بدأ الإيرانيون اليوم الجمعة الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس جديد في انتخابات من المرجح أن يفوز بها قاضٍ مناصر بقوة للمؤسسة الدينية رغم توقع امتناع أعداد كبيرة عن التصويت وسط استياء من الوضع الاقتصادي الصعب وحكم غلاة المحافظين ومع الضبابية المحيطة بمساعي إيران لإحياء اتفاقها النووي في 2015. بالاضافة لتزايد الفقر في الداخل بعد سنوات من العقوبات الأمريكية، يرى محللون إيرانيون أن المشاركة في الانتخاب بمثابة استفتاء على أسلوب تعامل الزعامة مع سلسلة من الأزمات. وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لصفوف طويلة أمام مراكز الاقتراع في عدة مدن. نجوم آفلة وتشير التوقعات إلى أن رئيس الهيئة القضائية المتشدد إبراهيم رئيسي، 60 عاماً، الحليف المقرب من خامنئي سيخلف الرئيس حسن روحاني الذي يمنعه الدستور من الترشح لفترة رئاسة ثالثة من 4 أعوام. ومن شأن فوز رجل الدين الشيعي أن يؤكد أفول نجم ساسة براغماتيين من أمثال روحاني الذي أضعفه قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض عقوبات في خطوة قوضت التقارب مع الغرب. لكن مسؤولين إيرانيين يقولون إن هذا لن يفسد مسعى إيران لإحياء الاتفاق، والتخلص من عبء العقوبات النفطية والمالية القاسية، إذ أن المؤسسة الدينية الحاكمة تدرك أن مستقبلها السياسي يعتمد على معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وقال مسؤول حكومي: "التحدي الأساسي أمام رئيسي هو الاقتصاد. ستندلع احتجاجات حتما إن أخفق في علاج الأزمة الاقتصادية". وتشير استطلاعات الرأي الرسمية إلى أن نسبة المشاركة قد لا تتجاوز 41%، وهي نسبة تقل كثيراً عن الانتخابات السابقة. شرعية للدعم تحت وطأة التضخم المتصاعد والبطالة المتزايدة، تحتاج الزعامة الدينية لنسبة مشاركة عالية لدعم شرعيتها التي تضررت بعد سلسلة احتجاجات على استشراء الفقر، والقيود السياسية منذ 2017. والمنافس الأبرز لرئيسي هو محافظ البنك المركزي البراغماتي السابق عبد الناصر همتي، الذي يقول إن فوز أي متشدد، سيؤدي إلى مزيد من عقوبات القوى الخارجية. وقال في الحملة الانتخابية إن إيران يمكنها إجراء محادثات مع الولاياتالمتحدة إن التزمت واشنطن "بتعايش إيجابي" مع طهران. ويحظى رئيسي بدعم الحرس الثوري، وهو مؤسسة قوية عارضت على مر السنوات المبادرات الإصلاحية، وأشرفت على قمع الاحتجاجات واستخدمت قوى بالوكالة لإبراز نفوذ إيران الإقليمي. ويقول رئيسي إنه يدعم المحادثات مع القوى الست الكبرى لإحياء الاتفاق النووي الذي وافقت إيران بمقتضاه على تقييد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات. لكن رئيسي، الذي يشارك خامنئي شكوكه في الوفاق مع الغرب، يقول إن أي إحياء للاتفاق لن يتسنى إلا من خلال حكومة قوية. انتهاكات وعقوبات ورئيسي الذي عينه خامنئي رئيساً للسلطة القضائية في 2019 يتهمه معارضوه بانتهاك حقوق الإنسان على مدى عقود، وهو ما ينفيه مناصروه. وبعد بضعة أشهر من تعيينه، فرضت الولاياتالمتحدة عليه عقوبات بتهمة انتهاك حقوق الإنسان بما يشمل إعدام معتقلين سياسيين في الثمانينات، وقمع اضطرابات في 2009، وهي أحداث لعب فيها دوراً حسبما تقول جماعات حقوقية. ولم تقر إيران قط بتنفيذ أحكام إعدام جماعية، ولم يتحدث رئيسي علنا عما يتردد عن لعبه دورا في مثل هذه الأحداث.