تهويد القدس بالكامل واتخاذها عاصمة اسرائيل الابدية فكرة يهودية بدأت بعد احتلال القدسالشرقية في حرب عام 1967م, بعد تسع عشرة سنة من قيام اسرائيل في عام 1948م, وهذا ينفي ادعاء الحاخامات بأنها ترجع بالقدم الى آلاف السنين, بذكرها في صحف ابراهيم وموسى عليهما السلام وانما جاءت في اساطير اليهود التي أدخلت على الاسفار اليهودية القديمة من خلال تحريف الكلام عن مواضعه الذي جبل عليه بنو اسرائيل طوال تاريخهم بجعل الحق باطلا والباطل حقا وهم يعلمون. موافقة الكونجرس على القدس الموحدة عاصمة اسرائيل وتوقيع الرئيس جورج بوش قبل ستة ايام في يوم 30 سبتمبر عام 2002م على قرار الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل ليس هذا المسلك الامريكي هو الاول فلقد سبقه قرار بتوقيع الرئيس السابق بل كلينتون في عام 1996م, وحدد تنفيذه بأسلوب عملي قبل نهاية عام 1999م, غير ان ضغوط الكفاح الوطني الفلسطيني, وردود الفعل العربية والرأي العام العالمي اجل ولم يلغ تنفيذه, فظلت طموحات اسرائيل باقية باتخاذ القدس عاصمة لها, وتواصل الدعم الامريكي لها, حتى يتم تنفيذ ذلك القرار عندما تحين الفرصة المناسبة, وبدأ يعلن في ظل هذه المؤامرة عن شطر العمل الدبلوماسي الامريكي في اسرائيل بجعل مقر السفير القدس وابقاء السفارة في تل ابيب وتم وأد هذه الفكرة لاصطدامها مع الاعراف الدبلوماسية المتبعة التي تقرر وحدة التمثيل الدبلوماسي في البلد المضيف وظلت الاوضاع معلقة على ما هي عليه بالنسبة للقدس العاصمة الاسرائيلية اعتراف امريكي بها, وعجز امريكي عن تنفيذه على ارض الواقع. خرجت على النص التآمري الامريكي الاسرائيلي المشترك الرامي الى تهويد القدس تمهيدا لاتخاذها العاصمة الاسرائيلية السيدة هيلاري كلينتون حرم الرئيس الامريكي السابق باعلانها عن معارضتها على جعل القدس العاصمة الاسرائيلية وطالبت بأن تكون عاصمة للدولتين الاسرائيلية والفلسطينية فقامت الدنيا عليها ولم تقعد. وسارع المتحدث الرسمي عن البيت الابيض الى الاعلان باسم الرئيس بل كلينتون بأن أقوال السيدة هيلاري كلينتون رأي شخصي يمثلها وحدها ولاصلة له بالموقف الامريكي الرسمي الذي يؤكد اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل, ويواصل مساعيه الدولية والاقليمية لتنفيذ هذا الاعتراف من قبل واشنطن وغيرها من عواصم الدول المختلفة حتى يصبح امرا واقعا تتمتع به اسرائيل وتتعامل معه الاسرة الدولية. تزامن مع هذا الموقف الامريكي الرسمي ضد هيلاري كلينتون الذي اعتبره اسقاط الحصانة عنها, حملة اعلامية امريكية بكل الوسائل المرئية والسمعية والمكتوبة تهاجمها بضراوة هيلاري كلينتون وتصفها بضحالة التفكير الذي قادها الى التدخل في مالا يعنيها غباء منها وابتعادها عن الحكمة واعلنت صحيفة معاريف من تل ابيب في احدى افتتاحياتها بأن سيدة امريكا هيلاري كلينتون موصومة بمعاداتها للسامية بعد ان استطاعت الفتاة اليهودية مونيكا ليونسكي خطف قلب زوجها فحقدت عليها وعلى قومها, وظلت لعنات اليهود تلاحقها حتى رشحت نفسها لتمثل بالكونجرس نيويورك احدى معاقل اليهود فاضطرت الى ان (تبوس القدم وتبدى الندم على غلطتها في حق... اليهود) مع الاعتذار لاغنية ام كلثوم (غنيلي شوية شوية). الاعتراف الامريكي اليوم بالقدس عاصمة اسرائيل بموافقة الكونجرس, اكثر خطورة من الاعتراف السابق بها في عام 1996م, لانه يمثل اعتذارا من الكونجرس لاسرائيل على عدم موافقته على ضرب العراق الذي تصر وتحرض عليه تل ابيب, بعد ان جاء رفضه بالمفاضلة بين المصالح الامريكية وبين المصالح الاسرائيلية التي اثارها الحزب الديمقراطي من المعارضة التي قادها السنتورتوم راشل رئيس الاغلبية وسانده السنتور تد كيندي, فنجحا في اعطاء الاولوية للمصالح الامريكية, فاسرعا مع غيرهما من اعضاء الكونجرس الى اعطائها مصلحة كبرى لها تمثلت في الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل لتعويضها عن تفضيل مصلحة امريكا على مصلحة اسرائيل في قضية ضرب العراق. تتجلى هذه الخطورة ايضا في استغلال البيت الابيض الظروف الدولية الراهنة التي تجعل الرأي العام العالمي مشدودا الى قضية ضرب العراق ليعلن باسم الرئيس الامريكي جورج بوش اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لاسرائيل, وتعويض اسرائيل من قبل الكونجرس واستغلال البيت الابيض الفرص يبطل كل ادعاء عن اضطرار الرئيس جورج بوش بالتوقيع على قرار اتخاذ القدس عاصمة لاسرائيل , ويثبت بأن النية الامريكية مبيتة لجعلها عاصمة أبدية لاسرائيل ومن المتوقع ان تتخذ واشنطن خطوات تنفيذية لقرارها.