تغص ثانوية رام الله للفتيات بالحركة، حيث تغتنم طالبات شهادة التوجيهية فرصة رفع حظر التجول لاجراء امتحانات التاريخ. ويحاول حوالى 52 الف طالب فلسطيني منذ اسبوعين اتمام امتحانات التوجيهية التي ارجئت مرارا بسبب حظر التجول الذي يفرضه الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية بعد ان اعاد احتلال معظم مدنها الرئيسية، او شهدت بلبلة بسبب القيود المفروضة على حركة التنقل. وعلمت هديل درويش كسائر رفيقاتها من التلفزيون ان موعد امتحانات التاريخ حدد اليوم السبت. وتتساءل الطالبة: كيف يمكن ان ندرس حين نجهل ما اذا كنا سنخضع للامتحان في الغد او بعد عشرة ايام؟ كيف يمكن ان نركز انتباهنا على خلفية زمجرة الدبابات؟ . وتحلم الشابة باتمام دروس في علم الاحياء في الولاياتالمتحدة لان الحياة هنا مزرية . وفي مدن اخرى مثل بيت لحم ونابلس، تخر الطلاب عن اتمام خمسة امتحانات، وسيتحتم عليهم التريث لمزيد من الوقت، اذ ان حظر التجول لم يرفع كما كان منتظرا. ويقول وزير التربية نعيم ابو الحمص انها مهمة مستحيلة. كيف يمكن استقدام المصححين والمناظرين الذين يتحتم ان يكونوا من خارج المنطقة، كيف يمكن ارسال الاسئلة وجمع المسابقات؟ ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية لم يسبق ان شاهدت مثل هذا الضغط على السكان المدنيين . يصل مناظر لاهثا الى الثانوية، وقد تأخر ساعتين عن موعد المسابقة المقرر. فبعد ان انطلق من سلفيت في الساعة السادسة صباحا، امضى عطا شكيح خمس ساعات ليجتاز 40 كلم على متن سيارة اضطر الى استبدالها مرة ومرتين وثلاثا، او سيرا على الاقدام. لكنه يقول مبتسما كمن يستسلم لقدره ماذا تريدون؟ اننا محتلون . ويتحتم على منظمي الامتحانات التكيف مع هذه الظروف الاستثنائية، وان اضطروا الى تقديم تنازلات في ما يتعلق بالصرامة المتوجبة في مثل هذه الاحوال. وتلقت معظم مراكز الامتحانات الاسئلة بواسطة الفاكس، في حين يتحتم عادة تسليمها باليد. وتم حصر الامتحانات في يوم واحد. وتقول اسمى رشدي شاكية لم يتسن لي ان ادرس كل شيء.وكان بعض الطلاب اقل حظا منها حتى. فبعد ان اعتقل شبان من مخيم الامعري في رام الله، افرج الجيش الاسرائيلي عنهم صباح امتحان الجغرافيا. واوضح حسن عامر المسؤول عن الامتحان في ثانوية الفتيان لقد حضروا، لكنهم لم يتمكنوا من المراجعة وليس لديهم اي فرصة للنجاح . ويقول علاء ابو صافية مبديا اسفه الدراسة هي كل ما تبقى لدينا . وهو يرغب في ان يصبح صحافيا ليطلع العالم على القضية الفلسطينية. ويستعرض الوزير حصيلة سنة دراسية مليئة بالنكسات، بين 850 مدرسة اغلقت موقتا، و185 تكبدت اضرارا، وثلاث حولت الى قواعد عسكرية، فضلا عن الاساتذة الذين حوصروا و2500 تلميذ وطالب اصيبوا بجروح. وفي مكتبه الذي تضرر في الربيع خلال عملية السور الواقي الاسرائيلية، تنتشر رائحة الطلاء الجديد. وعلى الجدار علقت لوحة قماشية طرز عليها ليحم الله وزارتنا . وتؤكد عدلا حسن، مديرة ثانوية الفتيات، انها لم تشهد مثل هذه المصاعب خلال ثلاثين عاما من مزاولتها التعليم، بما في ذلك اثناء الانتفاضة الاولى (1987-93)، حين كان الاسرائيليون يحكمون الطوق حول المناطق الفلسطينية في يوم الامتحانات بالذات. لكنها تعبر عن غبطتها وتوضح انني مسرورة لاننا تمكنا من تنظيم هذه الامتحانات واثبتنا ان في وسعنا مواجهة الاوضاع . غير ان المصاعب لم تنته بالنسبة للطلاب الذين ما زال يتحتم عليهم الخضوع لامتحانات الرياضيات الاثنين اذا ما رفع حظر التجول. وتقول نورا نبيل (18 عاما) نشعر وكاننا في حديقة حيوانات. يدعوننا نتنقل او يفرضون علينا الحصار حسب مشيئتهم . وتضيف مبدية اسفها ابن عمي في القدس انهى امتحاناته وهو يمضي عطلته على الشاطئ في حيفا (شمال فلسطينالمحتلة من اراضي 1948م). ويمكن لفلسطينييالقدسالشرقيةالمحتلة التنقل بحرية في الاراضي المحتلة عام 1948 التي يطلق عليها اسرائيل غير ان نورا لا تحظى بهذه الفرصة، اذ انها تعيش في رام اللهالمحتلة. وهي تعرف تماما كيف ستمضي الصيف سابقى في المنزل. ماذا عساي افعل غير ذلك؟