صدر أمس الأول مرسوم ملكي بتعديل خمس مواد من نظام المطبوعات ويهدف التعديل إلى التأكيد على الالتزام بالنقد الموضوعي وكل ما من شأنه أن يدعو إلى الإخلال بأمن البلاد ونظامها العام وحظر التعرض للمفتي العام بالمملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء أو رجال الدولة كما يمنع التعديل إثارة النعرات. هذا المرسوم سيطبق على المطبوعات الورقية، ولكن ماذا عن الصحف الإلكترونية التي أصبحت الكتابة فيها (سايبة) لا يربطها رابط، وفيها يكمن الكثير من الضرر ويمكن أن نعده من مستصغر الشرر. قرأت لأحدهم مقالا يسخر فيه –بوقاحة- من أحد رجال الأعمال الذين قدموا الكثير للوطن، وكان يردد كثيرا في مقاله أنه غير عنصري، ولكنه للأسف كان عنصريا حتى النخاع عندما راح يتعرض لأصول ذلك الرجل ويسخر منه ومن جذوره بطريقة غير لائقة بمن تعرض له وبالمجتمع الذي ننتمي إليه. إن المرسوم الملكي يحمي المجتمع والدولة قبل أن يحمي الأشخاص ولهذا أتمنى أن تتحقق الموازنة الصعبة بين الوضوح في الطرح دون المساس بالشخص ولو قارنا بين ما قدمه ذلك الرجل العصامي وما قدمه ذلك الكاتب لما وجدنا شيئا في كفة الكاتب الذي اتكأ على اسم قبيلته وراح يرفع سبابته شتما وإذلالا للآخرين، ناسيا أو متناسيا أن هذا قد لا يضر ذلك الشخص بقدر ما يضر المجتمع، فمن يقرؤون له سيؤثر فيهم هذا التوجه المريض شيئا فشيئا وسيشيع هذا التوجه، ومن هنا يبدأ الخطر لأن بعض الأشخاص يعتبرون أن الصراحة مرادفة للوقاحة، والحقيقة أن الفرق شاسع جدا، فبالإمكان قول ما نريد مع الإبقاء على احترام الآخر حتى لا نضع عود الثقاب بالقرب من النار، ألا نرى ما يحدث في إحدى دول الخليج التي صارت الوقاحة في صفحاتها سببا في اهتزاز كيان المجتمع المدني والسياسي؟ وما الذي عاد عليهم من ذلك سوى مزيد من الارتباك والتخبط؟. إن المرسوم الملكي يحمي المجتمع والدولة قبل أن يحمي الأشخاص، ولهذا أتمنى أن تتحقق الموازنة الصعبة بين الوضوح في الطرح دون المساس بالشخص، وأتمنى أن يكون لرجالات الدولة دور في هذا من خلال حماية أنفسهم وعدم الإساءة إليها وبخاصة فيما يطلقونه من آراء في الوسائل الإعلامية وهي بعيدة عن عملهم الرئيس. أتمنى أن يكون لهيئة كبار العلماء متحدث إعلامي يوفق بالإمساك بالشعرة الدقيقة بين ما يمكن أن يسيء وما يثير المجتمع وما لا يثير وفق الأخلاقيات الإسلامية ومتطلبات النظام المدني إن من يكتب ليضحك الآخرين على الرموز مقابل فكرة جادة يبخس فكرته حقها ويشوه عقلانيتها. [email protected] Twitter-amaltoaimi