ثمة أمر لابد من التنويه إليه قبل التطرق لمفهوم وواقع المراكز الإعلامية، كي تكون الرؤية واضحة وجلية، وهو انحسار الثقافة التنظيمية، وغيابها عن المشهد الإعلامي، من ثم عدم وعي الرأي العام بها، الأمر الذي تجد معه كثيرا من منسوبي المنظمات في القطاع العام والخاص غير ملمين بأهداف المنظمة التي يعملون لها عدا المهام الإجرائية التي يكلفون بها. ما سبق يؤثر قطعا على الصورة الذهنية المناطة بإدارات العلاقات العامة والإعلام، والتي يجب أن تبدأ بجمهورها الداخلي لتوعيته بثقافة المنظمة. وفي ظل انحسار دور تلك الإدارات واقتصارها على الجانب المراسمي في العلاقات العامة، والمناسباتي في الجانب الإعلامي، تبرز فكرة المراكز الإعلامية باعتبار الصورة الذهنية أولوية إعلامية، على المستوى الداخلي أو الخارجي، فلم تعد حملات العلاقات العامة تجدي نفعا أو تملك ذلك التأثير أمام هذا السيل المعلوماتي الجارف لوسائل الإعلام التقليدي أو الإلكتروني. وليس ثمة مخرج من هذا المأزق إلا بتبني فكرة المركز الإعلامي، على أساس مهني، لا مقاربة اصطلاحية تبرز المسمى وتغيب الفعل، بحيث يحدد هدف المركز الإعلامي بدقة ووضوح، والذي ينبثق بدوره من هدف المنظمة أيا كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، وتحديد الهدف يمكن من تحديد المهام التي يجب أن يقوم بها المركز. هذه المهام وطبيعتها الاتصالية، وفئاتها الجماهيرية المستهدفة، ووسائلها المتطلبة لتعزيز الصورة الذهنية التى تسعى لها، ستحدد الكفاءات والتخصصات البشرية التنفيذية التي ستوكل لها تلك المهام، بحيث يستطيع المركز النهوض بعمل تراكمي فاعل في كل الأحوال وعلى كل المستويات، بأساليب مهنية إقناعية، ترسخ ثقافة المنظمة، وتجعل حملة العلاقات العامة وسيلة من وسائلها، وليست غاية في ذاتها بحيث يحضر الفعل مرسخا للمصطلح. * مستشار تنظيمي وإعلامي