية مركبة لها عمق ديني واطار سماوي يضع لها اشرف السبل واسمى الغايات.. كما لها بعد اجتماعي يشكله تسيد الاعراف وتواصل العادات.. فصنعت لها قيودا واغلالا يصعب الفكاك منها.. وحددت لها اطر ومسارات يتعذر الانحراف عنها او تجنبها.. الامر الذي يفرض علينا ان نعيد النظر في المصدر الاساسي للخلل لنقومه ونعدله لنحفظ للمجتمع تماسكه ونموه.. ونجنبه ما يحاك له من شرور وما يتهدده من اخطار.
نعم انها العنوسة.. تلك الظاهرة الغريبة على المجتمع السعودي الذي عرف عنه ولوقت قريب جدا - ان الفتاة فيه تتزوج قبل بلوغها سن ال 20. في البداية كان التوجه الى استطلاع مرئيات بعض الشخصيات الدينية ممن يشغلون وظائف رئاسية بالدوائر التي ينتمون لها ولهم علاقة وطيدة بالموضوع.. وذلك بهدف طرح مرئياتهم عن الظاهرة وطرق مواجهتها.. الا ان كثرة مشاغلهم لم تفسح لهم المجال للمشاركة ويشاء الله العليم الحكيم ان يشرف هذا التحقيق باستضافة شخصيتين لهما اسهاماتهما على الصعيد الديني والادبي هما الشيخ احمد بن علي الشيخ مبارك، الاديب والشاعر والسفير السابق للمملكة لدى العديد من الدول، وفضيلة الشيخ عبدالعزيز يحيى بن عبدالله اليحيى عالم الاحساء الجليل والرئيس السابق لمحاكم الاحساء.
نتعرف عليه من خلال اجابات فضيلة الشيخ عبدالعزيز يحيى بن عبدالله اليحيى على الاسئلة التي توجهنا به اليه.
الآثار السلبية
@ لا يخفى تزايد ظاهرة العنوسة وارتفاع سن الزواج بين الاناث الى ما فوق الثلاثين بعدما كان دون العشرين وزيادة اعداد الشباب المؤجلين للزواج بالرغم مما ينعم به مجتمعنا ولله الحمد من رخاء غير متوفر لدى مجتمعات اخرى.
فما رأي فضيلتكم الاثار السلبية على المجتمع من جراء تفشي هذه الظاهرة؟
آثار العزوف عن الزواج المبكر من اخطر ما يقابل المجتمع الاسلامي في حاضره ومستقبله وهي من دسائس اعداء الامة.. الذين يستهدفون تقليل افرادها امام وفرة اعدائها وفي ذلك مخالفة للتوجيه الالهي والتوجيه النبوي وفي ذلك قال الله عز وجل (ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين لعلكم تذكرون).. وقال سبحانه (يا أيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا اله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا). وقال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج..) كما قال صلى الله عليه وسلم تناكحوا تكاثرو فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة).
كذلك من آثار العنوسة انتشار الفاحشة بين العزاب لانه اذا قل النكاح كثر السفاح واذا اختفت الفضيلة انتشرت الرذيلة ومن الاثار ايضا الحرمان من متعة الحياة التي ينعم بها الزوجان في باكورة شبابهما ومنها كذلك عدم تمكن المتزوج كبيرا من تربية اولاده وتوجيههم والاستمتاع بهم وبذرياتهم كذلك من الاثار المدمرة انفراد كل من الجنسين بنفسه في الوقت الذي يحتاج كل منهما الى من يلازمه ويؤنسه.. وقد قال الله تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
الاسباب
@ ما رأي فضيلتكم.. أسباب نشوء الظاهرة من البداية.. والعوامل التي ساعد على تزايدها خاصة بين الاناث؟
* من اسباب نشوء هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع السعودي ما ذكرته في جواب السؤال السابق والتي تعود الى دسائس اعداء الاسلام وما يشيعونه بين الشباب من ان الزواج مسئوليات فوق طاقة قدرتهم وتحملهم اضافة الى ما ينتج عنه من مشكلات وما يترتب عليه من متطلبات المياه العصرية.. ومن المؤسف ان تحدث هذه الاقاويل صدى لدى الشباب فينصرفون عن الزواج المبكر الى ان يستكملوا دراستهم ويكونوا انفسهم ويستوعبوا من المال ما يؤمنون به حاضرهم ومستقبلهم.. وان الاوضاع الحاضرة تختلف عن الاوضاع الماضية وان امرأة اليوم ليست كأمرأة الامس الى غير ذلك من الخزعبلات التي تدفع بالشباب الى الانصراف عن الزواج المبكر هذا اولا وثانيا: المغالاة في المهور.. وهو مما يحول دون المبادرة بالزواج لاسيما بين الطبقات الفقيرة مع ان الزواج من اسباب الغنى.. قال الله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليهم) كما ان الصداق الميسر من اسباب البركة والالفة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الصداق أيسره) وصححه الحاكم.. كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن اعظم النكاح بركة أيسره مؤنه).. وهذان الحديثان يدلان على ان من بالغ في المهر وغالي فيه لم يحصل له ذلك الخير وتلك البركة.
