طغت نبرة الارهاب عالية مدوية في سماء العالم كما لم تسمع قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر المشهودة والمشئومة وما خلفته من ضحايا أبرياء.. وهي في مجملها عملية مدانة أخلاقيا. وانسانيا. ودينيا.. وأيا جاء تعريفها وتوصيفها.. وايا جاء توظيفها لمفردة الارهاب.. وبسببها تحولت هذه الكلمة الى بعبع ترتعد له فرائص البشر.. والى كابوس مزعج يكاد يكتم الأنفاس.. الارهاب.. اذا ما ماهيته؟! ماذا تعني مفردة "ارهاب" هذا الشبح المخيف الذي زرع الرعب في قلوب الناس وأقض مضاجعهم؟ بكل التبسيط ودون رعشة في الشرح يمكننا معا الى مفهوم ومعنى هذه الكلمة القاسية على اللسان.. والجنان بالحس.. "ارهاب" تعني "إخافة".. أرهب أخاف استدلالا بالآية القرآنية الكريمة: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة. ومن رباط الخيل. ترهبون به عدو الله وعدوكم" الآية.. أي تخيفونهم. وتردعونهم وحتى لاتحدثم انفسهم بالاعتداء عليكم لاخذ ماعندكم وحتى لا يزرعوا الفتن والارهاب في الارض وحتى لا تكون فتنة ويكون الأمر كله لله.. بهذا المعنى ومن هذا المعنى فإن الدلالات والمؤشرات والصفات التي توزع وتتسع دائرتها معلنة الحرب على ما يسمى بالارهاب تفتقر الى الموضوعية من حيث الماهية والدلالات.. انها صفة أو وصفة تجمع في دعائها بين الجلاد والضحية.. بين من يستبيح الدم لغير هدف مشروع ومبرر وبين من يدافع عن حريته وكرامته.. وآدميته.. الذين يمتهنون الجريمة والعنف اسلوبا لتصرفاتهم من اجل الترويع والتركيع واستلاب الحقوق المشروعة التي نادت بها الشرائع السماوية.. وأكدتها الحقوق المدنية هم مجرمو حرب.. وقتلة ايا جاءت صفاتهم ومواصفاتهم.. وعلى النقيض فهم أولئك الذين قاوموا الاحتلال والاذلال انهم ابطال لا تجوز ادانتهم. ولا تشويه صورتهم.. والا ماذا يمكن ان تعطيه من صفة للحرب الأمريكية ضد الاستعمار البريطاني لامريكا.. هل كان الامريكيون وهم يدافعون عن شرف بلادهم مجرمين تجب ادانتهم ان كان كذلك فإن على أمريكا محاكمة تاريخها.. ديجول الذي حرر فرنسا من ربقة الاحتلال النازي هل يدخل ضمن دائرة الارهابيين وفق التعريف الجديد.. إذا حاكموه في قبره.. ومثله ونستون تشرشل الذي اعاد الى بريطانيا حريتها واستقلالها انه لم يرتكب جرما والا وجبت ادانته.. نلسون مانديلا الذي قاوم استعمار البيض والتفرقة العنصرية المفروضة على بلده وقضى في سجنه أطول أيام عمره وانتصر وأعاد لبلده ما كان يحلم به من استقلال انه لا يختلف في شيء عما يفعله الفلسطينيون داخل وطنهم المحتل وما يعانونه من اذلال وقهر واستباحة للدماء.. اذا كانوا ارهابيين، وفق التصنيف الجديد فليحاكم معهم مانديلا وكل شرفاء العالم ا لذين اعادوا لبلادهم شرف النضال والحرية.. بقي أن أسأل.. لماذا الفلسطينيون الذين يواجهون آلة الموت صباح مساء تقتل أطفالهم.. تدمر بيوتهم على رؤوس سكانها الآمنين.. يجوعون.. يروعون.. تجتث حقول زيتونهم.. يحاصرون.. لماذا هؤلاء المطاردون بتهمة الارهاب وليس شارون وزمرته؟ اذا كانت التهمة قتل اطفال يهود فإن اليهود قتلوا من الأطفال وعن سابق اصرار وترصد اضعاف أضعاف ما قتلوا.. أليس من حقهم الدفاع عن حقهم وأهلهم أمام غطرسة محتل لا يرحم.. "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".. صدق الله العظيم..