بعد 5 سنوات من اختطافهم، حكمت الميليشيات الحوثية بالإعدام على 4 صحفيين يمنيين في صنعاء، وسجن 6 آخرين، ما أثار عاصفة من الغضب والانتقادات على كافة المستويات: شعبيا ورسميا وحقوقيا، وسط دعوات للأمم المتحدة بالتدخل. محامي المختطفين، عبد المجيد صبرة، قال إن المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، الخاضعة للميليشيات الحوثية في صنعاء، عقدت جلسة من دون حضور الدفاع، وقضت بإعدام الصحافيين عبد الخالق عمران وتوفيق المنصوري وحارث حميد وأكرم الوليدي، ووضع هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم راوح الشهاب، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وصلاح القاعدي، تحت رقابة الميليشيات لمدة 3 سنوات، بعد المدة التي قضوها في سجون الجماعة. وكانت جماعة الحوثي اختطفت الصحافيين العشرة من أحد فنادق صنعاء في يونيو 2015، وأخضعتهم للتعذيب الجسدي والنفسي في معتقلاتها، قبل أن تحيلهم للمحاكمة بتهم "الخيانة" و"التخابر" مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها. وتأتي الأحكام الحوثية بالإعدام ضمن مئات الأحكام الأخرى في الفترات الماضية التي قضت بإعدام سياسيين وناشطين وقيادات عسكرية في الحكومة الشرعية وبرلمانيين ووزراء، على رأسهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر ورئيس البرلمان سلطان البركاني. وأثارت الأحكام الصادرة أمس غضب الحكومة الشرعية، إذ أدانها وزير الإعلام معمر الإرياني ووصفها بغير القانونية، وبأن المحاكمة "شكلية لم تتوافر فيها شروط العدالة والنزاهة". وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص "باتخاذ موقف واضح وصريح من هذا التصعيد الخطير الذي يأتي في ظل دعوات التهدئة وخفض التصعيد والدفع بإجراءات بناء الثقة"، وقال إن "الميليشيات الحوثية لا تؤمن بنهج الحوار ولا تفقه لغة السلام ولا تأبه لمعاناة اليمنيين". ووصفت نقابة الصحافيين اليمنيين أحكام الإعدام الحوثية ب"التعسفية"، وقالت إن المحكمة "غير مختصة"، مؤكدة في بيان رسمي أنها ترفض "الحكم الجائر والمتعسف لحرية الرأي والتعبير". وعدت النقابة هذه الأحكام الحوثية "استمراراً لمسلسل التنكيل والجرائم التي ارتكبت بحق الصحافيين ابتداء بالخطف والإخفاء مروراً بالتعذيب وظروف الاعتقال القاسية والتعامل معهم خارج ضمانات ونصوص القانون وحرمانهم من حق التطبيب والزيارة، مروراً بالإيذاء النفسي لهم ولأسرهم والتوحش المتخذ تجاه مهنة الصحافة والعاملين فيها". وذكرت النقابة أنها "وهي تعايش معاناة هؤلاء الصحافيين وأسرهم منذ بداية اختطافهم، تعمل جاهدة لإيقاف الظروف القاهرة لاحتجازهم والعنف الذي طالهم من قبل جماعة الحوثي التي تعاملت بكل شراسة معهم، إلا أن كل مساعي الإفراج عنهم لم ترَ النور لدى جماعة تبدي موقفاً صلفاً تجاه حرية الرأي والتعبير". وأضافت بالقول: "أن يأتي هذا الحكم الجائر في الوقت الذي تطالب فيه النقابة والاتحاد الدولي للصحافيين والمنظمات الحقوقية الدولية بضرورة الإفراج عن الصحافيين والمعتقلين خصوصاً مع مداهمة فيروس كورونا للبلد، فإن ذلك يكشف للعالم أجمع التعامل غير الإنساني والضاري الذي تعرض له الصحافيون خلال سنوات الاختطاف والتعسف دون مراعاة لحقوق الإنسان ولا الالتزام القانوني والأخلاقي تجاه المختطفين". ودعت النقابة اليمنية كل المنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب ومكتب المبعوث الدولي الخاص باليمن لرفض الحكم الحوثي الجائر وممارسة الضغوط لإسقاطه وبذل مزيد من الجهود للإفراج عن الصحافيين وإنهاء معاناتهم. في السياق نفسه، ندد مرصد الحريات الإعلامية في اليمن في بيان رسمي بأحكام الإعدام التعسفية الحوثية، وعدها "تسييساً واضحاً للقضاء وإمعاناً من قبل جماعة الحوثي في استمرار سياستها في تكميم الأفواه وخنق الحريات الإعلامية والصحفية، والتنكيل بالصحافيين وقادة الرأي المناوئين لها". يشار إلى أن الحكومة الشرعية كانت ألغت المحكمة والنيابة الجزائيتين في صنعاء بقرار من مجلس القضاء الأعلى في عدن، غير أن الميليشيات الحوثية واصلت تسخير المحاكم الخاضعة لها بما فيها المحكمة المذكورة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين.