يرى بعض المتحذلقين أن الأديب أو الكاتب المتميز عليه فقط أن يهتم بالقضايا الفكرية التي لا تعني سوى النخبة، وكأن هذا الأديب يعيش بمعزل عما يجري حوله وما يشاهده من مناظر هي أشبه بالقذى في العين، ومن مواقف هي أثقل من الجبل على القلب. بل ا ن هناك من يرى في تناول الملاحظات العامة ما ينتقص من قدر الأديب، لأن ذلك متروك للقارىء هكذا يعتقد بعضهم وهو اعتقاد قابل للمناقشة لما ينطوي عليه من تهميش لدور الأديب في حركة الاصلاح الاجتماعي والتنمية الشاملة. وحتى في أبسط الأمور التصاقا بالناس وحياتهم اليومية، من خطل الرأي أن يعزل الأديب، باعتبار ان هذه منطقة محظورة على الأديب لأنها من (اختصاص) القارىء الذي يسارع الى كتابة شكواه لجهة الاختصاص، عندما يشاهد أي تقصير في أي مرفق من مرافق الخدمات العامة. وجهة النظر التي نتبناها هنا لا تحرم القارىء أو أي مواطن من ا لكتابة عن أية ملاحظة يشهدها أو أي تقصير يحس به، لكنها تدعو أيضا الى رفض انعزال الأدباء عما يجري حولهم. حتى عن أقل الأمور شأنا، مادامت ذات علاقة بالناس أو المجتمع، وليست لهدف شخصي أوعن تجربة ذاتية لا تهم غير صاحبها. إن طرح أي موضوع عادي من قبل أي أديب لا يقلل من شأن هذا الأديب، بل يزيده اكبارا في نظر القراء الباحثين عمن يهتم دوما بهمومهم الخاصة وشؤون مجتمعهم العامة، دون أن يؤثر ذلك على اهتماماته بقضايا الفكر والأدب، ومعالجاته لشؤون الثقافة والابداع.