أظهرت إيران مؤشرات على تجاهلها الاحتجاجات الدولية المتزايدة جراء استخدامها عقوبة الإعدام بحق أشخاص اعتقلوا خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة عبر تنفيذ العقوبة بسرعة غير عادية بحق مصارع حظيت قضيته باهتمام دولي، على ما أفاد نشطاء. وأعدمت طهران نويد أفكاري (27 عاما)، المصارع الذي حاز على بطولات وطنية، السبت في سجن عادل أباد بمدينة شيراز في جنوب البلاد بعد إدانته بقتل موظف حكومي على هامش "أعمال شغب" في صيف العام 2018. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حضّ إيران على إنقاذ حياة أفكاري بينما أصرت منظمات حقوقية دولية على ضرورة التحقيق في التقارير التي أشارت إلى أن تم تعذيبه لإجباره على الاعتراف وأنه لا يوجد دليل قاطع على إدانته. ولجأت وكالة الأنباء والتلفزيون "إيريب نيوز" لأسلوب لطالما تم التنديد به في الخارج فبثّت في 5 آب/أغسطس ما وصفته بأنه اعتراف أفكاري، حيث ظهر وهو يعيد تمثيل الجريمة المفترضة. لكن بعض الناشطين أعربوا عن غضبهم من أن القضاء الإيراني لم يأخذ في الحسبان اتهامات، قدمها أفكاري نفسه في شكوى، بأنه تعرض للتعذيب حتى يعترف بأساليب تشمل الضرب وعصر الكحول في أنفه. ويأتي إعدام الشاب الرياضي فيما يخضع استخدام عقوبة الإعدام في إيران، التي تزهق سنويا أرواح أشخاص يفوق عددهم ذاك المسجّل في أي بلد آخر باستثناء الصين، لمزيد من التدقيق بعد أن خرجت احتجاجات مناهضة للحكومة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي. وقال خمسة خبراء حقوقيين تابعين للأمم المتحدة في بيان الاثنين إنّه "أمر مزعج للغاية أن السلطات استخدمت عقوبة الإعدام على الأرجح ضد رياضي كتحذير لسكانها في مناخ من الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة". ووصفت تارا سبهري فار، الباحثة الإيرانية في منظمة هيومن رايتس ووتش، السرعة التي تم بها تنفيذ حكم الإعدام بحق أفكاري بأنها "غير عادية". وحكم على أفكاري بالإعدام في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم في نيسان/ابريل. وقالت لوكالة فرانس برس "جزء على الأقل من النظام… يشعر ان الاستجابة للتنديدات الدولية يعد تراجعا وقد يجعلهم اكثر عرضة للخطر". وتابعت أنّ "هناك أيضا حركة متنامية مناهضة لعقوبة الإعدام داخل البلاد ضد الأحكام الصادرة على صلة بالاحتجاجات". وأضافت "أعتقد أنهم قد يخشون من مسألة أنهم إذا لم يظهروا القوة فإنهم سيبدون ضعفاء". وعلّق القضاء في تموز/يوليو إعدام ثلاثة شبان شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، في مواجهة حملة غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن إيران مضت في آب/أغسطس في إعدام مصطفى صالحي، المدان بقتل أحد أفراد قوات الأمن بالرصاص خلال احتجاجات 2017-2018 في منطقة أصفهان (وسط). وقالت منصورة ميلز، الباحثة في شؤون إيران في منظمة العفو الدولية، إن "المزاج العام بين الإيرانيين يتحول بعيدا عن عقوبة الإعدام" فيما "ينظر العالم برعب" لاستخدام إيران المتزايد لعقوبة الإعدام ضد معارضي النظام. وتابعت أنّ "السلطات الإيرانية تستخدم عمليات الإعدام مثل تلك التي نفّذتها بحق نويد أفكاري كأداة للسيطرة السياسية والقمع لبث الرعب بين العامة". وقال نشطاء إنّ إيران لم تتجاهل شكوى التعذيب فحسب، بل سارعت أيضا إلى تنفيذ الإعدام دون ترك فرصة للمصالحة مع عائلة الضحية. وقال محمود أميري-مقدم، مؤسس منظمة حقوق إنسان إيران غير الحكومية ومقرها أوسلو، "كانت السلطات تخشى أن يؤدي الانتظار لمدة أسبوع إضافي إلى جعل التكاليف السياسية لإعدامه باهظة الثمن"، واصفًا الإعدام بأنه "متسرع". وأوضح أنّ "التفسير المحتمل" هو أن أفكاري كان في حالة سيئة بسبب التعذيب لدرجة أنه تقرر شنقه لتجنب المزيد من الإحراج. وأشار أميري-مقدم إلى أنه تم دفن الرياضي الشاب على عجل في الليل. وذكر خبراء الأممالمتحدة أنّ أسرة أفكاري كانت تسافر إلى شيراز على أمل المصالحة مع أسرة الضحية، وهو إجراء كان يمكن بموجب الشريعة الإسلامية أن يلغي حكم الإعدام. وأضافوا أن هذه العناصر "تشير إلى أن هناك محاولة من قبل السلطات للإسراع بإعدامه". وأعلن القضاء في مدينة شيراز في محافظة فارس في بيان نقله موقع ميزان الإخباري التابع للسلطة القضائية إنه تم اتباع جميع الإجراءات القانونية المناسبة، ونفى تعرض أفكاري للتعذيب وانتقد "المواد غير الصحيحة" المتداولة بشأن القضية. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن أفكاري دين "بالقتل العمد" لحسن تركمان، المسؤول في الهيئة العامة للمياه في شيراز، من خلال طعنه في الثاني من آب/أغسطس 2018. لكن نشطاء أشاروا إلى أنه بعد وفاته (تركمان) وصفه ميزان بأنه أحد أفراد قوات الأمن، مع صور تظهر جنازة حضرها عدد كبير من الناس. وأظهر الاعتراف المفترض الذي بثته "إيريب" أفكاري وهو يصف الحادث ثم يظهر كيف طعن تركمان في ظهره بسكين من قبل شخص، لعب دوره أفكاري، كان على متن دراجة نارية مرّت من المكان. وبحسب وثيقة نشرتها وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان، تقدم أفكاري بشكوى إلى القضاء في 13 أيلول/سبتمبر 2019 قال فيها إنه أُجبر على الإدلاء باعترافات كاذبة تحت التعذيب. وقال تسجيل صوتي نسبه مؤيدون لأفكاري انتشر على نطاق واسع بعد إعدامه "لدي كل أنواع الوثائق التي تثبت براءتي". وتابع "إذا تم إعدامي، يجب أن يعرف الناس أنه في القرن الحادي والعشرين، لا تزال إيران تعدم الابرياء".