(العنوسة تلتف على أعناق الفتيات)، هذه الجملة تكاد تختصر ظاهرة العنوسة وقلقها، الذي لا يقتصر على الفتاة وحدها بل يشمل أسرتها ومحيطيها والمجتمع بأسره، فما أسباب هذه الظاهرة؟ وما تأثيراتها على المجتمع؟ وما الحلول المطروحة من للتقليل من هذه الظاهرة التي أصبحت عالمية. (الرسالة) ناقشت القضية مع مجموعة من المهتمين والمتخصصين في سياق الاستطلاع التالي: أعذار للعنوسة بينّت الكاتبة السعودية ليلى الشهراني أن الرفض الدائم من قبل الفتاة يعد سبباً من أسباب العنوسة وقال: الفتاة التي تستخدم لا كثيرا قد يؤدي بها ذلك إلى العنوسة ونقلت عن برنارد شو قوله: "العانس فتاة استخدمت (لا) كثيراً". وأضافت الشهراني أن من أسباب العنوسة التعذر بإكمال الدراسة, أو تصور أن العريس لا يناسب طموحات الفتاة, أو ليس كما تصورته في أحلامها، وأشارت الشهراني إلى أن تكرار الرفض يجعل الناس تظن أن هذه الفتاة ترفض الخطاب, وبالتالي يتجنبون الطرق على باب بيتها حتى تنسى, ومع مرور الوقت تجد نفسها في عمر ليس بالصغير بل إن قطار العمر سار بها بسرعة فلم تفق إلا على أصوات صغار من هم في عمرها فتبدأ بالتحسر والندم والألم, وتشعر الفتاة في ذلك الوقت أنها بحاجة إلى إحساس الأمومة ودفء الزوجية. وتضيف الشهراني أن من أسباب العنوسة كذلك عضل بعض الآباء لبناتهن بسبب رواتبهن، ما يشير إلى جشع بعض الآباء للحد الذي يصل إلى منع بناتهن من حقوقهن في الزواج, كما أن مغالات بعض الآباء في مسألة المهور وغياب التيسير في أمور الزواج تسبب في ملء البيوت بالبنات العانسات والشباب الذين يقعون فريسة الحرام بأقل تكلفة، كما أشارت الشهراني إلى أن انتشار البطالة أو تدني الرواتب لها دور في تأخر الزواج, حيث يبحث بعض الآباء عن الاستقرار والحياة الكريمة لابنته؛ لذلك فتجدهم يرفضون الشباب المتدنية رواتبهم. متناسين أن الرزق بيد الله وحده. كما ألمحت الشهراني إلى أن بعض الشباب والشابات غير مؤهلين لكلمة "زواج"، وأن كل ما يعرفونه عنها أنها كلمة وردية تعني حياة رومانسية دائمة مع شريك لا يشبهه أحد في صفاته الشكلية والعاطفية التي نبحث عنها في غيرنا. وعن الحلول لظاهرة العنوسة قالت الشهراني إن من أبرز الحلول لظاهرة العنوسة أن لا يرتبط ذهن الشاب بفكرة أن يكون الزوج أكبر من زوجته؛ فقد تجد عانس كبيرة تسعدك أكثر من الصغيرة, كما أكدت على أهمية تيسير المهور، والترشيد في صرفيات الزواج، وتجنب ظاهرة البذخ والإسراف على حفلات الزفاف, كما دعت الشهراني إلى تحسين الظروف المعيشية للشباب وتيسير قروض حسنة لهم تسدد على المدى الطويل, كما دعت الشهراني بني جنسها من الفتيات إلى ترك كلمة (لا)، لأن (النصيب) كما تصفه قد يمل بسرعة وربما يطرق الباب مرة واثنتين وثلاث لكنه ربما يرحل ولا يعود. ظاهرة عالمية من جانبه شدّد المستشار المتخصص في شؤون الأسرة د.خليفة المحرزي أن العنوسة أصبحت ظاهرة عالمية وليست عربية فقط، وأن من الأسباب الكامنة وراءها حجة إكمال الدراسة، وأضاف المحرزي أنه من الصعب تغيير اسم العانس في بعض المجتمعات، كما أشار إلى أن تحديد عمر للعانس يختلف من بيئة إلى أخرى؛ فمثلاً في مجتمع الريف أي فتاة تجاوزت ال 25 عامًا تسمى عانسًا، وعندها تدخل الأسرة في مرحلة القلق، لكن في المدن يبدأ القلق من سن 30 عامًا، وأشار إلى أنه مع تطور المجتمع ترتفع سن العنوسة، وهذا أمر طبيعي، كما أنه في الدول الأوروبية تصل إلى 40 عامًا. كما أشار المحرزي إلى اختلاف نظرة الأسر والمجتمعات إلى العنوسة لكنه ألمح إلى وجود القلق لدى الأسر بعد تخرج ابنتها من الجامعة دون أن تتزوج. حرمان الأجر! وفي هذا السياق أرجع عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أ.د.عبد الله الطيار تأخير الشباب والشابات للزواج إلى الجهل بأضرار الإعراض عن الزواج سواء على مستوى الأمة أو الأفراد؛ حيث أوضح أن الإعراض عن الزواج يضعف الأمة، ويهددها بالقضاء والانقراض، ويمكن لأعدائها من السيطرة عليها، كما أشار إلى أن تأخير الزواج ينتج الفوضى في الأخلاق، لأن الزواج تصريف للغريزة في حدود الشريعة، والإعراض عنه قد ينتهي بصاحبه إلى الزنا واللواط، وهذه الذنوب من المهلكات الموبقات، كما أن تأخير الزواج -من وجهة نظر الطيار- يجعل الفرد يعيش ممزقاً مشتتاً غير مرتاح البال، محروماً من نعمة الولد. كما أكد على أن الإعراض عن الزواج يحرم الإنسان من الأجر؛ إذ إن الزواج سنة جليلة من سنن المرسلين وحض عليها خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وبصلاح النية وحسن المقصد من النكاح يضاعف الأجر للناكح الذي يريد العفاف والإعفاف، ويطلب الذرية الصالحة. كما أشار الطيار إلى تبرج الفتيات كسبب من أسباب تأخير الشباب للزواج إذ إن رؤية الشباب للبنات المتبرجات يجعل الشاب يحجم عن الزواج، إما خوفاً من الوقوع في براثن سيئة الأخلاق، أو انسياقاً وراء من تهوى الغرام والعلاقات، وطالب الطيار أولياء أمور الفتيات بإرشادهن وحثهن على العفاف والتزام الحياء. وختم الطيار بأن رقة الدين وضعف العقيدة في قلوب الشباب والشابات تجعلهم لا يجدون حرجاً من أن يطلقوا لشهواتهم العنان، وذلك من أشد ما يصرفه عن الزواج، حيث يجد ما يريد بدون حواجز أو قيود، متناسين أن الزواج أكرم وأفضل وأهنأ بالاً من الوقوع في الشبهات.