تساءلت مجلة سيكولوجيز في تحقيق منشور لها عن مدى قبول النساء على وجه الخصوص بمشاركة من طرف ثالث في سرير الزوجية. وكان التحقيق مثيراً، مما يوحي بقبول المرأة أن تشاركها أخرى في غرفة نومها أو عدم قبولها؛ لكن القضية تتعلق أكثر باهتمامات الزوج أثناء بقائه في غرفة النوم. إذ كانت البيانات تشير إلى تناقص أعداد من كانوا يتابعون مباريات كرة القدم في غرف نومهم، وتزايد أعداد من أصبحوا يدخلون «الضرة الجديدة» إلى غرفة النوم؛ ممثلة بالكمبيوتر المحمول والآيباد والأجهزة الذكية، التي تبقي المرء على تواصل مع العالم الخارجي، حتى في أكثر المناطق عزلة، وأشدها خصوصية. أما الطريف، فهي الآراء التي تشير إلى اشتراك الأسرة جميعاً في استخدام تلك الأجهزة، والتفاعل من خلال البرامج المحملة عليها. وهذه، وإن كانت ممكنة أو قابلة للتطبيق في أجهزة الكمبيوتر، إلا أنها صعبة التطبيق أو مستحيلة في الأجهزة الشخصية كالآيباد والهواتف الذكية وللمفاجأة كانت الآراء متباينة في كون هذه الوسيلة (أي من تلك الأجهزة المذكورة) تصد الرجل عن الاهتمام ببيته وأسرته وزوجته على وجه الخصوص. فهل بدأ التسامح يدب إلى نفوس النساء في العصر الحديث، الذي يعج بالتكنولوجيا ومنغصاتها؟ أم هو ضرورة التنازل بقبول تلك الموبقات القابلة للسيطرة، بدلاً من الدفع باتجاه ضرة بشرية، ولو على سبيل التشارك الجزئي مع الزوجة؟ إحداهن كانت تشير إلى قبولها بمبدأ دخول الأجهزة إلى غرفة النوم، على أن يتم الاتفاق على أوقات التعامل معها، وكثافة الانشغال بها، ونسبة الوقت المصروف لها من الزمن الكلي لتواجد الرجل في المنزل. وهذا أمر طبيعي؛ فالرجل الذي يقضي ما يقارب خمس أو ست ساعات في المنزل من غير ساعات النوم، ليس كمن يقضي فيه ساعة أو ساعتين، يقضيهما في الانشغال بأجهزته التواصلية مع العالم الخارجي. أما الطريف، فهي الآراء التي تشير إلى اشتراك الأسرة جميعاً في استخدام تلك الأجهزة، والتفاعل من خلال البرامج المحملة عليها. وهذه، وإن كانت ممكنة أو قابلة للتطبيق في أجهزة الكمبيوتر، إلا أنها صعبة التطبيق أو مستحيلة في الأجهزة الشخصية كالآيباد والهواتف الذكية. فأي اشتراك تريد بعض ربات البيوت من أزواجهن أن يسمحوا به في تلك الأجهزة؟ هل ستكون حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي متاحة لأفراد الأسرة؟ وهل سيتواصل أي منهم مع أصدقاء ذلك الرجل ومعارفه؟ يبدو أن بعض المشاركين في تلك الاستفتاءات لا يعرفون طبيعة تلك الأجهزة الذكية، ولا تطبيقاتها من البرامج أو وسائل التواصل، أو أن فيهم من «العبط» ما يجعلهم يحددون تلك السمة شرطاً لقبولهم باستخدام الرجل لأجهزته في المنزل، أو غرفة النوم على وجه التحديد. تذكرت تلك الأوضاع والقصص، التي يطرحها الناس في بعض هذه البرامج، على أنها من الوسائل المتاحة حديثاً، والتي يجب استغلالها كأي فرصة عابرة في الحياة. بل إن بعض الناس أصبح يتسول ويسوق بضاعته أو شعره أو أدويته الشعبية وخزعبلاته أو طبخاته الشعبية بواسطة أي من وسائل التواصل الاجتماعي؛ حتى إن بعضهم أحياناً قد يوهم الآخرين بأنهم يحصلون على أجر إن نشروا له تلك الدعاية، أو انهم يدعمون المنتجات الوطنية، ويهيئون لمقاومة البطالة. فكل ما يحتاجه بعض البارعين في الخداع هو انتقاء عبارات بليغة من واقع التفكير الشعبي المحلي، واستخدامها بأسلوب بسيط يوهم بصدق ظروف الواقع الذي يجري الترويج له. ويرفق مع تلك الحيلة رقم اتصال أو اسم منتج، لتصبح دعاية مجانية، قد يكون المنتفعون منها لا علاقة لهم بالمحلية، ولا بأصحاب البطالة، أو الشباب والشابات الباحثين عن عمل والباحثات. إنها سذاجة التصديق، التي كانت تجعل الناس يغدقون العطاء لمن وقف في صحن مسجد حاملاً ورقة فيها شيء مكتوب، لا يعرف أحد محتواه إلا من خلال عبارات الاستجداء المنتقاة بما يناسب طبيعة المصلين وطيبتهم، وتراحم الناس واشفاقهم على من يتعرض لمكروه، كالذي يصفه صاحب الورقة العريضة، التي قد تكون صورة من صك منزل أو عقد زواج، ولا علاقة لها بسجن أو حوادث أو حالات إعسار. فما الذي يجعل الناس يقعون باستمرار في مطبات انحراف التفكير عن منطقه السليم؛ سواء بسذاجة التصديق أو التفكير السطحي في مثل تلك الحالات؟ إنه صراع «الحق مع «الحرية»؛ لكن الأولويات هي ما يفترض أن يعتنى بها في مثل هذه الحال، سواء كان الأمر بين زوجين، أو بين الوالدين وأولادهم .. ولنا في ردود أفعال الجيل الجديد ما يغني عن التفكير في «الحق»، والرضا من الغنيمة بالإياب!