تطرح اجواء الغموض والصعوبات التي تحيط بحركة الاصلاحات التي ينفذها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في اجهزة الامن الفلسطينية السؤال حول النفوذ الذي لا يزال يتمتع به عرفات. وقد اعلنت اسرائيل على لسان مسؤول رفيع في قيادة اركانها انها تعول على تهميش تدريجي لعرفات وحلول فريق جديد في الحكم في غضون ستة اشهر. وقد بدأ الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني منذ اسبوع وبصعوبة عملية اصلاح في الاجهزة الامنية التابعة له في ظل ضغوط دولية تتهمه بعدم الفاعلية في مكافحة العنف. غير ان عملية الاصلاح هذه تشهد عقبات تترافق مع نشر معلومات احيانا تكون متناقضة وكثيرا ما تواجه بنفي ونفي مضاد. وأمس الاثنين، كان الشك لا يزال يحيط بمصير العميد توفيق الطيراوي مدير المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية بعد ان اعلن مصدر مقرب من الرئيس الفلسطيني اقالته قبل ان ينفي اللواء امين الهندي رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية النبأ ثم ينفيه الطيراوي نفسه. وقال الطيراوي: هذه حملة اسرائيلية مستغربا انشغال الاعلام بنبأ اقالة المسؤولين الفلسطينيين غافلا عن حصار الرئيس عرفات المستمر منذ اسبوعين. واضاف: ان الاسرائيليين يضعون الفلسطينيين في دوامة اقالة المسؤولين وردود الفعل لارباك الشارع الفلسطيني. والاسبوع الماضي، اثار قرار اقالة قائد الشرطة الفلسطينية اللواء غازي الجبالي ورئيس جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية العقيد جبريل الرجوب حركة احتجاج واسعة قبل ان يعود المسؤولان ويعلنان احترامهما لقرار عرفات. ومنذ ذلك الحين، نظم ضباط اوفياء للرجوب تظاهرات احتجاج مؤكدين انهم لن يعترفوا بسلطة خليفة الرجوب. ولا يرى الخبير في الشؤون السياسية علي الجرباوي من جامعة بيرزيت في ما يجري مؤشرا على تفكك النظام. وقال ان عرفات بات ضعيفا ولكنه ليس بالتأكيد خارج اللعبة وهو يتعرض للمزيد من الانتقادات من جانب الفلسطينيين الذين يأخذون عليه ادارته لكن دعمهم له في ازدياد مستمر في وجه العمليات الاسرائيلية الراهنة، اننا نعيش حالة انفصام شديدة. وقد اكد رجال الرجوب انفسهم ولاءهم للزعيم الفلسطيني الذي لا يزالون يعتبرونه رمزا لهم. ويشرح الجرباوي: يعتبرون عرفات مصدر الشرعية، فالفلسطينيون يعيشون في نظام سياسي يقوم على الارث حيث التأثير الرئيسي للشخصية وليس للمؤسسات، هؤلاء الضباط لا يحبذون قراره لكنهم لن يتحدونه. وفي هذا الوقت، تواصل الحكومة الاسرائيلية عملية اعادة احتلال الاراضي الفلسطينية مدعومة بموقف الرئيس الامريكي جورج بوش المؤيد لاستبعاد عرفات. وأوردت صحيفة هآرتس امس الاثنين ان رئاسة اركان الجيش الاسرائيلي توصلت الى خلاصة مفادها ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سيستبعد من السلطة خلال ستة اشهر ولن يكون على اسرائيل بالتالي ان تطرده من الاراضي الفلسطينية. ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري كبير ان هناك فرصة كبيرة في ان تتراجع مكانة عرفات خلال ستة اشهر الى حد لا يستطيع معه منع بروز قيادة جديدة براغماتية تقود الفلسطينيين الى تسوية مع اسرائيل. وفي انتظار ذلك، سمح رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لوزير خارجيته شمعون بيرس بلقاء وزيري الداخلية اللواء عبد الرازق اليحيى والمالية سلام فياض. وقد ارتفعت اصوات في اسرائيل تطلب من شارون الافادة من الظرف الراهن لاطلاق مبادرة سياسية. وقال زئيف شيف المحلل في صحيفة هآرتس ان المؤشرات ليست جيدة معتبرا ان الوضع في الاراضي الفلسطينية متقلب جدا وعندما سينفجر سيضر اسرائيل كما عرفات. الحكومة ليس لديها اي مشروع جدي لمواجهة وضع يصبح فيه عرفات مهمشا او خارج اللعبة.