وثالثا: التبذير والمبالغة في حفلات الزواج واضطرار الفقراء الى مجاراة الاغنياء في ذلك.. ومطالبة اولياء الفتيات - هداهم الله - الشباب بمثل ما يبذله الخاطبون من الاغنياء.. فيعجز الخاطب عن تلبية هذه المطالب ومن ثم يحجم عن الزواج.. علما بان في التبذير والاسراف مخالفة للشرع الكريم ومعصية لله ورسوله قال الله تعالى (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) وقال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال).. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة.. ونسأل الله لأولياء الأمور الهداية وان يتقوا الله في بناتهم.
المواجهة
@ ما سبل ووسائل التصدي لهذه الظاهرة للقضاء عليها او الحد منها؟
* التصدي لظاهرة العزوف عن الزواج والتبذير في النفقات يكون بالنصح والارشاد ونشر الوعي بين الناس والتوجيه والتنبيه بما ينبغي للمسلم على المسلم - التعاون على البر والتقوى التناهي عن الاثم والعدوان وليكن الغني قدوة للفقير في تخفيف المهور وعدم المغالاة فيها.. والاقلاع عن العادة الذميمة وهي التبذير في الولائم والحفلات وفي ذلك اسعاد للفتيان والفتيات وذلك لان هذه الامة تتصف بالحنان والرحمة والعطف والشفقة فيما بينها وفي ذلك ايضا امتثال لاحكام الشريعة ومرضاة الله سبحانه وتعالى.
المغالاة في المتطلبات
@ ما الحكم الشرعي في المغالاة في المهور وحفلات الزواج والطلبات التي تثقل كاهل العريس.
* المغالاة والتبذير والاسراف في الزواج والولائم والحفلات وما يترتب على ذلك كله حرام واجرام لما فيه من مخالفة النصوص الشرعية والاعراف المرعية والمدارك العقلية والحقوق الانسانية.
تاجيل الزواج
@ ما رأي فضيلتكم في من يؤجل الزواج مع الاستطاعة لاعذار واهية.
* الذي يؤجل الزواج مع الاستطاعة بدون عذر شرعي.. هو ساذج مغفل لا يدرك مصلحته باعفاف نفسه وتمتعه بشريكة حياته وتنعمه بذريته ووفرة اسرته لان تأجيله للزواج معصية لله فيما شرعة له من النكاح وما شرعه له رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزواج والاعفاف فضلا عن حرمانه مما في ذلك من خير وبركة وصلاح حسبما ورد في الاجابات السابقة وقد قال الله عز وجل: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).
وبالله التوفيق
اما الشيخ احمد بن علي الشيخ مبارك فقد طرحنا على معاليه بعض الاسئلة والاستفسارات حول ظاهرة العنوسة ومن خلال اجاباته نراه قد احاط بجوانب الظاهرة ولمس موطن الداء بها واقترح الدواء لها.
