تشير الدلائل إلى أن المستشار الالماني جيرهارد شرويدر فاز على منافسه المحافظ إدموند شتويبر في الصدام الذي اتسمت به مناظرة تلفزيونية بينهما أذيعت يوم الاحد على الهواء مباشرة وطغت عليها قضيتا العراق والبطالة. وقد تبقى أسبوعان على الانتخابات التي يتساوى فيها الاثنان في استطلاعات الرأي بالنسبة لفرص الفوز. وبدا شرويدر أكثر كياسة وإقداما بكثير مما كان في مناظرة أولى في الشهر الماضي اعترف حتى مؤيدوه بأنها كانت مخيبة للآمال. وكان شرويدر ثابتا وواثقا من نفسه، وكان يتكئ بين حين وآخر على المنضدة التي يقف وراءها ويقدم أجوبة بسيطة، وكان يعترف في كثير من الأحوال بأنه لا يريد أن يصيب المستمعين بالملل إذا ما خاض في التفاصيل. وبدا شتويبر أقل ثقة بنفسه مما كان في المناظرة السابقة، وكان من الواضح أنه يتهرب من الاجابة عن بعض الاسئلة، مثل سؤال عن هبوط نسبة تأييد الناخبين له. وقد أغرق المشاهدين في التفاصيل وخلط الارقام في موضوع ضريبي وتعرض لاحراج عندما صحح له شرويدر الرقم بقوله ليس 36 ماركا (18 دولارا) بل 630 ماركا. وأجاب شتويبر بحدة 630 ماركا. وأسفرت نتائج استطلاعات الرأي عقب المناظرة عن فوز شرويدر في المواجهة النهائية في الانتخابات العامة التي ستجري في 22 سبتمبر الجاري. وأسفر استطلاع أجرته مؤسسة انفراتست ديماب شمل 750 شخصا شاهدوا المناظرة عن فوز شرويدر بنسبة 50 في المائة في حين لم يزد حظ شتويبر عن 28 في المائة. وأسفر استطلاع آخر أجرته مؤسسة مجموعة الابحاث الانتخابية عن فوز شرويدر بنسبة 49 في المائة في حين لم يحصل شتويبر سوى على 26 في المائة. وقد جرت هذه المناظرة في الوقت الذي أشارت استطلاعات الرأي إلى أن شتويبر مرشح الائتلاف الديمقراطي المسيحي (الذي يضم الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي) خسر تفوقا كان يتمتع به منذ أشهر قليلة. فقد أظهرت نتائج استطلاعين رئيسيين للرأي أن كلا المرشحين حصلا على نسبة تأييد واحدة تبلغ 39 بالمائة وفق استطلاع فورسا و38 بالمائة وفق استطلاع مجموعة الابحاث الانتخابية. ويتقدم شتويبر على شرويدر بفارق اثنين إلى خمسة نقطة مئوية حسبما تشير وكالات استطلاع الرأي الرئيسية الثلاث الاخرى في البلاد وبالنسبة للعراق برز الاختلاف واضحا بين سياسة كل منهما. وكرر المستشار شرويدر تعهده بعدم إرسال قوات لخوض حرب في العراق حتى لو كان هناك قرار جديد لمجلس الامن الدولي يؤيد هذه الحرب. وقال شرويدر في المناظرة التي سجلت في ستوديو محطة تلفزيون في برلين: أريد أن أقول بوضوح: أنا ضد تدخل عسكري في العراقوألمانيا لن تشارك فيه تحت قيادتي. ورد شتويبر على ذلك بقوله أن سياسة شرويدر تضعف التحالف الدولي ضد الرئيس العراقي صدام حسين. وقال: إذا كنت تريد أن تتجنب تلويحا بالتهديد لا تستطيع أن ترفض احتمالات نظرية. وأشار إلى أن الهدف الاساسي هو أن يعود مفتشو الاسلحة إلى العراق. واعترض شرويدر بقوله إن الحرب ضد بغداد هي مسألة نعم أو لا وطلب من شتويبر أن يقدم جوابا صريحا. ولكن شتويبر حول الموضوع إلى تعاملات برلين مع واشنطن بشأن قضية الحرب في العراق. فقال موجها الحديث إلى شرويدر الرسالة تعرف من عنوانها .. إذا استخدمت كلمات جافة صارمة في الانتخابات ثم لا تتحدث إلى الرئيس (بوش).. فأنت إذن في رأيي تفسد العلاقات الالمانية الامريكية. ويذكر أن السفير الامريكي في ألمانيا شكا خلال حديث أدلى به في الاسبوع الماضي من أن سياسات شرويدر ليست في مصلحة العلاقات الثنائية. واتهم أعضاء في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه شرويدر إدارة بوش بأنها تعامل ألمانيا كأنها إحدى مستعمرات الامبراطورية الرومانية، واتهموا بوش بأنه يتصرف مثل الامبراطور الروماني يوليوس قيصر. وشدد شرويدر على أن ليس هناك مشكلة أساسية في العلاقات الامريكية الالمانية وأنه يجب إفساح المجال للاصدقاء ليختلفا في الرأي. وكانت البطالة في ألمانيا هي القضية الثانية الكبرى في المناظرة التي استمرت 75 دقيقة. فقد اتهم شتويبر المستشار شرويدر بعدم الوفاء بوعده الانتخابي منذ أربع سنوات بخفض معدلات البطالة إلى 5.3 مليون شخص. ويزيد عدد العاطلين في الوقت الحالي عن أربعة ملايين شخص أي قرابة عشرة بالمائة من عدد السكان. وقال "إن هذا الوعد لم يتم الوفاء به بشكل كبير. وقاطعه شرويدر غاضبا واتهمه بأنه لا يعرض الحقائق. وأضاف إن ما لدينا هنا يتعلق بحالة اضطراب اقتصادي عالمية. ورفض شتويبر ذلك ونقل عن المستشار الالماني السابق هيلموت شميت العضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أيضا قوله: أن البطالة في البلاد لا علاقة لها بالعولمة وأنها صنعت داخليا. وتعهد شتويبر بمزيد من الاستقطاعات الضريبية وإلغاء بعض القواعد واللوائح الحكومية لتيسير التوظيف على رجال الاعمال الالمان، بينما شرويدر قال: إنه سيسعى إلى استغلال 1.5 مليون وظيفة مفتوحة في ألمانيا على حد قوله. وأكد شرويدر أنه يجب أن نوازن بين رأس المال ومصالح العمال والاتحاد العمالية.