عنوان الحلقة الآن جاء مطابقا لم سمته الجريدة في عددها الاربعاء السابق باعلانها عن ملحق الخميس وفضلت الاستمرار في كتابة هذا الموضوع بالذات عن هذا المجلس لما له من مكانة خاصة في نفسي حيث كان والدي رحمه الله يرعاه ويحرص على تفعيله وتنشيطه عصر كل يوم على رصيف الشارع العام امام دارنا. ولم يكن هذا المجلس بشكل رسمي كغيره من المجالس الاخرى بحيث يسوده موضوع ما او يقوده شخص ما يملي وصايا عليه. كان المجلس يتسم بالبساطة والتواضع رغم ما يطرح فيه من موضوعات جادة يتناول فيه الحاضرون الشعر الشعبي القديم بشكل خاص كشعر ابن لعبون وسليم العبدالحي وحمد المغلوث وابن حثلين والفيحاني والهزاني وابن ثويني وغيرهم من الشعراء (الفحول) وهذا النسق من التعبير يرفضه استاذنا الناقد عبدالله الغذامي، بينما يطيب للجميع سماع القابهم واشعارهم وسيرهم الذاتية وما حدث لهم من قصص ومواقف مؤثرة. ورغم بساطة هذا المجلس فان له خصوصيته وفرادته الخاصة به كل من يحضر لابد ان يزيح عن صدره التوتر والانفعال ويتقبل ما يحدث له من نقد وقدح فيما يطرحه ويقول.. ان يكون واثقا يدرك ما يتحدث عنه او يرويه.. الاصغاء التام الى المتحدث واحترام توجهه وقوله.. تنوع ما يطرح وعدم الاكتفاء بموضوع واحد يسود الجلسة. وبالطبع تأثرت منذ الصغر بتوجه هذا المجلس وما يدور فيه من حرية الطرح والتنوع والجدية والدعابة، والشعر الشعبي والتاريخ الحقيقي هو مادته والمتكأ الذي يعتمد عليه، وكم من مرة ينتابني الذهول من سماع بعض الاحداث التاريخية التي تروى خلاف ما قرأته في كتبنا المقررة بحيث تشعر ان التاريخ الشفاهي الموروث يقال بطريقة مختلفة عما هو مكتوب ومن هنا تعلمت ان التاريخ المروي له معنى يفوق ما نتعلمه هناك. وكما يعلم الكثير ان المكان له تأثيره وتجلياته في نفوسنا وينعكس تلقائيا على الطريقة التي نفكر بها ونعبر بها في كتاباتنا. اذن كان هذا المجلس له حضوره القوي في ذاكرتي بشخوصه وافكاره وتوجهاته. رحم الله رواد ذاك المجلس. كانوا حقا رائعين في حياتهم العامرة بالنزاهة والصدق والعطاء والاخاء الذي ينبع عن عفوية صادقة.