عوامل مساعدة
@ ما هي في رأيكم اسباب نشوء ظاهرة العنوسة وارتفاع سن الزواج.. والعوامل التي ساعدت على تزايدها خاصة بين الاناث؟
* الحقيقة.. هذا السؤال له اهميته لانه يمس مشكلة استشرت في زماننا هذا وتوسعت واصبحت من الاخطار التي تهدد المجتمع بالتفكك والاغلال والعياذ بالله.. وهي في الدرجة الاولى عنوسة البنات.. واما ما يسمى مجازا عنوسة الشباب فنرجئه قليلا.. لان الخطورة كل الخطورة تكمن في عنوسة النساء ولنتناول هذه اولا ثم نعرج بعد ذلك على الثانية.. والواقع يؤكد على ان الفتاة مهما كانت لا تستغني عن الرجل يسترها ويغطي حاجتها خاصة في مجتمع مثل مجتمع المملكة العربية السعودية ولذلك اذا تأخرت هذه الفتاة عن موعد الزواج الذي هو عادة ما يكون في حدود العشرين قليلا قبلها او قليلا بعدها. فان في ذلك خطورة ليس فقط على الفتاة نفسها وحسب وانما ايضا على المجتمع كله.. لانه عندما تكثر العوانس بالمجتمع يخشى من انتشار العادات غير الحسنة بينهن ولا نقول اكثر من ذلك وبالرغم من علمي بمدى حرص المرأة في مجتمعنا على العفاف والتمسك باحكام الدين.. لكن تظل حاجتها للرجل مثل حاجة الرجل اليها.. لان ذلك ما وضعه الله في تركيبة وطبيعة كل منهما بهدف اعمار الكون.. وعوامل انتشار ظاهرة العنوسة كثيرة.. ابرزها واوضحها.. غلاء المهور ونفقات الزواج الباهظة والذي يغالي فيهما الاباء والامهات وانا من خلال تتبعي لهذه الظاهرة تبين لي ان الامهات اكثر تشددا في هذه المسألة لان الام تريد لابنتها زوجا ثريا قادرا على تلبية المتطلبات واقامة الاحتفال الكبير بالزواج وفق ما تتصوره الام في فرحة عمرها على حد قولهن وما يترتب على ذلك من نفقات باهظة ليس لها من ضرورة غير التباهي فقط امام الاصدقاء والاقرباء.. ولذلك هي تؤجل زواج ابنتهامن رجل ذى خلق ودين وعلم اذا ما كان في مقتبل حياته العملية وقليل ذات اليد. وتؤثر عليه شابا ذا مال ربما اتى اليه عن طريق الميراث فقط لانه قادر على تغطية نفقات الفرح. ودون اي معيار اخر وفي بعض الاحيان يشارك الاب زوجته في هذه النظره الضيقة ويغالي في المهر وفي النفقات والنتيجة ان تكون الفتاة هي الضحية لانها تحجم عن التعبير عن رغبتها.. فكما يعلم الجميع فان الحياء من صفات الفتاة وهذا الحياء يمنعها من ان تطلب الزواج.. ولذلك ينبغي الاقلاع فورا عن هذه الطلبات الذميمة سواء فيما يتعلق بالمغالاة في المهور او التبذير والاسراف في حفلات الزواج وانا اطالب بتحديد المهور وان يكون لذلك الية قوية لها وسائلها وادواتها لمتابعةهذه الظاهرة المدمرة وبمعنى اوضح ان توضع عقوبات رادعة لمن يتجاوز المهور التي ينص عليها.. وبهذا يمكن اصلاح الحال وتوجيه الناس الى المنهج السليم الذي ييسر للمجتمع الخلاص من هذه الظاهرة الغريبة عليه والمدمرة لكيانه.. واما من ناحية الشباب فالمشكلة تعتبر اخف وطأة من مشكلة الفتيات.. نظرا لان الشاب يستطيع ان يحتال لنفسه عن طريق العمل او الاتصال مع بعض الاصدقاء لقضاء وقت الفراغ وهذا لا يعني انني اخفف من آثار المشكلة بل العكس تماما.. فكما قلت سابقا.. فان الشاب محتاج الى الفتاة كما تحتاج الفتاة الى الشاب وحاجة كل منهما الى الاخر حاجة فطرية لا يمكن الاستغناء عنها.. لكنني فقط اردت ان اسلط الضوء على معاناة الفتيات اللاتي يتأخرن في الزواج وعلى اخطار ذلك على المجتمع.. وانا هنا اهيب بالشباب الحرص على الزواج المبكر لانه الوسيلة الفاضلة والسامية والركن الحصين الذي يقيه الزلل ويجنبه الفتنة.
الزواج سابقا
@ هل تتفضل بالحديث عن الزواج وتكاليفه في الماضي (منذ ثلاثة عقود).. وهل كان هناك مغالاة في المهور؟
* الزواج في الماضي كان لا يكلف كثيرا.. وكان ميسرا.. وتكاليفه اقل بكثير.. ولكن هناك حقيقة وهي تاخر سن الزواج بالنسبة للرجال بسبب عدم القدرة على توفير المال اللازم والضروري والذي لابد منه لاتمام الزواج ويعود ذلك الى الظروف الاقتصادية السائدة حينئذ.
لكن الطابع العام هو التيسير.. والمهور في حدود معقولة ونفقات الزواج وتكاليف العرس كان يساهم فيها الاهل والاقارب والاصدقاء حيث كان الناس يتعاونون في ذلك. واما الان فالامكانيات كثرت والمال توفر مع الناس ولا عذر لهم.. ولكن الناس ايضا زاد عددهم وكثر التناسل واصبح من يتخلف منهم عن الزواج في الموعد المناسب كثير لان القليل من الكثير كثير.. والكثير من القليل قليل.. اما بيت الزوجية في الماضي فكان لا يتعدى مساحة بسيطة وفي اغلب الحالات غرفة واجدة في منزل الاسرة ويقتصر في الاناث على الاشياء الضرورية فقط وهو بخلاف ما يحدث اليوم من اعداد بيت منفصل وكامل الاثاث وربما يكون البيت بمساحة كبيرة لا تحتاجها الاسرة الصغيرة. وفي ذلك زيادة في تكاليف الزواج لا مبرر لها.
