المدرجات خالية، والمباريات تقام بلا حضور جماهيري والاندية تصرخ والصحافة تكتب والجميع يبحث عن حل.. فتارة يتحدثون عن انخفاض المستوى وتارة عن النقل التليفزيوني وكثيرا ينظرون "بتشديد الظاء" ومع كل ذلك تظل المشكلة قائمة ومزعجة ومحبطة للجميع من اندية وجماهير ولاعبين واعلام ومسئولين.. كلهم على حد سواء منزعجون من هذه الظاهرة العجيبة. وقد فكرت كثيرا وقلت ما الذي يدفع الآلاف من الجماهير في الدول التي تنظم الاولمبياد او الالعاب القارية لمتابعة العاب ليست معروفة ولا مشوقة.. وبحثا عن الاجابة لم اجد الا جوابا واحدا اجزم بأنه السبب وراء ذلك الحضور لالعاب ثانوية وهذا العزوف لكرة القدم السعودية. قد يتفق معي البعض عليه وقد يختلف آخرون لكن في النهاية انها محاولة للبحث عن اسباب المشكلة. اريد اولا الا نفصل المجتمع ان كان مرفًّها واموره ميسرة او ان كان مجتمعا مليئا بالاحمال والهموم والمسئوليات فالانسان جزء من هذا المجتمع يؤثر فيه ويتأثر به وتصرفات الانسان وسلوكياته وقراراته كلها مرتبطة بالمجتمع وبالظروف التي يعيشها.. ففي الدول التي لايعاني سكانها انخفاضا في الدخل ويعيش الافراد في رفاهية مادية لا تنقصها التعقيدات المعيشية والالتزامات وروتين الدوائر الحكومية حتما سيبحثون عن أي وسيلة ترفيهية حتى لو كانت لعبة فردية مملة كالفراشة، اما الذين يعيشون في ظروف صعبة يستيقظ فيها الانسان من نومه فيتذكر الف فاتورة والف مسئولية والف حاجة وطلب ويفكر كيف يراجع هذه الدائرة او يستعطف ذلك المدير ثم نطالبه بالحضور الى الملعب ودفع تذكرة مرتفعة السعر ليتابع المباريات متجاهلين كل الظروف التي يعيشها في بيته ومجتمعه "ان هذا الطلب غير منطقي". كلنا يتذكر كيف كانت تمتلىء مدرجات ملعب يعقوب بالخبر واستاد الملز "فيصل بن فهد رحمه الله" بالرياض وملعب الصائغ بجدة مع ان المستوى آنذاك مهما قيل ليس كما هو الآن والانجازات التي تحققت في العشرين سنة الاخيرة اكبر بكثير من سنوات الثمانينات الهجرية وهذا دليل مؤكد على ان ذلك لم يكن ليحدث لو لم تتغير ظروف الناس وتزداد احمالهم وتتكدر حياتهم وتكثر همومهم. نحن بحاجة الى البحث عن اصل المشكلة لنعالجه فالقضية ليست قضية مدرجات خالية بقدر ما هي قضية ضغوط وهموم تحبط الناس وتهبط عزيمتهم ولابد للجميع من مواجهة هذا الامر حتى لا تنكسر ظهور الناس وحتى لا تختفي الابتسامة التي هي هبة من الله. ولكم تحياتي..