شكلت الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية التى انطلقت في الاول من اكتوبر عام 2000 والتي سقط فيها 13 فلسطينيا وجرح نحو 800 آخرين نقطة تحول جديدة في حياة الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الكيان الاسرائيلى (ما يطلق عليهم فلسطينيو 48) حيث كثفت قوات الاحتلال من هجماتها على الفلسطينيين وعلى كافة مرافق الحياة. وقد اتبع اليهود سياسة التحريض على العرب لمقاطعتهم سياسيا واقتصاديا فأقدموا على حرق بعض المحال التجارية واعتدوا على المساجد اضافة الى ذلك تعرض عدد من الفلسطينيين الى الاعتداء والضرب على ايدي المتطرفين اليهود. وعلى الصعيد السياسي اشترك حزبا العمل والليكود في محاربة اعضاء الكنيست العرب لاضعاف دورهم وقد تمكن الليكود من ايقاع العمل في هذا الفخ لكي يضعفه خاصة ان اصوات العرب في الانتخابات تعتبر الرصيد الاحتياطي له . والى جانب ذلك فقد ادت حملة التحريض ضد العرب الى تقديم عزمي بشارة رئيس الحزب الوطني الديمقراطي الى محاكمتين الاولى بتهمة التحريض على ما يسمونه بالارهاب والثانية لزيارته الى سوريا كما حاولت حكومة شارون اخراج الحركة الاسلامية والتجمع الوطني على القانون. وقال المحلل السياسي محمود محارب والمختص في الشؤون الاسرائيلية لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان النقاش لم يحسم بعد داخل الاجهزة الامنية الاسرائيلية فالبعض يرفض ذلك الاقتراح بحجة ان اخراجها على القانون سيدفعها للعمل بشكل سري مما يجعل السيطرة عليها امرا في غاية الصعوبة في المقابل فهناك من يطالب باغلاق مؤسسات المجتمع المدني التي اسستها الاحزاب العربية كبداية لملاحقتها بشكل فعلي. وعن مدى نجاح حكومة اسرائيل في ذلك قال محارب: لا توجد اية ذريعة قانونية لاخرج الاحزاب عن القانون مشيرا الى ان العرب طوروا علاقاتهم مع مؤسسات حقوق الانسان في العالم واطلعوهم على سياسة التميز العنصري التي وصلت الى ذروتها في شهر اكتوبر عام 2000 حيث تصدت قوات الاحتلال للفلسطينيين الذين خرجوا بمسيرات سلمية بالرصاص الحي والمطاطي. وقال محارب ان تلك الهبة الشعبية جاءت تضامنا وتفاعلا مع الفلسطينيين الذين تعرضوا للجرائم الاسرائيلية بعد انطلاقة الانتفاضة التي جاءت احتجاجا على زيارة ارييل شارون للمسجد الاقصى الا ان اسرائيل حشدت قواتها واحضرت القناصة لترهب مليونا ومائتي فلسطيني تظاهروا بشكل سلمي. واشار الى ان حلقة التضامن لم تخرج صدفة وانما بدعوى من الاحزاب والحركات السياسة. وقد توصلت لجنة (اور) التي تم تشكيلها للتحقيق في احداث اكتوبر الى ان المؤسسة العسكرية والشرطة والمخابرات اتت بالقناصة لقتل الفلسطينيين ووجهت انذارات للمسؤولين الاسرائيليين الذين فشلوا في تبرير تصرفاتهم ابان الهبة ومن بينهم ايهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق وشلومو بن عامي وقائد الشرطة. وحسب مصادر اعلامية اسرائيلية فان عدد السكان الذين شاركوا في المظاهرات تضامنا مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وصل الى 20 فى المائة وتمثلت مظاهر الاحتجاج بالمسيرات واغلاق الشوارع والمحال التجارية والمواجهات مع شرطة الاحتلال. وعلى الرغم من الزخم الذي شهدته الهبة التضامنية واستمرت ثلاثة ايام الا انها انحسرت فيما بعد واقتصرت على الدعمين المادي والمعنوي للفلسطينيين المحاصرين داخل مدنهم الى جانب تنظيم المظاهرات الاحتجاجية بالتنسيق مع قوى السلام الاسرائيلية. وارجع محارب التراجع هذا لسببين اولهما ان المظاهرات تحتاج الى ارضية اقتصادية شبه مستقلة على الاقل وبحاجة الى دعم مالي حقيقي.. والفلسطينيون لايوجد لديهم اقتصاد مستقل وثانيهما ان اي حل سياسي سيحدث لن يشمل فلسطينيي 48.