أثر التعليم
@ هل ترون في تعليم الفتاة سبب مؤخر زواجها؟
* لاشك ان التعليم له علاقة في ارتفاع سن الزواج.. ذلك ان فتاة اليوم تحرص على التعلم لتحسين صورتها.. كما ان بعض الشباب يحرصون ايضا على الزواج من فتاة متعلمة باعتبارها اكثر نضجا.. ومن المؤكد ان تعليم الفتاة فيه خير.. ولكن لا يجب ان يكون سببا في تأخير زواجها.. فانا ارى ان الفتاة يمكنها ان تتزوج اثناء الدراسة اذا ما تقدم لها الشاب المناسب.. وتكمل تعليمها في بيت الزوجية ولقد ذكر في هذا السؤال بالطريقة الخاطئة التي تحدث احيانا للتعارف بين الشاب والفتاة اذ يتعمد الشاب الوقوف امام باب المدرسة التي تدرس بها الفتاة لتراه ويراها.. وبالاضافة الى ما في ذلك من تجاوز يخدش الحياء؟ ففيه خطورة تتعرض لها الفتاة عن طريق زميلاتها بسبب ما يبدين من ملاحظات عن الشاب تنطلق من رؤيتهن الخاصة وما يتركن من انطباعات على الفتاة نفسها وهو ما قد يدفع الفتاة الى الاعتذار عن الزواج وفي ذلك اخلال بمنهج الزواج.. والاصوب ان تتاح الفرصة للشاب الخاطب ان يرى الفتاة وخاصة وجهها وكفيها وهي ايضا تراه على ان يتم ذلك في منزل الاسرة ووفقا للضوابط الشرعية وبطريقة كريمة ليس فيها تحايل.
الزواج من اجنبيات.
@ ما رأيكم في توجه بعض الشباب للزواج من اجنبيات؟
* من الملاحظ فعلا توجه بعض الشباب للزواج من الخارج وخاصة من البلاد العربية المجاورة وبالرغم من وفرة الفتيات بالمملكة.. وبامكان الشاب السعودي ان يعثر على الفتاة المناسبة له من محيط المجتمع الذي يعيش فيه دون عناء.. واعتقد ان الدافع الحقيقي لذلك هو رغبة الشاب في رؤية خطيبته والجلوس اليها والحديث معها.. ولذلك فانا انصح الاباء بعدم التشدد في هذه المسألة وليسمحوا للشاب الذي يتقدم لخطبة الفتاة بان يراها ويتحدث معها وهذا هو ما يقضي به الشرع..
@ مداخلة: كأنك بهذا تشجع على التعارف بين الشاب والفتاة في فترة الخطوبة.
استرسال سريع: نعم.. ولكن لا نقول كما يقول الاخرون بان تكون فترة الخطوبة طويلة ويسمح فيها بخروج الشاب مع الفتاة.. وما الى ذلك مما يحدث في البلاد الاجنبية.. ويتنافى مع احكام الدين.. وانما نؤكد على اهمية التعارف بين الشاب والفتاة وفقا للضوابط الشرعية.. في منزل الاسرة وبحضور احد من الاهل.. والتوجيه النبوي الشريف يحثنا على ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم (فأنه احرى ان يؤدم ينهما) والمعنى ان يقدم لهما الطعام ليأكلا منه سويا وفي هذا سبيل لتوطيد مشاعر الود والرحمة بينهما.
@ هل تتفضلون بتوجيه نصيحة لاولياء الامور؟
* نصحيتي لاولياء الامور والاباء والامهات ان يتقوا الله في بناتهم وان لا يعطلوا زواجهن وان تقدم للفتاة الشاب المناسب خلقا وعلما ودينا. فلا يرفضوه امتثالا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.. إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير).. واقول لهم يسروا اسباب الحلال تغلق ابواب الحرام واحكام الشريعة الاسلامية تدعو الى تيسير الزواج لخير المجتمع وسبيلا الى صون الطهر والعفاف.. هكذا ينبغي ان يحرص الاباء على هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي ارسله ربه بالهدى ودين الحق ليعلم هذه الامة ويربي ابناءها على التعاليم الصحيحة وليضع لها ما يصلح من شأنها ويحافظ على تماسكها وسلامة بنيانها ويوجهها الى ما فيه خير لها وصلاح امرها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.