هناك اتهام لبنات الجيل الحالي بأنهن مقصرات في شئون بيوتهن وأن اللاتي يتلقين تعليما عاليا يخفقن في الشئون الزوجية!!! هذا الاتهام من وجهة نظري غير صحيح, وإن كان هناك قلة من الفتيات نعتبرهن مقصرات في شئون بيوتهن, ولكن لا يعني هذا أن نطلق هذا الحكم على وجه العموم فلكل قاعدة شواذ. فالكثير من الفتيات - ولله الحمد - عندهن إلمام بالشئون المنزلية, بالرغم من وجود الخادمات في المنزل إلا أنهن لا يلقين بالمسئولية الكاملة عليهن لعلمهن بالأدوار المناطة بهن. كما أن الفتاة تعتبر قيامها بالشئون المنزلية من قبيل الإعداد لها لمرحلة الزواج, كما أنها وقبل كل شيء ترضي الله بها بطاعتها لوالدتها وتخفيف الأعباء عنها وهذا يعتبر من باب البر بها وبهذا تكسب الأجر العظيم من الله سبحانه بامتثالها لأمره تعالى حين قال: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). وإذا كان هناك ضعف في إلمام بعض المتزوجات بشئون الزواج والأمومة فهذا يرجع إلى العديد من العوامل والتي من أهمها: 1. الاعتماد على الخادمات لدى بعض الأسر وفي تدبير شئون المنزل وفي تربية الأولاد وعدم تكليف الفتيات بأي نوع من أنواع المسئولية. 2. انشغال الأمهات في وقتنا الحاضر عن بناتهن والجلوس معهن والتحدث إليهن ومناقشتهن في الكثير من الأمور المهمة والتي من أهمها أمور الزواج وتربية الأبناء. 3. عدم وجود الثقافة الكافية لدى الفتيات خاصة في الأمور المتعلقة بالزواج والأمومة فالبرغم من وجود المكتبات المنزلية واحتوائها على العديد من الكتب إلا أن هذه المكتبة خالية تماما من الكتب العلمية والتي تعالج القضايا الزوجية بطريقة منهجية مفيدة. 4. خجل الكثير من الفتيات عن السؤال في الأمور الخاصة بالزواج فالعلاقة بين الأبناء والأسرة, خاصة فيما يتعلق بالحياة الزوجية نراها محاطة بهالة من الرهبة والخوف ويسيطر عليها كلمة (عيب) مما يوجد في نفوس الأبناء التحرج الشديد من السؤال عن العلاقات الزوجية فيدخل كل من الزوجين إلى الحياة وهو يحمل في ذهنه مفاهيم خاطئة أو حائرة عن الحياة الزوجية. ولهذا نجد تصادما عنيفا بين التنشئة الاجتماعية التقليدية الموروثة وبين متغيرات العصر ومتطلباته ما له أثر كبير على الحياة الأسرية. وقد أثبتت دراسة قامت بها الدكتورة نجاح أحمد الظهار عن أثر التنشئة الاجتماعية على العلاقة الأسرية أن نسبة 67,4% من الفتيات يشعرن بالإحراج من أمهاتهن, وبالتالي لا تجرؤ الفتاة على محاورة أمها في كثير من المسائل الزوجية فتلجأ إلى صديقاتها في المدرسة لتنهل من ثقافتهن التي لا تخرج عن حدود ثقافتها , وإن خرجت فهي إما ثقافة سينمائية أو تلفزيونية هشة حصلت عليها من القصص والأفلام وهي المنهل الأوحد لهن, وجعلت الممثلات القدوة لهن وكلنا يعرف أن هذه القصص والأفلام ما هي إلا ضرب من الوهم. 5. مساهمة وسائل الإعلام - للأسف الشديد - من خلال برامجها وأفلامها في تكريس مجموعة من المفاهيم والأفكار المغلوطة أو المبالغ فيها عن الحياة الزوجية وربطها بالمشاكل والخلافات مع تبني وترويج أساليب غريبة على مجتمعنا. وقد أثبتت دراسة الدكتورة نجاح السابقة الذكر أن نسبة (73,7%) من الفتيات يعترفن أن الأفلام والقصص المعروضة على شاشات وسائل الإعلام لا تعد عاملا جيدا في تثقيف الفتاة ثقافة أسرية واعية. وقد رفضت (94,8%) من الفتيات أن تكون الممثلات قدوة جيدة للزوجة الناجحة, وهذا توجه يبشر بالخير لو عملت الفتيات به وطبقنه على أرض الواقع. 6. هذا من جانب المنزل ووسائل الإعلام, أما من جانب المدرسة, وهي تعد مؤسسة تعليمية مساندة للمنزل والمؤسسات الأخرى في التربية والقيام بعملية التنشئة الاجتماعية, فإننا نجد المعلمة قد تكون أكثر خجلا من الفتاة نفسها وأحيانا كثيرة تتهرب من الإجابة عن أسئلة الفتيات المتعطشة لمعرفة الكثير من الأمور عن الحياة الزوجية وتربية الأبناء. 7. المناهج التعليمية التربوية وقصورها الواضح في نشر الوعي والثقافة العائلية لدى الناشئة فهذا الجانب حدث عنه ولا حرج فإننا وللأسف الشديد لا نجد إلا النزر اليسير جدا من المعلومات التي تتطرق للحياة الزوجية , بالإضافة إلى أن هذه الموضوعات تعالج بطريقة روتينية تعتمد على الحفظ دون فهم واع, هذا إذا لم يحذف هذا الجزء من المنهج.