قبل نصف قرن تحديداً تعلم صالح عبدالرحمن الشامي مهنة الحجامة، ومنذ ذلك الحين وهو يمارسها بعد وفاة والده الذي علمه أصول المهنة، في دكانه الصغير بجانب سوق القيصرية بمدينة الهفوف، حيث يتردد عليه الشباب من عمر 23 عاماً فما فوق.. والغريب ان الشباب يشكلون شريحة كبيرة من زبائنه. تعلم الشامي (72 عاماً) طرق العلاج من والده، الذي كان يشجعه على إتقانها لكي يداوي المرضى الذين يتعبون في البحث عن العلاجات، وليحافظ على هذه المهنة من الانقراض، ففي الاحساء لا يوجد اليوم الا 3 حجامين، هم بالإضافة إلى الشامي عبدالله السبتي، الذي يعد الأكثر شهرة، وكذلك عبدالله المحيفيظ. لم يتغير الحال كثيراً على الشامي، غير أنه لم يعد اليوم يمارس مهنة الحلاقة، كما كان يفعل في السابق، حين كان زبائنه من كبار السن، الذين كانوا يتزاحمون على محله في ظل قلة عدد محلات الحلاقة في المدينة.. يقول: اليوم لا أمارس غير الحجامة، فمحلات الحلاقة كثيرة والشباب يحبون طرق الحلاقة التي يجيدها العمال الأجانب. كما أنه تقاعد من عمله في وزارة الصحة، حيث كان يعمل حلاقاً للمرضى المنومين في المستشفيات. وعن طريقة تشخيصه للمرض يذكر الشامي ان الشخص حينما يأتي ويشكو ما لديه من أمراض وآلام أستطيع ان أحدد موقع الحجامة، سواءً كان ذلك في الرأس أو الظهر أو في الساقين. ويستعرض صالح فوائد الحجامة، التي منها: منع الجلطة، تخفيف ثقل النوم، زوال آلام صداع الرأس الكسل والخمول، معالجة الرعاف، ضباب العيون، آلام الساقين، الروماتيزم، الحرارة في أسفل القدمين، الكتوف وثقل الحركة. غير ان هناك أمراضا لا يمكن حجامة الشخص المصاب بها، وهي تكسر الدم والصرع والأمراض الباطنية، كما لا يمكن إجراء الحجامة للمرأة الحامل. أما عن أدواته فيقول: استخدم الزجاج، الذي كان يجلب سابقاً من إيران، والمحجمة، وهي إناء صغير فيه مسورة صغيرة مصنوعة من مادة الاستيل، والموس والديتول لتنظيف وتطهير الجرح بعد الانتهاء من التحجيم. ولا يمكن إجراء عملية الحجامة في أي وقت، يقول: المساء أفضل من النهار في إجراء الحجامة، حيث يتم خلاله تلافي حرارة الشمس، كما ان أيام الأحد، الاثنين، الثلاثاء والخميس أفضل من بقية الأيام، ويفضل يوم منتصف الشهر وكذلك يوما 17 و21 من كل شهر، لأن الدم خلالها يخرج بغزارة من الجسم. ورغم ذلك فانه لا ينفي ان بعض من تجرى لهم عملية الحجامة يصابون بدوار ودوخة أو بعض التعب والخوف الذي سرعان ما يزول بعد شرب الماء البارد، وبعدها أكمل عملية الحجامة. وعن الأسعار يقول: تتفاوت حسب نوع المرض والاتفاقية بيني وبين المريض، فهناك من يدفع 80 ريالاً، وآخرون يدفعون 100 ريال، هذا إذا كانت عملية الحجامة في محلي، أما إذا أجريتها في منزل المريض فلها سعر مختلف.. ويبدي رضاه عن مستوى دخل الحجامة، يقول: تصور ان دخلها الآن أفضل من السابق، فالزبائن ولله الحمد يأتون من كل مكان، ولعل لتوافر المواصلات علاقة بذلك. ولا يقتصر زبائن الشامي على أهل الاحساء، فهم من مختلف مناطق المملكة بالإضافة إلى بعض مواطني دول الخليج، يقول: قبل مدة جاءني شخص من مسافة 1200 كلم، وكان يشكو من الخمول، الكسل، الصداع، آلام الرجلين والضباب في العيون، وبعد التحجيم شفي بإذن الله. ويرفض الشامي المشاركة في المهرجانات، رغم الدعوات الكثيرة التي تصله.. يقول: كثرة الزبائن لديّ تحول دون مشاركتي في مثل هذه المناسبات. ويعمل الشامي بترخيص رسمي من بلدية محافظة الاحساء.. يقول: أنا متقيد بالنظام وأحافظ عليه، وهناك متابعة صحية دائمة لمحلي من قبل مراقبي البلدية. ولئن كان عبدالرحمن الشامي ورث مهنة الحجامة لأبنه صالح ضيفنا هذا اليوم، فان الأخير لن يورثها لأحد من أولاده، يقول: جيل اليوم لا يرغبون في بعض المهن اليدوية، لأنها صعبة، كما ان هذا الجيل يرغب في مواصلة دراسته.