إعلان صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله عن إصلاح المنظومة التشريعية في المملكة العربية السعودية باستحداث نظام الأحوال الشخصية ونظام المعاملات المدنية والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية ونظام الاثبات بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية. ويتوافق مع التزامات المملكة بالمواثيق والاتفاقات الدولية إنما هو نتيجة طبيعية لسير المملكة العربية السعودية الجاد في تطوير المنظومة العدلية وقد استبشرنا نحن القانونيين بحديث سموه الشفاف والضافي الذي بين فيه أهم مميزات هذه التشريعات الجديدة بما يكفل كفاءة أداء الأجهزة العدلية ويحد بشكل كبير من الأخطاء السابقة التي أنتجت احكام متباينة ، نتيجة عدم وضوح القواعد الحاكمة. مما أطال أمد التقاضي ، دون وجود نص قانوني يسنده وقت أطلعت بنفسي على أحكام ذات وقائع متشابهة صدرت بها احكام متباينة لا ترقى الى أدنى درجات الموثوقية ليس عند المحكوم عليه إنما المجتمع نفسه وإن السبب يعود الى فتح باب الاجتهاد واسعاً لدى القاضي ، وهو ما أوضحه سموه الكريم في خطابه الشفاف ، ما يجعل التنبؤ بالأحكام بعد صدور هذه التشريعات امراً ممكناً بل ان اجتهاد القاضي لن يكون كما قبل ، وهو ما يعني انه اذا كان اجتهاد القاضي مطلقاً ، فهو بعد صدور هذه التشريعات محصوراً بين حدين معلومين أدنى وأعلى لا يتجاوزها اجتهاده ،يوائم بين سلطة القاضي التقديرية والتزامه بمبدأ المشروعية. كما أن نظام الأحوال الشخصية سيعنى بحقوق المرأة والطفل ، ويحول دون أي إجراءات فردية تنتهك حقوقهم. إن خطاب سمو ولي العهد حفظه الله شكل نقلة نوعية لا مثيل لها تدعم بشكل كبير مبدأ المشروعية الذي يُخضع الحكام والمحكومين الى قواعد أمرة موضوعة ومعلومة مسبقاً تتوافق مع أحكام الشرع والنظام تتقيد بها جميع أجهزة الدولة. *أستاذ القانون الإداري المشارك رئيس قسم القانون بكلية العلوم والدراسات بحريملاء